“Aphrodisias City” وهي واحدةً من أكثر المواقع الأثرية إثارةً في منطقة بحر إيجه، حيث كانت مخصصةً لآلهة الحب أفرودديت، وازدهرت في ظل الحكم الروماني والبيزنطي، وفي عام 2017، دخل موقع أفروديسياس الأثري في قائمة مواقع التراث العالمي من قبل اليونسكو.
تاريخ مدينة أفروديسياس
تأسست مدينة أفروديسياس في القرن الخامس قبل الميلاد، وإزدهرت في عهد الإمبراطورية الرومانية (القرن الأول قبل الميلاد – القرن الرابع الميلادي)، واعترف مارك أنتوني باستقلالية أفروديسياس في القرن الأول قبل الميلاد، وخلال الفترة البيزنطية كانت في البداية مقر رئيس الأساقفة، ثم مطران كاريا، وفي القرن السادس الميلادي، تم تغيير إسم أفروديسياس إلى ستافروبوليس، “مدينة الصليب”؛ لمحو إلهة الحب الوثنية من أذهان الناس، كعاصمةً لكاريا، وسميت أفروديسياس أخيراً كاريا والتي أصبحت بعد ذلك “Geyre” باللغة التركية.
عندما انتشرت المسيحية في جميع أنحاء المنطقة، لم تفقد المدينة أهميتها، حيث حوّل المسيحيون المدينة إلى نوعٍ جديد من أماكن الحب؛ مكان فوضوي، ومع ذلك، عندما توقف الحجاج عن القدوم إلى الموقع، تدهورت المدينة، وفي القرن السابع بعد الميلاد، هز زلزال هائل المدينة بالكامل، ولم تستطع أفروديسياس التعافي مرةً أخرى.
المعالم الأثرية في مدينة أفروديسياس
تحتوي مدينة أفروديسياس مثل أي مدينة يونانية أو رومانية، على مسرح يتسع لـ 8000 شخصاً، حيث يُعتقد أن المسرح لم يستخدم فقط لعرض المسرحيات ولكن أيضاً معارك الحيوانات أو المصارعة، حيث كانت مزينةً بمنحوتاتٍ جميلة للحيوانات والمصارعين التي كانت تسلي السكان المحليين في السابق، ويوجد أيضاً ملعب في المدينة يُقال إنه أحد أطلال الأستاد التي تم الحفاظ عليها جيداً في حوض البحر الأبيض المتوسط بأكمله، حيث كانت في الأساس مرحلة للأحداث الرياضية؛ مثل ألعاب القوى ولكنها استخدمت لاحقاً للكرنفالات والسيرك.
وكشفت الحفريات في مدينة أفروديسياس عن طبقات من الاستيطان تعود إلى العصر البرونزي (حوالي 2800-2200 قبل الميلاد)، كما تحتوي المدينة على معبد أفروديت في أفروديسياس كان يُعرف أفروديسياس في المقام الأول كمركزا للفنون، وتحديداً النحت، وكان لمدرسة أفروديسياس للنحت أسلوباً مميزاً وانتشرت بشكلٍ جيد في جميع أنحاء العالم اليوناني والروماني، كما تم اكتشاف التماثيل ذات التوقيعات المقابلة من إسبانيا حتى ألمانيا الحالية وفي كل مكانٍ تقريباً في العالم الروماني، وكاد وجود أفروديسياس في طي النسيان حتى تلقى الأستاذ التركي الدكتور كينان إريم من جامعة نيويورك منحةً من ناشيونال جيوغرافيك للتنقيب في الموقع في الستينيات، حيث كشفت أعماله الأثرية عن مدينةٍ ذات أهمية كبيرة.
هناك أيضاً منظراً لرباطيلون في مدينة أفروديسياس وهذه الآثار عديدة ومحفوظة جيداً، حيث كان يستخدم كمنزل مجلس من قبل الرومان، وكان يعتبر مركز القوة في المدينة، حيث اجتمعت أغنى العائلات في المدينة هنا لمناقشة مستقبل أفروديسياس، وكان هيكلاً مغطى يشبه المسرح، تصطف على جانبيه مقاعد رخامية تتسع لحوالي 1700 شخصاً بحدٍ أقصى، بواجهة رخامية عمودية من طابقين، وبقي الجزء السفلي من القاعة سليماً، مع تسعة صفوف من المقاعد الرخامية مقسمةً إلى خمسة أسافين بواسطة سلالم نصف قطرية، لقد إنهار للأسف مقاعد الجزء العلوي التي تصل إلى 12 صفاً إضافياً ولا يزال جداراً بيزنطياً يبلغ طوله ميلين يحيط بالمدينة.
كما تم الحفاظ على معبد أفروديت، الذي تم تحويله في النهاية إلى كنيسة مسيحية، بشكلٍ ممتاز، حيث أعاد كنعان إريم بناء “Tetrapylon”؛ البوابة التي كانت تقود الناس إلى معبدهم العظيم، حيث دفن أمامه بإذنٍ خاص من الحكومة بعد وفاته، ولا تزال حمامات هادريان قائمةً بشكلٍ جزئي، ويعد المسرح والملعب من أفضل الأماكن المحفوظة في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث يحتوي المتحف القريب على العديد من التماثيل الجميلة والمنحوتات الشخصية.
أفروديسياس اليوم على بعد 1:30 ساعة فقط بالسيارة من باموكالي وحوالي 2:15 ساعة بالسيارة من أفسس، حيث يوجد في الجوار وعلى طول الطريق المؤدي إلى الموقع العديد من المطاعم الصغيرة، حيث يمكن للزائر تذوق الأطباق المحلية المعدة خصيصاً من زيت الزيتون محلي الصنع.
أهمية حفريات أفروديسياس
توثق الآثار المحفورة لأفروديسياس والمنحوتات المرتبطة بها والنصوص المنقوشة؛ التاريخ الاجتماعي والثقافة البصرية لمدينة قديمة بتفاصيلٍ غير عادية، حيث تلقي أفروديسياس ضوءً قيماً على قضايا أكبر مثل: التفاعل بين الهوية اليونانية والرومانية، وعمل الإمبراطورية والصراع الديني والإقامة، والانتقال من العصور القديمة إلى العصور الوسطى، حيث يحدث ذلك فرقاً كبيراً في فهمنا للعالم القديم.
تم فحص الموقع بشكلٍ مستمر من خلال مشروع جامعة نيويورك الحالي منذ عام 1961، أولاً تحت إشراف البروفيسور الراحل كنان إريم، ومنذ عام 1991 تحت إشراف الأستاذ R.R.R حداد، حيث يركز المشروع الحالي على توثيق وحفظ الآثار التي تم التنقيب عنها سابقاً، وعلى الحفريات الجديدة المستهدفة، وعلى البحث العلمي والنشر.