ما لا تعرفه عن متحف البيمارستان النوري:
يقع متحف نوري بيمارستان في قلب دمشق، وهو واحد من ثلاثة بيمارستانات تشتهر بها المدينة، والتي بناها الملك العادل نور الدين زنكي، وخصصها كمستشفى للمحتاجين والفقراء، ومن ثم تحولت إلى واحدة من أشهر المستشفيات ومدارس الطب والصيدلة في الدول الإسلامية، حيث تخرج منها كبار الأطباء مثل ابن سينا والزهراوي.
الموقع الجغرافي لمتحف البيمارستان النوري:
يقع في قلب مدينة دمشق القديمة في الحريقة جنوب غرب الجامع الأموي شرق سوق الحميدية.
لمحة تاريخية عن متحف البيمارستان النوري:
يعتبر البيمارستان النوري من أهم المباني التاريخية في مدينة دمشق، وهو واحد من ثلاثة (بيمارستان) شيدت فيها؛ الأول بُني قبله وكان يُعرف باسم (البيمارستان الدقي)، ثم سُمي بالعتيق بعد بناء بيمارستان نور الدين، والآخر بُني في الصالحية البيمارستان القيمري، حيث بناه الملك العادل نور الدين محمود الزنكي عام 543 هـ / 1154 م، حيث كان الأطباء يأتون إليه من جميع البلدان، كما أنه يتسع لأكثر من ألف وثلاثمائة شخص ممن يحتاجون للعلاج، كما أنه كان يحتوي على جميع الأدوية التي قد يحتاجه المرضى.
تشير بعض المصادر التاريخية إلى ردود الفعل المتعددة حول هذ المتحف، وعند الإشارة إلى تقييم المتحف وأعيانه فسيتم الاتفاق على وصف السلوك في وصفات السلوك على الأوراق المالية، إلى جانب ذلك فقد عمل في هذا البيمارستان العديد من الأطباء العرب المعروفين أمثال: ابن النفيس وابن أبي عيسى، كما أنه كان يقدم الأدوية للجميع، حيث كانت الأدوية والمأكل والملبس تقدم مجاناً للمرضى.
ولقد زار ابن جبير البيمارستان المتحف في القرن الثاني عشر، فقال: (يذهب إليه الأطباء كل يوم، ويفحصون المرضى، ويرتبون ويقسمون ما يصلح لهم من أدوية وطعام يناسب كل منهم”.
كما تذكر إحدى المصادر أن المسلمين كانوا قد أسروا إحدى ملوك الفرنج في هذا البيمارستان، وبعد العديد من المشاورات مع مجلس الأعيان تم فك أسر هذا الملك، بشرط أن يتم دفع مبلغ من المال؛ حتى يتم تجهيز البيمارستان بالشكل النهائي.
نبذة عن البيمارستان النوري:
تعرض البيمارستان خلال حقب تاريخية طويلة إلى تغييرات وتعديلات مختلفة، حيث قام الطبيب بدر الدين ابن قاضي بعلبك (والذي كان رئيساً للأطباء والجراحين) في عام “1239” للميلاد والموافق “637” للهجرة بتوسيع البيمارستان، كما أنه أضاف فسحة سماوية ثانية مع خمس غرف.
وفي عام “795” للهجرة قام الصاحب شمس الدين البهناسي بتجديد إحدى قاعاته، وفي عام 803 هـ وعندما استلمه تيمورلنك كان قد دمره وقلبه رأساً على عقب، وبعد رحيله عاد لاستقبال المرضى ولكن على نطاق ضيق، وفي عام 850 هـ استولى الشيخ يوسف الباعوني على البيمارستان، حيث أنه عمر فيه مكانًا عظيمًا معروفًا بها، إلى جانب أنه اشترى أماكن وأضافها إليه.
في العهد العثماني عين نظارته (شوربزة حسن) حيث إنه عمر جامع الياغوشية وخان المرادية، كما أنه أقام طقوسه بعد زوالها وأتى فيه من حسن التنمية حيث طوره، كما تأتي الحلقة من بعض المعطيات المنقوشة التي تم إصلاحها في عهد السلاطين الملك ظاهر بيبرس وقلاوون والناصر محمد البيمارستان، كما استمر البيمارستان على وضعه هذا حتى أوائل القرن الرابع عشر وانتهى عصره بعد بناء المشفى الجديد بدمشق، وغادره أطباؤه العشرون إلى الأبد.
وفي عام “1318” للهجرة تحول البيمارستان إلى مدرسة للبنات في عهد السلطان عبد الحميد، وفي عام 1358 هـ تحول إلى مدرسة تجارية حتى رمم أخيراً عام 1396 هـ، ليصبح بعد ذلك متحفًا للطب والعلوم بين العرب.
الوصف المعماري لمتحف البيمارستان النوري:
يعتبر المدخل الرئيسي للبيمارستان الأثر الأكثر ثراءً في عناصر الواجهات الخارجية، حيث يفتح بالواجهة الغربية، كما أن له باب ذو مصراعين من الخشب، مصفحان بالنحاس، ومزخرفان بالمسامير النحاسية الموزعة هندسياً، وفي أعلى الباب يوجد زخارف جصية جميلة، حيث تشكلت من تسع مداميك من المقرنصات التي تتواجد على شكل الورقة المجوفة.
وقد يكون هذا النوع من الرسومات والتشكيل فن جديد ومستحدث في سورية قد جاءوا به السلاجقة، كما أن تجويف البوابة يُعد أيضا فن جديد، حيث يمكن رؤية الأقواس المؤلفة من سبعة فصوم، كما تتكرر الأقواس الحدودية لسلسلة البوائك الصم مرتين في الداخل ضمن الانحناءات، كما يتخلل تلك المحاريب الصم أعمدة جدارية تتوزع من أعلاها على شكل شجرة النخيل.
كما يوجد بجانب الباب غرفة مربعة التصميم أو الدركاه تُشير إلى مقام الدهليز، كما أن طول ضلعها 5 أمتار، تكون موجودة في جزئين شمالي وجنوبي، وهي مغطاة بقوس مزين بزخارف، كما تُفتح هذه الدركاه من الجهة الجنوبية على فسحة سماوية شبه مربعة أبعادها 20×15م، حيث تتوسطها بركة ماء مستطيلة أبعادها 7×8.5 م، ويحيط بالفسحة أربعة أواوين، حيث تُفتح على جانبي كل إيوان غرفتان وكل فراغات هذا الأثر مسقوفة بالعقود المتقاطعة، وتحمل جدران الدركاه أشرطة كتابية تشير لأعمال الإصلاح التي تمت في العصر المملوكي، كما أنها سُقفت بقبة عالية تغطيها المقرنصات من الداخل والخارج، وتعتبر هذه القبة مع قبة تربة نور الدين القريبة من البيمارستان مثالين فريدين في العمارة السورية.
أما عن إيوانات هذا البيمارستان فقد تُفتح الدركاه على صدر الإيوان الغربي الذي يغطيه قبو برميل مدبب، ويفتح على الصحن بعقد مخموس، وفي الإيوان زخارف من المقرنصات وبابان يفتحان على جانبيه، كما يوصل كل منهما إلى قاعة مستطيلة ويقود كل منهما إلى باب آخر معقود يوصل إلى الفناء، إلى جانب ذلك فقد يعلو كل باب منور من الجص المفرغ بشكل زخارف نباتية.
أما الإيوان الشمالي المقابل فهو مشابه للإيوان الغربي، ويفتح مثله على الصحن بعقد مخموس، أما الإيوان الجنوبي فيتميز بكسوته الرخامية وبمحرابه الرخامي الرائع المسطح والمزخرف والذي يعلوه عقد من الرخام الملون، حيث إنه يكون محمول على عامودين مدمجين، يعلو كل منهما تاجان كورنثيان، كما تحمل الكسوة الرخامية شكل الزنبقة التي تمثل رنك نور الدين.
إلى جانب ذلك فقد يُعتبر الإيوان الشرقي أكبر أواوين البيمارستان، وأبعاده 8×7.5م، حيث كان مخصصاً لجلوس الأطباء وإلقاء المحاضرات، وهو كذلك معقود مثل الإيوان الغربي، كما يعد البيمارستان من أهم العمائر الدمشقية التاريخية التي سبق أن تواجد فيها مشفى ومدرسة للطب.
أما عن أوائل الأطباء الذين عملوا في هذا البيمارستان فهو الطبيب محمد بن عبد الله المظفر الباهلي، والذي توفي في عام “570” للهجرة، حيث عُرف عنه أنه كان يتابع المرضى بنفسه، وكان يزورهم باستمرار ليطئن على أحوالهم، كما أنه كان يكتب للمرضى ما يناسبهم من علاج وأدوية، وبعد أن ينتهي من مراقبة المرضى، يذهب مباشرة إلى مرضى السلطان ويتفقد أحوالهم، وبعد الانتهاء من ذلك يبدأ بإعطاء دروس الطب على الأطباء والصيادلة، ويبدأ بطرح المسائل الطبية.