التغيرات التي تحدث أسفل مجرى النهر:
من أحد فوائد دورة المجاري المائية فحص قطعها الطولي من المنبع أو المصدر إلى المصب، أو نقطة التقائه بجسم مائي اَخر. كما يتضح أن أوضح مميزات القطاع الطولي، فهو تناقص مماله من المنبع إلى المصب. وباستثناء بعض عدم الانتظام في أجزاء من المجرى. ولمعرفة كيف تتغير باقي العوامل أسفل المجرى، فإنه يلزم بعض القياسات وتدوين المشادات الدالة على ذلك.
فعند قياس كمية التدفق على محطات بطول المجرى، يلاحظ أن قيمتها تتزايد تجاه المصب، غير أن ذلك متوقع حيث أن المزيد من الروافد تلتحق بالمجرى الرئيسي كلما اقتربنا من مصبه. وبالإضافة إلى ذلك فإنه في المناطق الممطرة تضاف كميات من الماء باستمرار من المياه الباطنية إلى المجرى الرئيسي. وبناءً عليه فإن عرض وعمق المجرى وسرعة مياهه يجب أن تتغير كاستجابة لزيادة حجم الماء داخل المجرى. وقد تبيَّن أن التغيرات في هذه العوامل التي تحدث أسفل المجرى تتفاوت بطريقة مماثلة لما يحدث عندما يزداد التدفق في مكان ما على طول المجرى، أي أن المجرى يزيد بانتظام في العمق والعرض والسرعة.
ومن الأمثلة على ذلك وجود المغيرات بجزء من نهري الميوسري والمسسبي. والزيادة في تدفق الماء أسفل المجرى تتضارب والمفهوم العام عن المياه المتدفقة بالمسال الجبلية من جهة والأنهار العرضيه الرائقة في المناطق المنبطة من جهة أخرى، ففي الوقت التي تظهر فيه المجاري الجبلية وكأنها السيل الجارف، فإن معدل سرعتها غالباً ما تكون أقل من سرعة الماء بالقرب من المصب.
ويعزى هذا الاختلاف إلى نظام الصرف بالقناة الأكثر اتساعاً أسفل النهر. وعند بداية المجرى حيث الانحدار الشديد يتدفق الماء في مجرى ضيق نسبياً ومزدحم بالجلاميد الصخرية؛ ممَّا يعيق حركته ويدفعه في اتجاهات مختلفة. وبعد مسافة أسفل المجرى يقل حجم مواد القاع؛ ممَّا يقلل من مقاومة التدفق بالإضافة إلى أن اتساع المجرى وزيادة عمقه تزيد من ملاءمته للزيادة في كمية التدفق. وباختصار فقد رأينا أن هناك تناسباً عكسياً بين الممال وكمية التدفق، فكلما كان الماء عالياً تناقص التدفق وكلما كان التدفق قوياً تضاءل الممال. وبمعنى اَخر يستطيع المجرى لمائي أن يبقى على سرعة عالية بالقرب من المصب.