مدينة ملاكا في ماليزيا ومعالمها الأثرية

اقرأ في هذا المقال


“Malacca City” وتسمى بمدينة ملقا، وتعتبر واحدة من أفضل الوجهات الشعبية في ماليزيا، والتي إدراجها ضمن قائمة التراث لليونسكو عام 2008، حيث تتميز المدينة بالعديد من المواقع التاريخية الجميلة التي يأتي إليها الكثير من السياح.

تاريخ مدينة ملاكا

يعود تاريخ مدينة ملاكا إلى القرن الرابع عشر من قبل باراميسوارا، حيث كانت تقع في نقطة ذات أهمية استراتيجية هائلة، في منتصف الطريق على طول المضائق التي تربط الصين بالهند والشرق الأدنى، وكانت مدينة ملاكا في وضعٍ مثالي كمركز للتجارة البحرية، حيث نمت المدينة بسرعة، وفي غضون خمسين عاماً أصبحت مركزاً ثرياً وقوياً للتجارة الدولية>

ويبلغ عدد سكانها أكثر من 50000 نسمة، وخلال هذه الفترة من تاريخ ملاكا، تم إدخال الإسلام إلى عالم الملايو، مع وصول التجار الغوجاراتيين من غرب الهند، وبحلول العقد الأول من القرن السادس عشر، كانت ملاكا ميناءً عالمياً صاخباً يجتذب مئات السفن كل عام، وعُرفت المدينة في جميع أنحاء العالم كمركز لتجارة الحرير والبورسلين من الصين؛ منسوجات من ولاية غوجارات وكورومانديل في الهند، كجوزة الطيب وصولجان والقرنفل من جزر الملوك، والذهب والفلفل من سومطرة والكافور من بورنيو، وخشب الصندل من تيمور والقصدير من غرب مالايا.

ولسوء الحظ، وصلت هذه الشهرة في اللحظة التي بدأت فيها أوروبا في توسيع قوتها إلى الشرق، وكانت ملاكا واحدة من أولى المدن التي جذبت عينها الطمع، حيث وصل البرتغاليون تحت قيادة أفونسو دي ألبوكيركي أولاً، واستولوا على المدينة بعد قصف متواصل عام 1511م، وفر السلطان إلى جوهور، ومن هناك شن الملايو هجوماً مضاداً على البرتغاليين مراراً وتكراراً ولكن دون جدوى، حيث كان أحد أسباب قوة الدفاع البرتغالي هو بناء التحصين الهائل لـ “A Famosa”، والذي لم يتبق منه سوى جزء صغير اليوم.

ضمنت عائلة فاموزا السيطرة البرتغالية على المدينة لمدة مائة وخمسين عاماً، حتى عام 1641م، استثمر الهولنديون ملاكا بعد حصار دام ثمانية أشهر ومعركة شرسة، حيث أصبحت ملكا ملكهم، لكنها كانت في حالة خراب شبه كامل، وعلى مدار القرن ونصف القرن التاليين، أعاد الهولنديون بناء المدينة واستخدموها إلى حدٍ كبير كقاعدة عسكرية، مستخدمين موقعها الاستراتيجي للسيطرة على مضيق ملقا.

وفي عام 1795م، عندما استولت الجيوش الثورية الفرنسية على هولندا، تم تسليم ملاكا إلى البريطانيين لتجنب الاستيلاء عليها من قبل الفرنسيين، وعلى الرغم من أنهم أعادوا المدينة إلى الهولنديين في عام 1808، إلا أنها سرعان ما تم تسليمها للبريطانيين مرةً أخرى في تجارة بينكولين، سومطرة، ومن عام 1826، كانت المدينة تحت حكم شركة الهند الشرقية الإنجليزية في كلكتا، على الرغم من أنها تعرضت للاحتلال الياباني من عام 1942 إلى عام 1945، ولم يصل الاستقلال حتى عام 1957، عندما بلغت المشاعر المناهضة للاستعمار ذروتها بإعلان الاستقلال من قبل صاحب السمو تونكو عبد الرحمن، بوترا الحاج، أول رئيس وزراء لماليزيا، وفي عام 1989م تم إعلان مدينة ملاكا كمدينة تاريخية.

