فصل النمو والحرارة المتجمعة للنباتات

اقرأ في هذا المقال


ما هو فصل النمو والحرارة المتجمعة للنباتات؟

إن دراسة الحرارة ومعرفة قيمتها الصحيحة على أساس طول فصل النمو وقيمة الوحدات الحرارية التي تتجمع من خلاله تعتبر من أحدث الدراسات التي صادفت قبولاً واضحاً في الأعوام الأخيرة من جانب علماء المناخ والنبات، الذين أخذوا يوجهون إليها اهتمام خاص في كتاباتهم المختلفة، وتمتاز هذه الطريقة عن الطرق التجريبية من عدة نواح أهمها ما يلي:

  • أنها أبسط منها بكثير حتى أنه من الممكن أن يتم تطبيقها بسهولة خلال الدراسات المناخية العامة والتفصيلية على حد سواء؛ لأن كل ما يلزم لتطبيقها هو المعدلات الشهرية لدرجة الحرارة.
  • أنها تحاول أن تدرس العلاقة ما بين درجة الحرارة والحياة النباتية مثلما هي فعلاً داخل الطبيعة.
  • أنها تستند إلى المبادئ التي تم الاتفاق عليها بين أغلب الباحثين في علمي كل من المناخ والنبات ومن أهمها:
    • أن كل نبات يحتاج من أجل يتم نموه ونضجه إلى عدد محدد من الوحدات الحرارية التي يجب أن تتجمع في حياته فوق الحد الأدنى الذي يبدأ عنده هذا النبات في النمو، أي فوق (صفر النمو).
    •  أن كل نبات يحتاج إلى عدد محدد من الأيام التي يجب ألا يقل متوسط درجة حرارتها عن (صفر النمو).
      ولتحديد فصل النمو يجب أن نشير إلى أن فصل النمو كما يفهمه طلاب علم المناخ قد يختلف نوعاً ما عنه في نظر المزارع وطلبة علم الزراعة، وهم الذي يتكلمون في الغالب عن فصل النمو على أنه هو الفترة التي تكون ما بين عمليتي البذر والحصاد، وهذه الفترة كما نعرف تكون مختلفة من نبات إلى آخر، فضلاً عن أنها تتأثر بعوامل ثانية غير درجة الحرارة، فمثلاً في بعض من دول غرب أوروبا من الممكن أن يحدث في بعض السنين أن تًسبب غزارة الأمطار إلى تأخير عمليات البذر والحصاد عن مواعيدها المعروفة عدة أيام أو أسابيع.
      أمَّا في علم المناخ فإن ما نقصده بفصل النمو تلك الفترة من العام التي لا يقل المتوسط اليومي لدرجة الحرارة في خلالها عن (صفر النمو) بالنسبة للحياة النباتية بشكل عام، ويتفق كثير من الباحثين على أن أغلب النباتات التي تنمو داخل المنطقة المعتدلة يبدأ نموها بشكل عام في بداية فصل الربيع عندما يرتفع المتوسط اليومي لدرجة الحرارة إلى 6 درجات مئوية.
      وهذا بالطبع حكم عام حيث لا ينطبق على كثير من الأنواع والفصائل النباتية، فبعض النباتات تستطيع أن تنمو في درجات حرارة أقل أو أعلى بكثير من هذا الحد، فحين يبدأ القمح مثلاً نموه عندما ينخفض المعدل اليومي إلى 3 درجات مئوية، نجد أن الذُرة والقطن لا يبدأ نموهما إلا إذا ارتفع معدل الحرارة إلى 13 درجة مئوية بالنسبة للأول و17 درجة مئوية بالنسبة للثاني.
      ويجب أن نوضح أيضاً إلى أن هناك تحديداً آخر لفصل النمو يتم استخدامه بشكل خاص داخل البلاد التي تهتم بزراعة النباتات الحساسة التي لا تتحمل الصقيع، ومن أشهرها الخضراوات وكثير من أنواع الفواكه والنباتات ذات الزهور فكثيراً، وظهور صقيع شديد يسبب في وقف نمو هذه النباتات أو هلاكها، وفي مثل هذه البلاد يحدد فصل النمو في العادة بالوقت الذي لا يحتمل أن يظهر خلاله صقيع من هذا النوع، وهذه الفترة تكون في الغالب أقصر من الفترة التي لا يقل المتوسط اليومي لدرجة الحرارة في أثنائها عن 6 درجات مئوية.
