مدينة أوتيكا في تونس ومعالمها الأثرية

اقرأ في هذا المقال


“Utica city” وتعتبر إحدى أهم وأقدم المدن الأثرية في تونس، حيث تحتل المدينة تلة منخفضة تطل على الأراضي الزراعية الغنية، كما تتميز بطبيعةٍ رائعة من أشجار السرو ومحيطٍ مزهر.

تاريخ مدينة أوتيكا

يعود تاريخ مدينة أوتيكا إلى حوالي 1100 قبل الميلاد قبل مدينة قرطاج بـ 300 عام على يد بعض التجار والمستكشفين من مدينة صور، وتعتبر إحدى أقدم المستعمرات الفينيقية في شمال إفريقيا وسرعان ما أصبحت ميناءً مزدهراً وظلت مهمة ومنافسة لقرطاج لأكثر من ألف عام، تمتعت مدينة أوتيكا بموقعٍ متميز بفضل كونها تقع على بحيرة تونس عند مخرج نهر مجرادة.

وفي عهد الملك حيرام، نمت مدينة صور لتصبح أهم مدينة فينيقية، حيث قام حيرام بإخماد تمردٍ في أوتيكا، ويمكن تأريخ أول دليل أثري على وجود أوتيكا إلى هذا القرن، مما يدل على أنها أصبحت مستوطنة دائمة بحلول عام 700 قبل الميلاد على أبعد تقدير.

بعد ذلك اندلعت الحرب البونيقية الأولى بين روما وقرطاج، وبعد انتهائها حدث تمرداً بين المرتزقة، وأدى إلى سقوط قرطاج وتم فرض حصار على أوتيكا، وأصبحت عاصمة مقاطعة إفريقيا الرومانية وواحدة من أهم مدن البحر الأبيض المتوسط ​​في العصور القديمة.

حيث ازدهرت أوتيكا تحت الحكم الروماني، وأصبحت مرةً أخرى، نقطة تجمع عسكري مهمة في القرن الأول قبل الميلاد عندما أسس بومبي قاعدةً فيها لحملاته الناجحة ضد المريخ،  وظلت المنطقة التي احتلتها المدينة الفينيقية غير مستكشفة حتى سنواتٍ قليلة مضت، ومنذ عام 2010، قام فريق إسباني تونسي بإجراء أبحاث في القطاع الشمالي من المدينة، بجوار الساحل القديم، بنتائجٍ علمية ممتازة، من خلال مشروع أوتيكا، حيث يهدف هذا المشروع إلى البحث عن مدينة أوتيكا الفينيقية البونية وأراضيها في الألفية الأولى قبل الميلاد، وكذلك ترميم المناطق المحفورة وتحويلها إلى مناطقٍ موسعة.

بدأ المشروع في عام 2010 من خلال اتفاقية تعاون مشترك بين المعهد الوطني للتراث في تونس وجامعة ألميريا، والجمعية العلمية لمركز الدراسات الفينيقية والبونية (CEFYP) لفتراتٍ قابلة للتجديد لمدة 3 سنوات، وحتى الآن، تم تنفيذ حملتين للتنقيب الجيوفيزيائي باستخدام GPR أو الرادار تحت الأرض ضمن المشروع في عامي 2010 و 2016، وثماني حملات تنقيبٍ أثرية بين عامي 2012 و 2019، بتمويلٍ من “Ministryio de Cultura de Espana “، ومؤسسة “Palarq” (منذ 2018) وجامعة ألميريا.

المعالم الأثرية في مدينة أوتيكا

تعتبر مدينة أوتيكا إحدى المدن الأثرية المهمة في تونس، والتي تركت أثراً كبيراً من تاريخ الحضارة الرومانية والفينيقية، حيث تم فيها العديد من أعمال التنقيب، حيث تم اكتشاف بقايا ثلاثة مبان فينيقية متراكبة حتى الآن، وتم الحفاظ على بعض الجدران المحيطة بها جزئياً، حيث يرجع تاريخ أقدم مبنيين إلى القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد.

وفي هذه المنطقة تم اكتشاف بئر ماء من القرن التاسع قبل الميلاد، ويحتوي على مجمع مغلق من الخزف الفينيقي والليبي واليوناني والهندسي السرديني وفيلانوفا، بالإضافة إلى العديد من بقايا العظام، والتي تم تفسيرها على أنها بقايا مأدبة جماعية ألقيت في البئر، والتي تم إغلاقها بعد ذلك، كما تم اكتشاف جداراً مهيباً من الأشلار من القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد، والتي قد تنتمي إلى مبنى ضخم.

كما تم اكتشاف جزيرةً رومانية من القرن الأول الميلادي، تم تحديدها بواسطة شوك وديكومانوس، وهي منطقة حضرية وصناعية فينيقية كانت مستخدمة من القرن الثامن قبل الميلاد، وما زالت تحتفظ بفرنٍ خزفي و بقايا النشاط المعدني، وفي القرن الخامس قبل الميلاد.

كانت المنطقة حضرية، حيث تم تحديد العديد من المنازل بشوارعٍ على شرفة على حافة الساحل القديم، وإلى الشمال الشرقي من المنطقة، تم اكتشاف بقايا معبدين ضخمين متراكبين بالقرب من نبعٍ حراري، حيث يرجع تاريخ أقدمهما إلى نهاية القرن السابع قبل الميلاد، والأحدث من منتصف القرن السابع قبل الميلاد إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وجعلت الحفريات من الممكن استكمال مخطط الطابق للمبنى الأحدث واكتشاف العناصر المعمارية؛ مثل أجزاء من الأفاريز المزخرفة والعواصم والأعمدة.

وفي مجال الحفظ والاستغلال في المناطق التي تم استخراج رفاتها من قبل المشروع، بدأ تدعيم الهياكل الفينيقية البونية والرومانية للمنطقة الأولى في عامي 2018 و 2019، ومن المتوقع لعام 2022 استمرار أعمال الترميم والتدعيم في المعابد وإنشاء مركز ترجمة صغير بتركيب دعم تعليمي للزيارة.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: