نهر القاش

اقرأ في هذا المقال


ما هو نهر القاش؟

إن تسمية نهر قاش باسم مارب تعود نسبة إلى سد مأرب في اليمن، حيث كانت أريتريا تشكل حسب الأسطورة التاريخية الغازية جزء من مملكة سبأ التي قامت بتشيد السد، أمَّا بالنسبة لتسمية النهر بالقاش فقد اختلفت الروايات.
حيث يوجد من يقول بأن تسمية النهر تدل في معناها على (النهر المدلل) بلغة الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة (الحلنقة)، كما يقول آخرون بأن لفظ (القاش) تم اشتقاقه من لفظ القشاش باللهجة العربية السودانية، وتعني الكاسح أو الجارف الذي يجرف كل شيء، وذلك للدلالة على عنفوان النهر وجيشانه أثناء فيضانه الموسمي، كما يعتقد البعض بأن اللفظ قاش يعني الفوار بلغة الهدندوة (إحدى قبائل البجة) المقيمين في المنطقة، وذلك في إشارة إلى فوران النهر أثناء فيضانه.

مسار النهر:

إن منبع نهر القاش يأتي من وسط المرتفعات الأريترية (مارب اريتريا) في منطقة ماي أمبسا الموجودة في الجهة الجنوبية من العاصمة الإريترية أسمرة، حيث تصب فيه مياه روافده من جهة أثيوبيا، وهي أنهار سارانا وبالاسا وماي شاوش وانغويا، وأمَّا من جهة أريتيريا فيلتقي به نهر مابل، ويمكن تجزئة مسار النهر إلى ثلاثة أجزاء، فالجزء الأول وطوله يصل إلى 175 كيلو متر، فيبدأ من أمبا تكارا ولغاية قرية أراكبو في إريتريا، ويُسمَّى مارب وتجري مياهه طول أيام السنة.
وأمَّا الجزء الثاني ويصل طوله إلى 240 كيلو متر، حيث إنه يمر من خلال منطقة كناما، كما أن مياهه موسمية، أمَّا الجزء الثالث والأخير فهو يأخذ اسم القاش ويقوم بالمرور من خلال مدينة تسني في إريتريا وينتهي في سهول كسلا داخل السودان، ولا تظهر مياهه على السطح إلا في الفترة من شهر يونيو ولغاية شهر سبتمبر، متزامنة مع تساقط الأمطار الكثيفه في المرتفعات.
حيث يصل طول نهر القاش من مكان منبعه في المرتفعات الإريترية ولغاية مصبه داخل سهول كسلا إلى 440 كم أي (270) ميل، كما يلتقي بنهر بالاسا ويتجه نحو الجنوب ثم الشمال، ثم ينحدر باتجاه السهول الغربية لإريتريا وصوب الحدود السودانية، وخلافاً لما هو عليه الحال في نهر سيتيت تكازي (نهر عطبرة)، فإن نهر القاش لا يصل إلى نهر النيل، بل تتدفق مياهه في سهول كسلا ليكون مستنقعاً في شكل دلتا.
ويعد نهر القاش مميزاً في السودان، حيث أنه المَعلم الأساسي لمدينة كسلا التي تمتاز بوجود الكثير من الساقيات والبساتين التي تعرف محلياً باسم الجنائن، كما يتميز القاش بجفافه في أغلب أيام العام، إلا أنه يفيض في موسم الخريف لمدة أربعة شهور في الفترة من شهر يونيو ولغاية شهر أكتوبر، وذلك بكميات كبيرة من المياه المندفعة، حيث يقوم حوضه باستقبال كميات كثيرة من الأمطار، فتصل تقريباً إلى 3 مليار متر مكعب من المياه كل عام، فتتسبب بحدوث فيضانات قوية تهدد البلدات والقرى الموجودة حولها، وبالأخص مدينة كسلا في السودان، مثلما حدث في عام 2003 م عندما دمرت المياه أجزاء من أحياء سكنية في كسلا مثل الحلنقة والميرغنية.

أهمية النهر:

كما كون النهر حدوداً لإقليمين تاريخيين: بحر نجاش ويعني (مملكة البحر، بلغة التغرينيا) التي تقع شمال النهر تجاه البحر الأحمر وتعرف كذلك باسم ميدري بحري (أي الأراضي الملاصقة للبحر)، وإقليم تيجراي في إثيوبيا الحالية، كما يطلق اسم القاش في المنطقة على فرق رياضية كفريق كرة القدم في مدينتي تسني (إبان ستينيات القرن الماضي) وكسلا، أو على المدارس أو الداخليات فيهما.
إن لنهر القاش أهمية كبيرة في الإقتصاد داخل إقليم قاش (بركة) داخل اريتريا وولاية كسلا في السودان، ففي الزراعة يقوم المزارعون في المنطقتين بالاعتماد على مياهه الموسمية الكثيرة من أجل ري محاصيلهم، ومن هذه المحاصيل: القطن، القمح، قصب السكر، الحمضيات، المانجو، الموز والفول السوداني والخضروات مثل البصل، كما توجد فيه صناعة خفيفة مثل تعليب الفواكه وتجفيف البصل في كسلا وحلج القطن في تسني، وتنبت على أطراف نهر القاش كل من أشجار الدوم ونبات عشار طويل وغيرها.
وسياسياً فإن نهر القاش يكون حدوداً طبيعية بين كل من إثيوبيا وإريتريا، ولأن النهر ذو انحدار شديد وجريان قوي، فإن الإدارة الاستعمارية الإيطالية في اريتريا خلال عام 1924 ميلادي، عملت مشروعاً زراعياً صغيراً، من أجل استغلال هذه الكمية الكبيرة من المياه في منطقة تسني الفقيرة بالغرب الإريتري لتنميتها.
حيث قامت ببناء سد صغير وبحيرة صغيرة خلفه لتخزين المياه، وأيضاً شبكة من القنوات والجداول لري 10 ألف هكتار تقريباًمن الأراضي التي زرعت بقطن طويل التيلة والقليل من المحاصيل البستانية والموالح، وكذلك أقامت إدارة السودان المصري الإنجليزي مشروعاً أكبر داخل منطقة كسلا، حيث اطلق عليه اسم مشروع القاش الزراعي، وذلك عن طريق الري السطحي، ويطلق الإريتريون على المنطقة اسم (سلة غذاء إريتريا).
كما تبلغ المساحة الإجمالية للدلتا 750 الف فدان، حيث تم استغلال 80 الف فدان منها، زرع فيه القطن والذرة والقمح والفول السوداني، وفي حرفة الصيد يعتمد الصيادون على الأسماك المتوفرة فيه، أمَّا في السياحة، فيأتي إلى كسلا عدد من السياح، وبالأخص من ولايات السودان لزيارته، حيث أن نهر القاش يعد معلماً سياحياً بالمدينة إلى جانب جبال كسلا وتوتيل والتاكا ومكرام؛ وذلك لأن بساتينه جميلة، وفي اريتريا تم إطلاق اسم القاش على المنطقة الغربية منها باسم منطقة قاش وعاصمتها اغوردات.

المصدر: محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعية/2011.


شارك المقالة: