إن الإنسان الذي يمتلك السعادة لا يتحدث عنها؛ لأنها تُعتبر من المسلمات بالنسبة إليه، ومن المحتمل أن يكون لديه بعض الخوف من العين الحاسدة، ففي الكثير من الأحيان نلاحظ أن الشخص السعيد صامت ولا يكثر في الكلام؛ ويعود السبب في صمته وهدوئه إلى اقتناعه ورضاه بما قُسم له من الحظ في هذه الحياة، بينما الإنسان التعيس والبائس نراه يتحدث ويعاتب ويصرخ كثيراً، فيبقى دائم السخط على نفسه وعلى من هم حوله، فيأخذ بالعتاب واللوم ويرمي الكلام الجارحK فالقناعة والإيمان بما قدره الله له والرضى به يُعد من أهم أساسيات الحياة السعيدة.
أصل مثل “البيوت السعيدة لا صوت لها”:
يعود أصل المثل إلى دولة الصين العظيمة، حيث خرج الشعب الصيني مخاطباً به كافة أطياف المجتمعات العالمية، فتناول موضوع الحب والمودة بين أفراد العائلة الواحدة، والتي من خلالها يقومون ببناء أساسيات منازلهم، حيث أن البيوت السعيدة لا تدخل إليها الفتنة والمشاكل ولا يسمع لها صوت، وقد قام المثل الصيني بنشر النصيحة التي يقدمها بين كافة المجتمعات الدولية العربية منها والغربية، فقامت كلا من تلك الدول بأخذ المثل وترجمته وتداوله في كافة البشر.
مضمون مثل “البيوت السعيدة لا صوت لها”:
كان في قديم الزمان منظر الأبواب في البيوت السعيدة تكتسي بحُلة من السكينة والسلام، وتفوح من جدرانها رائحة الحب والسعادة، حيث أن الناس السعداء لا أحد يسمع صوتهم، فلديهم من التصالح مع النفس ما يكفيهم للصمت، كما أنهم لا يقرنون حياتهم بالساعة، فتكون المواعيد المقربة إلى قلوبهم هي أوقات اللقاء بينهم، إذ لا يوجد بين أفراد العائلة الواحدة ما يدعو إلى الخصام، فيُعد الود بينهم هو سيد المواقف كلها على الدوام.
أوضح المثل الصيني أن البيوت التي تبنى على السعادة لا تعرف مسار الطريق التي تؤدي إلى المتاجر الممتلئة بالتصنع الكاذب والأقنعة الزائفة، فأصحابها اختاروا الاستقرار في إحدى محطات الزمن الجميل، وهي من أهم المحطات التي تتسم بالبساطة والجمال، فالعائلة هي مستقر الأحلام وكافة ما يبقى من الأمان.
ذكر الكاتب الدكتور العربي المشهور مصطفى محمود المثل الصيني في كتابه الذي يحمل عنوان الروح والجسد، حيث قال: (إن البيوت السعيدة لا صوت لها، ولا أحدٌ يتخذ منها مادة الكلام ولا أحد يروي عنها قصةً أو يكتب رواية أو ينتجُ فلماً).