      حيث يقصد بالصقيع بمعناه الضيق هو مادة ثلجية بيضاء التي تظهر على سطح الأرض وما عليه من أجسام مختلفة، بشرط أن تكون هذه المادة قد تكونت بسبب انخفاض درجة الحرارة إلى ما دون نقطة التجمد بشكل مفاجئ، حيث يترتب عليه تحول بخار الماء الموجود في الجو من حالته الغازية إلى الحالة الصلبة، طول فصل النمو وعدد أيام الصقيع في لندن، حيث أن الأعمدة السوداء تدل على عدد أيام الصقيع في الشهر، المسافة المحصورة بين نقطتين تقاطع منحنى الحرارة مع خط 43 درجة مئوية و 6 درجات مئوية هي التي تبين طول فصل النمو.
      وكلمة صقيع تستخدم في وقتنا هذا بمعنى أوسع من معناها الأصلي، فهي تطلق الآن على أي انخفاض في حرارة الجو، يؤدي إلى هبوطها إلى درجة الصفر المئوي أو إلى أقل من درجة الصفر حتى ولو لم يسبب هذا الانخفاض إلى ظهور المادة الثلجية البيضاء، ويتم تقدير شدة الصقيع عادة على أساس مقدار انخفاض درجة الحرارة عن الصفر، ويلاحظ أن سرعة الرياح تزيد من شدة البرودة، فمثلاً درجة الحرارة 5 درجات مئوية تكون ذات تأثيراً شديداً وخطراً على النباتات إذا كانت الرياح قوية.
      وحيث أن الصقيع من أخطر الظاهرات الجوية على حياة النباتات، وبالأخص الأنواع الحساسة منها، مثل الأزهار والفواكه والخضراوات، فإن محطات الإذاعة والتلفاز في البلاد التي تتعرض لظهور الصقيع تذيع بشكل مستمر إنذارات للمزارعين في حالة توقع ظهوره في بعض الليالي، وكثيراً ما يلجأ هؤلاء المزارعين إلى إشعال النيران في حدائقهم ومزارعهم لتلافي بعض أخطاره كما هو الحال في الولايات المتحدة.
      ينتشر الصقيع في كل الأقاليم المعتدلة والباردة من العالم، ولو أن مرات حدوثه تتزايد بشكل عام كلما اتجهنا باتجاه القطبين، وموسم ظهوره هو فصل الشتاء، ولكنه من الممكن أن يظهر أيضاً في فصلي الخريف والربيع، وكما أن الصقيع خلال فصل الشتاء لا يهم المزارعين كثيراً؛ لأنه تأتي خلال الفصل الذي يتوقف فيه نمو أغلب النباتات، وبالأخص في الأقاليم الباردة.
      كما أن صقيع فصل الخريف لا يوجد له أهمية كبيرة؛ لأنه يأتي في الغالب بعد أن تكون أغلب النباتات قد أنهت نموها، أو قد تكون على الأقل قد وصلت في نموها إلى مرحلة لا تتأثر فيها بظهور الصقيع، أمَّا صقيع فصل الربيع فهو في الحقيقة أخطر أعداء المزارع في العروض المعتدلة؛ نظراً لأنه يأتي في الفترة التي تكون فيها النباتات بدأت في النمو وتكون الأشجار قد قامت باخراج براعمها.
      ويشتد خطر صقيع الربيع بشكل خاص في الأعوام التي يكون شتاؤها دافئاً؛ لأن كل النباتا، والأشجار يكون نموها وازدهارها في مثل هذه الأعوام في آخر فصل الشتاء وبداية فصل الربيع، أي قبل مواعيدها المعروفة فإذا حدث وظهر صقيع شديد بعد ذلك فإنه يؤدي إلى هلاكها، ممَّا يسبب خسائر كبيرة للمزارع، ففي مصر وغيرها من البلاد العربية كثيراً ما يحدث صقيع شديد في بعض ليالي الربيع، فيؤدي إلى دمار بعض المحاصيل الحساسة مثل محصول الطماطم، ممَّا يتسبب في نقص ما يعرض في الأسواق وارتفاع أسعاره فجأة ارتفاعاً كبيراً.

المصدر: يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعية/2011.محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.


شارك المقالة: