تفسير سورة الشورى

اقرأ في هذا المقال


قال تعالى: ﴿حمۤ (١) عۤسۤقۤ (٢) كَذَ ٰ⁠لِكَ یُوحِیۤ إِلَیۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ (٣) هُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡعَظِیمُ (٤) تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تُ یَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَیَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِی ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَاۤ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ (٥)) صدق الله العظيم.

مناسبة التسمية:

الشورى: تعتبر الشورى من أهم دعائم تثبيت ملك المسلمين، ومن أهم وسائل وطرق تحقيق مصالحهم.

حم عسق: افتتاح السورة بها، قال الماوردي: قوله عز وجل: ﴿حم﴾ ﴿عسق﴾ فيه عدّة تأويلات.

أحدها: أنّه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.

الثاني: أنّه اسم من أسماء الله أقسم به، قاله ابن عباس.

الثالث: فواتح السور، قاله مجاهد.
الرابع: أنّه اسم الجبل المحيط بالدنيا، قاله عبد الله بن بريدة.

الخامس: أنّها حروف مقطعة من أسماء الله فالحاء والميم من الرحمن والعين من العليم، والسين من القدوس، والقاف من القاهر، قاله محمد بن كعب.

موافقة أول السورة لآخرها:

بدأت السورة بقوله تعالى: (كَذَ ٰ⁠لِكَ یُوحِیۤ إِلَیۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ) صدق الله العظيم، وختمت السورة في الكلام عن الوحي بقوله تعالى: ﴿وَكَذَ ٰ⁠لِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ رُوحࣰا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِی مَا ٱلۡكِتَـٰبُ وَلَا ٱلۡإِیمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلۡنَـٰهُ نُورࣰا نَّهۡدِی بِهِۦ مَن نَّشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠طࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ (٥٢)) صدق الله العظيم،وذلك لبيان فضل الله سبحانه وتعالى على عباده، في الوحي.

المحور الرئيسي للسورة:

التأكيد على وجوب وحدة الأمّة، وفضل قضية الشورى بينهم.

مواضيع السورة المباركة:

  • بيان موضوع مهم وهو أنّ مكة المكرمة تُعتبر مركز الأرض، قال تعالى: ﴿وَكَذَ ٰ⁠لِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِیࣰّا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ یَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَیۡبَ فِیهِۚ فَرِیقࣱ فِی ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِیقࣱ فِی ٱلسَّعِیرِ﴾ صدق الله العظيم.
  • من أسباب فرقة وهلاك الشعوب، الحسد والظلم، قال تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى لَّقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُورِثُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِی شَكࣲّ مِّنۡهُ مُرِیبࣲ﴾ صدق الله العظيم.
  • أهمية النية الصالحة، في إرادة الدار الآخرة، قال تعالى: ( مَن كَانَ یُرِیدُ حَرۡثَ ٱلۡـَٔاخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِی حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ یُرِیدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡیَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِن نَّصِیبٍ (٢٠)) صدق الله العظيم.
  • بيان وتوضيح أنواع الوحي قال تعالى: ﴿۞ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن یُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡیًا أَوۡ مِن وَرَاۤىِٕ حِجَابٍ أَوۡ یُرۡسِلَ رَسُولࣰا فَیُوحِیَ بِإِذۡنِهِۦ مَا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ عَلِیٌّ حَكِیمࣱ﴾ صدق الله العظيم.

فوائد ولطائف حول السورة المباركة:

  • في آية واحدة جمعت خمسة أنبياء عليهم السلام من أولي العزم، قال تعالى:  ﴿۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحࣰا وَٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَمَا وَصَّیۡنَا بِهِۦۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَىٰۤۖ أَنۡ أَقِیمُوا۟ ٱلدِّینَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِیهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِینَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَیۡهِۚ ٱللَّهُ یَجۡتَبِیۤ إِلَیۡهِ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِیۤ إِلَیۡهِ مَن یُنِیبُ﴾ صدق الله العظيم.
  • من رحمة الله ورأفته بعبده أنه يحميه من الدنيا كما يحمي أحدنا المريض من طعامه وشرابه، قال تعالى: ﴿۞ وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَـٰكِن یُنَزِّلُ بِقَدَرࣲ مَّا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِیرُۢ بَصِیرࣱ﴾ صدق الله العظيم.
  • من سنن الله في عباده أنَّ تفريج البلاء يكون بعد الشدة، قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِی یُنَزِّلُ ٱلۡغَیۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُوا۟ وَیَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِیُّ ٱلۡحَمِیدُ (٢٨) صدق الله العظيم.
  • الذرية (هبة من الله تعالى)  ، فلا تحزن، فمن وهبه الله تعالى ذرية طيبة فليحمد الله تعالى ، ومن لم يهبه فليحمد الله تعالى، قال تعالى: ( لِّلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۚ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ یَهَبُ لِمَن یَشَاۤءُ إِنَـٰثࣰا وَیَهَبُ لِمَن یَشَاۤءُ ٱلذُّكُورَ (٤٩) أَوۡ یُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانࣰا وَإِنَـٰثࣰاۖ وَیَجۡعَلُ مَن یَشَاۤءُ عَقِیمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِیمࣱ قَدِیرࣱ (٥٠)﴾ صدق الله العظيم.
  • جاء استغفار الملائكة مرتين، مرة في سورة غافر، قال تعالى: ﴿ٱلَّذِینَ یَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ یُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَیُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَیَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟) صدق الله العظيم.

وفي سورة الشورى، قال تعالى: (وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَیَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِی ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَاۤ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ (٥)) صدق الله العظيم، فسورة غافر (حملة العرش) وكذلك تخصيص طلب المغفرة للمؤمنين، وسورة الشورى، فهم ملائكة السماء لأهل الأرض، المؤمن والكافر.


شارك المقالة: