الأمثال هي أقوال مأثورة وإرث حضاري لكافة الحضارات وجميع الأمم، فتتنوع من مجتمع إلى آخر حسب تنوع الحضارة، الطبيعة البشرية، طريقة عيش الإنسان في ذلك المجتمع، وهناك قاسم مشترك فيما بينهما وهي أنها تقوم بوصف العادات، الحث على الخير وتورث الخبرات من الأجيال القديمة إلى الأجيال اللاحقة.
مضمون مثل “الصيت ولا الغنى”:
أخذ هذا المثل من الكتاب المقدس بشكل مباشر، ففي كتاب سفر الأمثال لسليمان الحكيم يقول: (الصيت أفضل من الغنى العظيم والنعمة الصالحة أفضل من الذهب والفضة)، وهي من أهم الأمثال والقيم التي إحتواها الكتاب ومع تواتر الوقت كانت هذه العبارة أساس أخذ منه المثل المتداول، الذي أشار في محتواه إلى المبادىْ والأخلاق العليا للإنسان هي التي تمثل القيمة الحقيقية، دون النظر إلى المستوى الإجتماعي والمستوى المادي الذي ينتمي إليهم.
فالمبالغة في الحصول على المال والتخلي عن المبادىْ يورث المرتزقة والخونة والحاقدين، فهناك من يغلف نفسه بالقيم الزائفة وإدعائه للثقافة، فيستغلونها للحصول على الغنى، وفي حالة الحصول عليه يذهب كل ما كان يدّعيه من أخلاقيات ظاهرة أدراج الرياح، وكانت كل كلمة يدعيها هي مدفوعة الثمن. مما زاد حجم التلاعب في المعاني.
قصة مثل “الصيت ولا الغنى”:
كان هناك شاب وفتاة كانوا في بداية حياتهم العملية المشتركة، فكانوا على مستوى عالي من المبادىْ والقيم والمثل الأخلاقية، وفور تمركز أمورهم المادية، بدأت الأخلاق تتلاشى مع حضور المادة تدريجياً، فانعدم كل ما كانوا يؤمنوا به من قيم بسبب الثراء المباغت، وأخذا بفكرة الغنى على حساب الصيت وبقيا هكذا حتى تلاشت المادة، وقد جسدت قصة هذا المثل في السينما المصرية في عام 1948 بعنوان (الصيت ولا الغنى)، وقاموا بالرد عليه في فيلم أخر بعنوان (أن الصيت الحسن يغلب الثراء وليس العكس).
العبرة من المثل:
الشخص الذي يمحور اهتمامه على السيرة الصالحة أمام الله سبحانه وتعالى والناس، فيروا أعماله الحسنة وأخلاقة الفضيلة، فيعرف للأخرين أنه يضع في قلبه وبداخله مخافة الله، وأنه يعطي مجده إلى الله فهذا الأمر ينفعه أكثر من المال، ففي معظم الأحيان يضر المال صاحبه ولكن السيرة الحسنة والسمعة الطيبة تعطي الشخص الراحة النفسية وسلام داخلي لا يحصل عليه بكل أموال الدنيا.