مدينة سبيطلة في تونس ومعالمها الأثرية

اقرأ في هذا المقال


“SBEITLA” وتعتبر إحدى أهم المدن الأثرية في تونس، حيث كانت مدينة سبيطلة ذات يومٍ مدينةً قديمة مزدهرة، وتعد أطلالها المذهلة من بين أفضل الآثار الرومانية في العالم، حيث تشير أطلال سبيطلة إلى المدينة العظيمة التي كانت قائمة هنا في يوم من الأيام.

تاريخ مدينة سبيطلة

يعود تاريخ مدينة سبيطلة إلى العصر النوميدي في الألفية الأولى قبل الميلاد، وازدهرت في القرن الأول الميلادي، حيث ازدهرت كمسوطنة رومانية، ويرجع ذلك إلى موقعها الإستراتيجي ومناخ البحر الأبيض المتوسط السائد فيها، والذي أثبت أنه مثالياً لزراعة الزيتون، حيث ساعد هذا في الحفاظ على ازدهارها لفترةٍ طويلة بعد انهيار العديد من منافسيها.

إلى جانب ذلك فقد تحولت المدينة إلى مركز مهم للمسيحية بحلول القرن الرابع، وعلى الأرجح، نشأت سبيطلة كحصنٍ خلال الحملات الرومانية ضد المتمردين النوميديين تاكفاريناس (17-24 م)، وأصبحت بلدية تحت حكم الإمبراطور فيسباسيان (69-79)، ومستعمرةً تحت حكم ماركوس أوريليوس (161-180) أو إبنه كومودوس، وأصبحت سبيطلة فيما بعد عاصمة إقليمية للبيزنطية ومعقلاً عسكرياً.

وفي عام 646، أعلن الحاكم غريغوري استقلاله عن الإمبراطورية البيزنطية وسيطر على ما يعرف بتونس الحديثة، حيث كان مستخدماً الاسم المعروف نوميديا، وأعلن نفسه إمبراطوراً وجعل سبيطلة عاصمته، على خلفية ذلك، كما كان التهديد من الشرق هو قوى العرب المسلمين التي كانت تغلق تدريجياً على أراضيه المسيحية، وفي عام 642، حاصر المسلمون طرابلس، حيث لم يبقى في السلطة حتى عام واحد، وفي عام 647 هُزمت قواته بشدة وقتل غريغوري، على الرغم من أن العرب تركوا تونس وحيدة لأكثر من 20 عاماً، فإن هذا يمثل بداية نهاية تونس المسيحية.

المعالم الأثرية في مدينة سبيطلة

تعتبر مدينة سبيطلة إحدى المدن الأثرية والسياحية المهمة في تونس، حيث تعتبر رحلة مثالية لمدة نصف يوم أو يوم كامل، وذلك من خلال شراء التذاكر من المجمع السياحي للمنطقة والمتحف الأثري الذي يطلع على تاريخ المنطقة ويحتوي على مجموعة من الاكتشافات الصغيرة في سبيطلة، وفي ما يلي بعض المعالم الأثرية في سبيطلة.

1. المنتدى الكبير

يعتبر منتدى سبيطلة الجزء الأكثر إثارةً للإعجاب في الموقع بأكمله، والذي يعد أكثر الهياكل الرومانية فخامةً وإثارةً للإعجاب في جميع أنحاء تونس، حيث يحتوي على ثلاثة معابد سليمة تقريباً في الوسط؛ معبد مينيرفا وهو في أفضل حالة، ومعبد جوبيتر بجواره، حيث لا تزال جميع جدرانه قائمة، ومعبد جونو المدمر، ولكن هناك الكثير لمساعدتك على تخيل ما كان يجب أن يبدو عليه في حالته البدائية، وإلى الجنوب من المنتدى يوجد قوس أنتيونيوس بيوس الرائع، مما يخلق فرصة رائعة لالتقاط الصور للمصورين من جميع الرتب.

2. معبد مينيرفا

تم تكريس أقصى الجنوب من المعابد الثلاثة لمعبد مينيرفا، والتي كانت ابنة الإلهين الموقرين في المعبدين الآخرين، حيث كانت تعتبر الإلهة العذراء للمحاربين والشعر والطب والحكمة والتجارة والحرف ومخترعة الموسيقى، ويعتبر معبدها على أنه الأكثر إثارة للإعجاب من بين الثلاثة من الخارج، وهو في الداخل في حالةٍ ممتازة، ولا يزال من المحتمل أن يخيب آمال أي شخص لديه خبرة من المعابد المصرية بسبب بساطته الداخلية.

3. معبد جونو

ويعتبر معبد جونو إلى حدٍ بعيد، الأقل إثارةً للإعجاب من بين الثلاثة الذين يشكلون مبنى الكابيتول، كما أنه الأكثر دماراً، حيث كانت جونو ملكة الآلهة، وزوجة كوكب المشتري وأم مينيرفا، كما كان للكوة في المنتصف تمثال للإلهة لم يتم العثور عليه مطلقاً.

4. البوابة الأنطوانية

وهي عبارة عن قوس يؤدي إلى الفناء المفتوح بني عام 139 قبل الميلاد، ويعتبر من بين أرقى أقواس في أي موقع أثري آخر في تونس، حيث يتميز بالنقوش الرائعة من الداخل، ويضيف تأثيراً دراماتيكياً على الموقع، وهو ما يشهد عليه السطح الخشن للأعمدة الأربعة في المقدمة.

5. الحمامات

يوجد في سبيطلة مجموعةً مختارة من الحمامات الفاخرة والتي يعود تاريخها إلى القرن الثالث الميلادي، بعضها صغير وذو طبيعةٍ خاصة إلى حد ما، والأكثر إثارةً للإعجاب هي الحمامات العظيمة، حيث بقيت أرضيات الفسيفساء الكبيرة سليمةً فيها من الحالة الأصلية، كما تغطي الحمامات الكبرى مساحة 100 مرة 50 متراً، وتتكون من قسمين رئيسيين هما؛ الحمامات الباردة والحمامات الدافئة التي تعتبر مثيرة للاهتمام لنظام التدفئة تحت الأرضية، وهي ترتبط الحمامات أيضاً بالملاعب الرياضية المعروفة باسم “Palaestra”، حيث تشتهر “Palaestra” بفسيفساء الأرضية الجميلة المحاطة برواقٍ مزدوج.

6. أحواض المعمودية

يعتبر حوض المعمودية في كنيسة القديس فيتاليس مهماً جداً للدخول في زيارةٍ إلى سبيطلة، حيث يتميز بشكله الجميل جداً وتفاصيله الرائعة، حيث يعود تاريخه إلى نهاية القرن السادس، كما يوجد بجانبه حوض معمودية آخر، حيث تم بناؤه كجزء من بازيليكا بيلاتور، وهو أقل جاذبية بكثير، لكن لا يزال مشهوراً بأعمدته الأربعة الأصلية، كما أنها أقدم بحوالي 200 عام من تلك الموجودة في بازيليك القديس فيتاليس، كما تعتبر الجدران المحيطة به، إضافةً لاحقة، وذلك عندما تم تحويلها إلى كنيسة صغيرة مخصصة للأسقف يوكوندوس.

7. الكنائس

كانت سبيطلة واحدة من المدن المسيحية الرائدة في العالم حتى وصول الإسلام، وتحتوي على خمس كنائس من بين الآثار الأخرى، ولكن معظمها تقدم القليل من الجدران والأعمدة، والقليل منها ما زال يحتوي على بعض الآثار التاريخية، وتعتبر كنيسة “St Servus” إحدى الكنائس المثيرة للاهتمام لكونها معبد “Numidian” في الأصل، حيث تم تحويل المعبد إلى معمودية، وتم بناء جسد الكنيسة حوله بعد ذلك، كما تقع ثلاثة مبانٍ مسيحية تلو الأخرى إلى الشمال من المنتدى، وتعتبر بازيليك القديس فيتاليس أكبرها، والتي تحتوي على حوض “Baptistry” الرائع في وسطها، والذي يعتبر أروع جاذبية في هذا الجزء من الأنقاض.

8. المسرح

تم إعادة بناء العديد من الأجزاء من المسرح إلى شكله شبه الأصلي، وتمت إعادة بناء الجزء السفلي من المقاعد المتدرجة، حيث يمكن للزائر الجلوس وتخيل أن مسرحية باللاَتينية القديمة تقام أمامه مع النهر والأشجار في الخلف.

9. الحصون البيزنطية

معظم الحصون البيزنطية الواقعة جنوب شرق سبيطلة القديمة ليست حصوناً من أي نوع، فهي تعتبر مثيرةً للاهتمام؛ لأن الكثير من المناطق الداخلية قد نجت في عصرنا، كما أن معظم القلاع البيزنطية الكبيرة في أماكنٍ أخرى في تونس، عادةً ما تكون الجدران الخارجية فيها سليمةً فقط، إلى جانب ذلك فقد يبدو أن حصون سبيطلة الثلاث، قد خدمت أساساً لحماية النخبة في المدينة والدفاع عن المدينة ضد مجموعات صغيرة من المتسللين.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: