بشر الليل بصباح صادق، ينتشر على رؤوس الجبال وعلى مد الأودية بلمح البصر وسرعة الضوء، كما بشر الإنسان المنكوب والمهموم، بلطفٍ خفي ويد حانية وزوال الهموم.
قصة مثل “إن مع العسر يسرا”:
يقال في قديم الزمان جاء شيخ القبيلة إلى أحد القرى في مدينته؛ ليجالس الناس ويتفقد أحوالهم، قام الناس في تلك القرية بإيقام الولائم؛ ترحيباً بالشيخ، باستثناء أحد الأشخاص كان ذو حال عسير، فوقع هذا الشخص بين أمرين محيرين؛ فإما أن يقوم بدعوة الشيخ وهو لا يوجد لديه ما يقدمه له فيسوّد وجهه، أو يتوارى عن فعل الواجب اتجاه الشيخ، وفي كلتا الحالتين يكون في مكانة ناقصة أمام قومه، فاختبأ في بيته، وكان من يأتي ليدعوه يقول لأبناءه أن يخبروا الطارق ويقولوا أنه مريض، وأن يبلغوا سلامه للشيخ.
بقي على هذه الحال عدة مرات، وبعد عدة أيام تأكد من مغادرة الشيخ للمدينة، فخرج حينها من ذلك السجن الاضطراري، وبينما هو يتجه لركوب سيارته، وإذ بالشيخ وعدد من أبناء عمومته يتجهون نحوه، فبادلهم السلام ودعاهم إلى بيته، فقالوا له سمعنا أنك مريض وقد جئنا لزيارتك والاطمئنان عليك، وحلف عليهم بتناول الغدا عنده، فقبلوا ولكن بعد أن يقضوا حوائجهم، فقد كان الوقت حينها وقت الضحى.
ذهب بعدها الرجل مسرعاً إلى سيارته، وأخذ يلف على أصدقاءه ليجد من يسلفه مال أو كبش لإقامة الغداء؛ ويستر نفسه أمام أبناء قبيلته والشيخ، فلم يجد أحد وضاقت به الدنيا، فرجع إلى بيته وفي أثناء عودته للبيت، تذكر أن أحد جيرانه يملك مجموعةً من الشاه، فاتجه نحوه لعل وعسى أن يقترض منه كبش، وعند وصوله وجلوسه لفترة قصيرة وإذ بجاره يقوم بربط كبش في سيارته ويقول له: لقد رزقت اليوم بولد، وهذه عقيقة أقدمها لك والعقيقة الأخرى أبقيتها لعائلتي.
خرج الرجل بها مسرعاً إلى زوجته؛ حتى تتمكن من طهو الطعام قبل حضور الناس إليه، فحمد الله وشكره على بياض وجهه أمام شيخه وأبناء عمومته، وعلى ستر حاله حتى لا يتعير بها أبناءه من بعده.
العبرة من المثل:
ما يحصل للإنسان في الحياة من أمور ومواقف تكاد يضيق منها النفس، ما هي إلى لحكمة ربانية من الله تعالى، فالهموم لا بد من أن تزول، لأن لكل شيء نهايه، ودوام الحال من المحال، والدهر متقلب، فلا يبقى كما هو إلا الله تعالى، فأفضل عبادة يقوم بها الإنسان عند وقوع المصائب هو الصبر في انتظار الفرج.