نشأة المنخفضات الجوية

اقرأ في هذا المقال


ما هي نشأة المنخفضات الجوية؟

إن الكتل الهوائية بجميع أنواعها لا تبقى في مناطق نشأتها إلّا لفترة محددة، فبعد ذلك تنتقل وتهاجر بعض الأحيان لمسافاتٍ بعيدة، لهذا كثيراً ما يحدث أن تجتمع هذه الكتل بعضها ببعض، كما يحدث هذا الالتقاء تقريباً على المحيطات، ذلك على طول جبهات تتفق إلى حد كبير مع نطاقات الضغط المنخفض التي تتحرك باتجاهها الكتل الهوائية من اتجاهات مختلفة.
عندما تلتقي كتلتان مختلفتان في صفاتهما يحدث عدم استقرار جوي غالباً يزداد قوته فإذا كان الاختلاف كبيراً بين الكتلتين، خاصة في درجة الحرارة ونسبة الرطوبة وحركة الهواء في كل منهما، كما يحدث في العادة عندما تلتقي الكتل الهوائية المدارية بالكتل الهوائية القطبية، حيث يؤدي هذا الالتقاء إلى حدوث أعاصير ومنخضات جوية قوية وعنيفة في كثير من الأحيان.
كما يجب أن نلاحظ بأنه عندما تجتمع كتلة هوائية قطبية بكتلة مدارية، حيث تبقى كل منهما محتفظة بمميزاتها وصفاتها ولا يختلط هواء الكتلتين بسهولة، إلّا أن الهواء القطبي البارد يكون دائماً أكثر كثافة من الهواء الدافئ، حيث يُسمَّى السطح الذي يفرق بين هواء الكتلتين باسم سطح الجبهات أو سطح الانفصال، فلوت خيلنا أن الأرض ثابتة فإن سطح الانفصال هذا يكون أفقياً، بمعنى أن الهواء الدافئ يصبح فوق الهواء البارد، كما يحدث هذا عندما يتقابل سائلان مختلفان الكثافة، لكن بما أن الأرض تدور حول نفسها بشكل مستمر فإن سطح الانفصال يكون مائلاً على المستوى الأفقي بدرجة تتزايد كلما ابتعدنا عن خط الاستواء.
ولكنها تصل في المتوسط تقريباً 1/100 أي أن سطح الانفصال يرتفع بنسبة واحدة لكل مسافة مقدارها 100 وحدة أفقية، كما أن التقاء كتلتين هوائيتين تختلفان في النشأة والصفاء، ومن الممكن تشبيهه باجتماع جيشين متحاربين على طول جبهة واحدة، فكما يحاول كل جيش أن يقتحم صفوف الجيش الثاني فإن هواء كل كتلة من الكتلتين المتضادتين يحاول باستمرار الاندفاع في منطقة هواء الكتلة الثانية إلّا أن الكتلة الهوائية الباردة تكون دائماً متلاصقة مع سطح الانفصال على شكل موجات تكون كل موجة منها بمنزلة الأساس الأول لأحد المنخفضات الجوية.
كما أن الموجة في البداية تبدأ صغيرة في أول الأمر ولكنها لا تبقى هكذا فتكبر وتتغلغل فوق سطح الانفصال، حيث يؤدي ذلك إلى تكون منطقة من الضغط المنخفض فوق هذا السطح، فالهواء البارد يندفع باتجاه هذه المنطقة محاولاً الوصول إلى مركزها، ذلك في حركة معاكسه في اتجاهها لحركة عقارب الساعة، فلهذا السبب فإن هجومها يكون دائماً موجّهاً إلى مؤخرة الموجة الدافئة، حيث تُسمَّى في بداية الهواء البارد الذي يهاجم الموجة الدافئة في الشكل هذا باسم الجبهة الباردة، أمَّا بداية الموجة الدافئة فقد تُعرف باسم الجبهة الدافئة، أمَّا الموجة الدافئة نفسها فقد تُعرف باسم القطاع الدافئ.
فإن المنخفض الجوي يأخذ بدء تكونه في التحرك من الجهة الغربية إلى الجهة الشرقية، إلّا أن الجبهة الدافئة تكون سرعتها في التقدم عادة أقل بسبعة كيلومترات في الساعة تقريباً من سرعة تقدم الجبهة الباردة؛ ذلك لأن الهواء الدافئ يضيع بعض الوقت في محاولة الارتفاع فوق الهواء البارد، حيث يترتب على هذا الفرق في السرعة أن الموجة الدافئة تضيق في التدريج.
كما يستطيع الهواء البارد في النهاية أن يفصل الجزء المتقدم منها عن الكتلة الدافئة الأصلية، حيث يحدث ذلك عندما يجتمع الهواء البارد الذي في بداية المنخفض الجوي بالهواء البارد الذي في نهايته، فإن انفصال القسم المتقدم من الموجة الدافئة بهذا الشكل يُعتبر المرحلة النهائية من مراحل المنخفض الجوي وهي المرحلة التي تُسمَّى باسم مرحلة الامتلاء وفيها يبدأ الهواء البارد في السيطرة على المنطقة بشكل نهائي، حيث يستمر باندفاعه باتجاه الجزء المحصور من الهواء الدافئ حتى يطرده إلى أعلى الجو، فبهذا الشكل ينتهي المنخفض.
كما يوجد هناك نوعين مختلفين من الامتلاء الأول دافئ والثاني بارد، كما يحدث الامتلاء الدافئ إذا كان الهواء الذي في أول المنخفض أشد برودة من الهواء البارد الذي في نهايته، فالذي يحدث عندما يلتقيان هو أن يرتفع الهواء الأخير فوق الهواء الأول، كما يحدث ذلك عندما يرتفع هواء كتلة حارة فوق هواء كتلة أخرى، أمَّا الامتلاء البارد يحدث إذا كان الهواء البارد الذي في نهاية المنخفض أفوى برودة من الهواء البارد الذي في المقدمة فبدل أن يصعد فوقه، كما يحدث في الامتلاء الدافئ فإنه يندفع تحته.

المصدر: يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.حسن أبو سمور/الجغرافيا الحيوية/1995.يسرى الجوهري/اسس الجغرافية العامة/1977.سامح غرايبة/المدخل الى العلوم البيئية/1987.


شارك المقالة: