متحف أحمد شوقي

اقرأ في هذا المقال


منزل أحمد شوقي:

بنى أحمد شوقي المنزل بعد عودته من المنفى في عشرينيات القرن الماضي. أطلق عليه اسم شاعره المفضل ابن هاني العباسي المعروف بأبي نواس، حيث إنه كان قصرًا كبيرًا مطليًا باللون الأبيض محاطًا بحدائق مشذبة بشكل جميل تصطف على جانبيها الأشجار.

كرمة ابن هاني هو الاسم الذي أطلقه أحمد شوقي على المنزل الذي اشتراه عام 1914، حيث كان المنزل يقع في ضاحية هادئة من ضواحي القاهرة، وذلك في جو من الصفاء والهدوء الرومانسي، لقد كان المنزل يقع في وسط حديقة واسعة ورائعة، تتناثر فيها الأشجار دائمة الخضرة، أقدمها صفصاف بأغصان متشابكة، كما كان السبب الحقيقي لاختيار شوقي لهذا الموقع هو قربه من قصر القبة، المقر الملكي للخديوي عباس في مصر، كما كان الخديوي والشاعر صديقين حميمين للغاية، حيث كان شوقي يستمتع حقًا بقضاء معظم أوقات فراغه بصحبة الخديوي.

على الرغم من أن المنزل كان بالفعل كبيرًا جدًا، خاصة بالنسبة لعائلة شوقي المكونة من الشاعر وزوجته وابنته وولدين فقد تم إضافة ملحق، وفي هذا الملحق قام شوقي بتخزين الأثاث العتيق والأشياء الأخرى التي حصل عليها الشاعر من مبيعات المزاد العلني كونها إحدى هواياته المفضلة. يتكون المنزل من عدة غرف: ثلاث غرف طعام وخمس غرف جلوس بألوان مختلفة مثل الغرفة الحمراء أو الخضراء أو البيضاء

متحف أحمد شوقي:

يقع متحف أحمد شوقي في حديقة بها العديد من المنحوتات البرونزية الفريدة، وهناك تمثال برونزي كبير للشاعر من قبل النحات جمال السجيني تم تركيبه للاحتفال بالذكرى الخمسين لوفاته.

كما أن العروض كانت في طابقين؛ ففي الطابق الأرضي جناح مخصص لأعمال المطرب والملحن محمد عبد الوهاب، حيث يحتوي الطابق الأرضي أيضًا على مكتبة شوقي التي تحتوي على 332 كتابًا ومسودة ومخطوطة للعديد من أعمال الشاعر. يحتوي الطابق العلوي على غرف خاصة محفوظة جيدًا لعائلة شوقي ومجموعة من الصور واللوحات والتحف، كما أنه ملتقى للشعراء والكتاب، ويتم عقد جلستين شعريتين كل شهر، كما أنه بمثابة مركز يروج للفنون والآداب في المدينة.

إلى جانب ذلك فإن المتحف كان محاط بحديقة خضراء، حيث وُضعت هنا وهناك تماثيل برونزية للكروبين الحاملين للشعلة التي تمثل رسل الفكر والثقافة حاملين مشاعل التنوير. وبمجرد دخولك للمتحف فستواجه تمثالًا كبيرًا للشاعر، حيث أنشأه النحات المصري الراحل جمال السجيني، كما تم وضع هذا التمثال في هذا المكان في كرمة ابن هاني قبل 14 عامًا في حفل بمناسبة إحياء ذكراه.

حيث أمرت الحكومة الإيطالية في عام 1962 بإقامة هذا التمثال في حديقة بورغيزي روما إيطاليا جنبًا إلى جنب مع تماثيل عدد من كبار عباقرة العالم. تم صنع التمثال تقديراً للمكانة المرموقة للشاعر أحمد شوقي وسمعته العالية ليس فقط في مصر والعالم العربي، ولكن أيضًا في جميع أنحاء العالم. تم الكشف عنها في حفل رسمي كبير حضره وزيرا الثقافة المصري والإيطالي آنذاك، ورئيس بلدية روما والنحات سجيني ومجموعة من الفنانين والشعراء والكتاب العرب والأجانب.

الدور الأرضي:

جناح محمد عبد الوهاب في الطابق الأرضي يضم مكتبة أحمد شوقي، والتي بها 332 كتابا في مجالات مختلفة من الفنون والآداب. تحتوي بعض المجلدات على مسودات مخطوطات لقصائد كتبها الشاعر بخط اليد على ورق عادي وأغلفة كتب. يحتوي هذا الطابق أيضًا على جناح المطرب والملحن آنذاك محمد عبد الوهاب.

إن موهبة عبد الوهاب كانت موضع تقدير الشاعر حقًا، حيث كان يعتقد أن الثروة هي البيئة المناسبة للفن الجيد. لهذه الأسباب قام بدور الراعي الفني والاجتماعي لمحمد عبد الوهاب واستضافه بالفعل في منزله، وكان هذا الجناح مكانًا للعديد من الأغاني الرائعة التي أنشأها كل من الشاعر والملحن. وفي كثير من الأحيان، تم إجراء التدريبات على تلك الأغاني في الجناح.

كما يضم هذا الطابق مكتبة صوتية عالية الجودة تحتوي على تسجيلات لجميع الأغاني التي كتبها شوقي ونطق عبد الوهاب، بالإضافة إلى أغاني المطربة الكبيرة “نجمة الشرق” أم كلثوم. في هذا الطابق توجد غرف للقراءة والاستماع وصالة استقبال بالإضافة إلى مدخل القصر، بها أرائك وسجاد ومرايا بإطارات مطلية بالذهب تتميز جميعها بالفخامة والثراء.

يضم الطابق العلوي غرفة نوم (Poet-Laureate) التي لا تزال سليمة، حيث إن ورق الحائط الذي ظل موجودًا منذ أكثر من ثمانين عامًا حتى الآن، لا يزال يحافظ على ألوانه الأصلية. لا تزال المقاعد في الزوايا، وسرير الشاعر بعموده النحاسية العالية ومنضدة الزينة وصور آل شوكيس معروضة كلها، حيث إن المكان موحٍ وممثل للغاية، بحيث يمكن للزائر أن يشعر بسهولة بالمنزل القديم، حتى أنه يمكن للمرء أن يتخيل الحياة الحقيقية للشاعر في المنزل، حيث إنه كان يجلس في زاوية الغرفة يكتب الشعر في مزاج من التأمل العميق وينظر إلى النيل المتدفق باستمرار من نافذته.

نفس الطابق يحتوي على غرفة السيدة خديجة هانم شاهين زوجة الشاعر، كما يقع مكتب الشاعر في موقع مركزي مقابل الدرج بأثاثه القديم الذي لا يقدر بثمن، وهناك كرسي بذراعين للمكتب أنيق بقاعدة نصف دائرية ووحدة زينة على شكل قيثارة في الخلف. زُيّنت زوايا المكتب بتماثيل كروبيم نحاسية. المكتب نفسه مرتفع على أقدام نحاسية على شكل حيوان، كما أن جميع قطع الأثاث مصنوعة من خشب الماهوجيني، وأمام الحائط تقف خزانة الكتب الخشبية المزججة بشكل رسمي.

بجانب الدراسة توجد غرفة تُعرض فيها شارات الشرف الممنوحة للشاعر، كما تضمنت بعض الهدايا والوثائق التي قدمت للشاعر بمناسبة تتويجه شاعرًا فائزًا، ولا يزال زيه الرسمي الأنيق يحتفظ به في واجهة عرض زجاجية، تذكرنا بالتكريم المرتبط بالمناسبات والأحداث التي استخدم فيها الزي الرسمي.

بعد ذلك توجد غرفة تحتوي على أكثر من 713 مخطوطة ومسودة لنثر وكتابات الشاعر، كما يحتوي المتحف على مجموعة من اللوحات الزيتية والتحف الأثرية وصور الشاعر وعائلته وأقاربه وبعض الأصدقاء وكبار الشخصيات.

كما أن مركز النقد والإبداع من السمات المميزة لكرمة ابن هاني الجديد، من خلال هذا المركز يمكن للمتحف بشكل مثالي أن يؤدي دوره كمصدر للافتراء الثقافي، استمرارًا للدور الذي كان يؤدَّى خلال حياة الشاعر. وفي إطار مخطط التجديد المكتمل تم إنشاء مركز للنقد والإبداع في الطابق السفلي، وهي تتألف من قاعة اجتماعات وقاعة محاضرات ومنطقة انتظار ومكتبة كبيرة يسهل وصول القراء إليها. يمكن للزوار أيضًا حضور الندوات التي تتضمن تحليلات نقدية للأعمال الفنية والرسائل والشعر، كما أن المركز الذي هو في الواقع ملتقى الكتاب والمفكرين والفنانين في مصر والعالم العربي، يعمل على النهوض بالفنون والآداب بالإضافة إلى تكامل الفنون.


شارك المقالة: