العوامل الطبيعية للمناخ الجاف:
إن المناطق الصحراوية تتميز بتِلالها المدببة ووديانها الضيقة المحفوفة بجوانب شديدة الانحدار، كذلك غطائها المكوّن من الحصى أو الرمال، ذلك على عكس المناطق الرطبة ذات الجبال غير المدببة والمميزة بكثرة تعاريج جوانبها. وقد يتخيل زائر الصحراء القادم من المناطق الغزيرة الأمطار، أن تضاريسها قد شكَّلت بفعل عوامل غير التي ألفها. ولكن العكس هو الصحيح، حيث أنها نتاج عمل نفس العوامل ولكن تحت ظروف مناخية مختلفة.
ففي المناطق الرطبة نجد أن السطح تغطيه تُربة دقيقة البنية نسبياً لضمان غطاء نباتي شبه متكامل. وهُنا تكون المنحدرات وحواف الصُخور أكثر دائرية؛ ممَّا يعكس الأهمية الكبرى للتعرية الكيميائية تحت ظروف المُناخ الرطب، حيث أن محصلة التعرية بالصحاري تتكوَّن معظمها من حطام صُخور ومعادن لم يتبدل تركيبها الكيميائي، فإننا نلخّص إلى القول بأن التعرية الميكانيكية هي نسبياً أكثر أهمية بالمناطق الجافة منها في المناطق الرطبة. ويرجع ذلك لعدم وجود الرطوبة وندرة الأحماض العضوية الناتجة عن تحلل النباتات.
والتعرية الكيميائية ليست غائبة كلياً عن المناطق الصحراوية، فعلى المدى الطويل يتكوَّن الطين وطبقة رقيقة من التراب وكثير من معادن السيليكون الحديدية التي تتأكسد مضيفة لوناً صديدياً، يميز البعض من الملامح الصحراوية. وفي معظم الأحوال تفتقر مجاري الأودية في الصحاري إلى المياه. وكثير ما يلاحظ عابر الصحراء الجسور الممدودة فوق مجاري الأودية خالية من المياه ولكن عندما تمتطر في هذه المناطق، فإنها غالباً ما تفوق كمية المياه المتساقطة في وقت قصير ما يمكن أن يتخلل منها إلى باطن الأرض، وفي غياب الغطاء النباتي إنه لا يجود ما يعوق جريان الماء على السطح بسرعة كبيرة كثيراً ما تؤدي إلى ما يُسمَّى بالطوفان المحلي.
فالفيضان في أي نهر قد تمر عدة أيام يصل إلى ذروته وكذلك ليهبط ثانية إلى ما كان عليه، بينما الفيضانات في الصحراء تظهر فجأة وتختفي بنفس السرعة، حيث أن مكونات سطح الأرض غير مثبته بغطاء نباتي فإن التعرية ناجمة عن مثل هذه الأحداث تكون ذات تأثير كبير في الصحراء. وعلى العكس من نظام الصرف المائي بالمناطق الرطبة، فإن مجاري المياه بالمناطق الجافة قلما تتصل ببعضها البعض لتُكوّن روافد لمجرى رئيسي.