لحكمة ربانية من الله سبحانه وتعالى، يضع سره في أضعف خلقه؛ وذلك من أجل أن يثبت لمن يحتويهم العقول الجاهلة صدق الآية الكريمة “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.
مضمون مثل “أثقل من جبل”:
قيل هذا المثل في الصاحب الجليل عبدالله بن مسعود الهذلي، رضي الله عنه، فهو كان مصاحب دائماً لرسول الله في ترحاله وحله، وهو أول من قام بقراءة القرآن الكريم جهراً في مكة المكرمة، وتعرض للكثير من الأذى من كفار قريش، وهو من قام بغروة بدر بقتل أبو جهل.
ومن فضائل الصحابي الجليل، أنه عندما ذكر الرسول الكريم أربعة أسماء يؤخذ منهم القرآن الكريم، كان اسمه من بينهم، وكما ذكره الرسول في حديث آخر “من أحب أن يقرأ القرآن غظّاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد”.
وبالإضافة إلى أن النبي بذاته، كان يطلب من الصحابي قراءة القرآن عليه؛ فيحب أن يسمعه منه، وكما كان يسمح له بالذات دون غيره من دخول بيت النبي وقتما يشاء، وأن يستمع إلى أسراره كذلك، كما قيل في سنن ابن ماجه.
قصة مثل “أثقل من جبل” وقائلها:
هي قصة الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود، هو صحابي وسادس المسلمين الذين دخلوا في الإسلام، حيث وصفه النبي صلى الله عليه وسلم، بأن رجليه عند الله تعالى أثقل من جبل أُحد، وتلك القصة دونت في كتب السنة، حيث كان الصحابي الكريم يمتلك سواك من الأراك، وكان نحيل الرجلين، فجاءت ذات يوم ريح وكفتت به، فسخر منه القوم وضحكوا، بحضور الرسول صلى الله عليه وسلم، فسألهم: “مم تضحكون؟”، فأجابوا: يا نبي الله من نحل ساقيه، فرد عليهم الرسول الكريم: “والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحد”.
دلالة المثل:
رغم فقر ووهان ونحل هذا الصحابي، إلا أنه جعل من أخلاقه وإيمانه إماماً من أئمة الفقة والخير والنور والهدى، فالإنسان لا يقاس عند الله بحجم جسمه، لما قاله الله تعالى في كتابه الكريم “إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم كانهم خشب مسندة”، وإنما يقاس بورعه وتقاه وإيمانه الصادق، فيجعل من نفسه قدوة لغيره في الأخلاق الحميدة.