المعالم الأثرية في مدينة ملاكا

1. كنيسة القديس بولس

وتعتبر واحدة من أقدم المعالم التاريخية في ملاكا، حيث تم بناء الكنيسة عام 1521م وكان المبنى قبل ذلك مجرد كنيسة صغيرة، وبحلول نهاية القرن السادس عشر، أطلقوا على الكنيسة اسم “Igreja de Madre de Deus”، ونشأت الكنيسة عندما استعمر البرتغاليون ملاكا عام 1511، حيث كانت الفكرة هي إنشاء حصن يطل على النهر، وكانت تسمى “A ‘Famosa”، إلى جانب ذلك جاءت الأسواق المزدحمة والشوارع ومحلات المواد الغذائية والكنائس، حيث كان هذا هو الهيكل الوحيد المتبقي عندما هاجم الهولنديون المنطقة، كما تعتبر الكنيسة المكان الوحيد الذي يتم فيه الحفاظ على الأنقاض جيداً، حيث تتميز بإطلالة رائعة من الأعلى، تجعل تسلق تلة سانت بول يستحق كل هذا العناء، بالإضافة إلى التجول بين الغابات الشامخة والبقايا الرائعة.

2. متحف بابا نيونيا للتراث

صمم كل من “Babas” و “Nyonyas” في ماليزيا هذا المتحف المملوك للقطاع الخاص؛ ليمثل التحول الثقافي والحياة المزدهرة لشعوبهم، حيث يتميز بالمصابيح الفيكتورية والمنازل الهولندية والديكورات الداخلية الفخمة والبلاط المرسوم يدوياً، التي تعيد الزائر إلى الماضي، حيث  كانت بداية القرن السادس عشر وقتاً مزدهراً لشواطئ ملاكا، وكان هذا عندما شهدت المدينة التجار الصينيين يشقون طريقهم إلى الإقليم، حيث تزوجوا من نساء الملايو وبقوا هنا، وفي نهاية المطاف، أصبح هؤلاء التجار وجه الاقتصاد المالاكاني، كما يتميز المتحف بالأعمال الفنية والأثاث العتيق والأعمال الخشبية والعناصر المعروضة التي تنقل الزائر إلى حقبة ماضية، حيث يعتبر مكاناً رائعاً يستحق الزيارة.

3. قلعة بورتا دي سانتياغو

وتعتبر أحد أكثر المواقع التاريخية في ملاكا، وهي عبارة عن قلعة برتغالية محصنة بجدرانٍ سميكة، حيث تم تسليم الحصن إلى البريطانيين من قبل الهولنديين في أوائل القرن التاسع عشر، وأخذت القلعة اسمها من البرتغاليين وتعني “المشهور” باللغة البرتغالية، وقد تم تشييدها في عام 1511، حيث كان هذا هو الوقت الذي كان ينظر فيه البرتغاليون إلى ملاكا بإعتبارها جزءاً مهماً من أعمالهم التجارية، واستمر هذا حتى عام 1641، عندما حصل الهولنديون على “A Famosa”، وأنقذ ستامفورد رافلز الحصن الذي يقف شامخاً في عام 1810.

4. الميدان الهولندي

الميدان الهولندي هو نقطة التقاط تريشاو الملونة، حيث يستمد المكان طابعه من الهياكل الفخارية ذات اللون الأحمر التي بناها الهولنديون في ستينيات القرن السادس عشر، ويتميز بالأبواب المكتنزة والرخام الفيكتوري، المفصلات من الحديد المطاوع، كما يتميز بوجود نافورة مركزية جميلة تجذب العديد من الزوار إلى المكان.

5. متحف ملقا البحري

ويعتبر أحد المتاحف النادرة الذي تخيل سفينة برتغالية غرقت على ساحل ملقا، حيث يبلغ ارتفاعه 34 متراً وعرضه 8 أمتار، ويدور المتحف حول التاريخ البحري لمدينة ملقا، حيث يعيد الزائر إلى العصور الذهبية لمتجر الشرق التي كانت ملقا بها ذات يوم، ويتم الترحيب بالسياح من خلال اللوحات التي توضح كيفية إجراء الأعمال التجارية في تلك العصور، وكل العصور في متحف واحد؛ الهولندي والبريطاني والبرتغالي، أما السطح العلوي هو المكان الذي تظهر فيه صور التجار من العرب والصين والهند، الذين يتاجرون مع بعضهم البعض في ميناء ملقا.

6. قصر سلطنة ملقا

يقع هذا القصر  عند سفح تل سانت بول، وهو نسخة خشبية لا تشوبها شائبة من قصر السلطان منصور شاه الذي بني في القرن الخامس عشر، وعند دخول القصر، يمكن اكتشاف استخدام تقنيات ومواد البناء التقليدية، حيث تقول الأسطورة أن القصر بني بدون مسامير، ويقف القصر المكون من 7 طوابق على أعمدةٍ خشبية بسقف من النحاس والزنك.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: