معكوسات المغناطيسية الأرضية:
في الوقت الذي قام فيه هاري هس ببلورة آرائه، بدأ الجيوفيزيائيون في القبول بالحقيقة التي تقول أن المغناطيسية الأرضية تعكس وضعية قطبيها دورياً؛ أي أن القطب المغناطيسي الشمالي يصبح جنوبياً والعكس صحيح. ويعزى هذا الانعكاس إلى التغير في شدة المجال المغناطيسي، فقد دلَّت الحاسبات الحديثة إلى أن المجال المغناطيسي قد ضعف بما مقداره خمسة في المائة خلال القرن المنفرط، فإذا ما استمر الحال عليه حوالي ألف سنة فإننا نتوقع أن المجال المغناطيسي يصبح ضعيفاً جداً، أو ربما يتلاشى. وأثناء فترات الضعف هذه ربما تتدخل بعض القوى الخارجية مثل نشاط كلف الشمس (البقع الشمسية) مساهمة في انعكاس المغناطيسية الأرضية.
وبعد عملية الانعكاس هذه يبني المجال المغناطيسي نفسه من جديد في وضعية عكسية. وبناءً على هذه الوضعية الجديدة فإن الصُخور المتكونة خلال هذه الفترة سيكون تمغنطها عكس الاتجاه لسابقتها. وعندما تحسم الصُخور اتجاهاً مغناطيسياً متشابهاً للوضع الحالي، يقال أن لها قطبية عادية. أمَّا الصُخور ذات الاتجاه العكسي فيقال أن لها معكوس القطبية. ولقد أُعيد ترتيب التاريخ القطبي لمجال الأرض المغناطيسي لعدة ملايين من السنين؛ وذلك باستعمال طريقة إشعاع البوتاسيوم “أرغون” لتحديد الأعمار.
ولقد وجد بأن هناك علاقة مباشرة بين انعكاس المغناطيسية وفرضية انفراج قاع المحيط، عندما جرت أجهزة قياس المغناطيسية بواسطة سيفن الأبحاث عبر جزء من قاع المحيط مقلم إلى أشرطة ذات شدة مغناطيسية عالية، في وضع متبادل مع أخرى في شدة مغناطيسية منخفضة ذات اتجاه شمال جنوب تقريباً.
ولم يرد تفسير لهذه الظاهرة حتى سنة 1963، حين ربطها غاين وماثيوس بأفكار هاري هس حول انفراج قاع المحيط، فقد رأى غاين وماثيوس أن الأجزاء ذات شدة مغناطيسية عالية هي المناطق من القشرة المحيطية بها مغناطيسية ذات قطبية عادية. وبالتالي فإن هذه الصُخور ذات المغناطيسية الموجبة تزيد من قوة المجال المغناطيسي الحالي. أمَّا الأجزاء ذات شدة مغناطيسية منخفضة، فهي مناطق من القشرة المحيطية بها مغناطيسية قديمة ذات قطبية معكوسة؛ أي أنها تضعف من المجال المغناطيسي الحالي. ولقد أرجع غاين وماثيوس ذلك إلى أنه عند تكون البازلت الجديد بقمة المرتفعات المحيطية، فإنه يتمغنط بناءً على المجال المغناطيسي لذلك الوقت.