اقرأ في هذا المقال
قال تعالى: (أَتَىٰۤ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یُشۡرِكُونَ (١) یُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۤ أَنۡ أَنذِرُوۤا۟ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ (٢) خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ تَعَـٰلَىٰ عَمَّا یُشۡرِكُونَ (٣) خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن نُّطۡفَةࣲ فَإِذَا هُوَ خَصِیمࣱ مُّبِینࣱ (٤) وَٱلۡأَنۡعَـٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِیهَا دِفۡءࣱ وَمَنَـٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ (٥) وَلَكُمۡ فِیهَا جَمَالٌ حِینَ تُرِیحُونَ وَحِینَ تَسۡرَحُونَ (٦)) صدق الله العظيم .
أسماء السورة:
النحل – النعم.
مناسبة التسمية:
النحل: لأنّ الله ذكر النحل وعجائبه في السورة، وهو مخلوق من مخلوقات الله العجيبة، وأخرج لعباده النعم منها وقد ناسب المعنى العام للسورة، وهو ذكر النعم .
النِّعم: لكثرة النعم التي ذكرها الله في السورة.
موافقة أول السورة لآخرها:
- بدأت السورة بأوامر الله تعالى وأمر الرسل بالإنذار قال تعالى: ﴿یُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۤ أَنۡ أَنذِرُوۤا۟ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ﴾ صدق الله العظيم.
- وختمت السورة بطريقة الإنذار بقوله تعالى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَـٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ﴾ صدق الله العظيم.
- بدأت كذلك بالأمر بالتقوى قال تعالى: ﴿يُنزلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ (٢) ﴾ صدق الله العظيم.
- وختمت ببيان عاقبة التقوى قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨) ﴾ صدق الله العظيم، وذلك لبيان أنّ أكبر النعم، أن يكون الله معهم وفي معيتهم .
المحور الرئيسي للسورة:
إثبات وحدانية الله بذكر نعمه على الخلق.
1 – بيان النعم التي من الله بها على الخلق في الدنيا والآخرة، ومنها الوحي والرسالة؛ لكي يقابلها الخلق بالشكر والقبول.
2 – تفصيل لبعض النعم، لكي يشعر ويعلق الخلق قرب رحمة الله منهم، ولطف الله بهم، قال تعالى: (خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن نُّطۡفَةࣲ فَإِذَا هُوَ خَصِیمࣱ مُّبِینࣱ (٤) وَٱلۡأَنۡعَـٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِیهَا دِفۡءࣱ وَمَنَـٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ (٥) وَلَكُمۡ فِیهَا جَمَالٌ حِینَ تُرِیحُونَ وَحِینَ تَسۡرَحُونَ (٦) وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدࣲ لَّمۡ تَكُونُوا۟ بَـٰلِغِیهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ (٧) وَٱلۡخَیۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِیرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِینَةࣰۚ وَیَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (٨) وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِیلِ وَمِنۡهَا جَاۤىِٕرࣱۚ وَلَوۡ شَاۤءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِینَ (٩)) صدق الله العظيم.
3 – توضيح وبيان علّة عدم إيمان من لا يؤمن بالآخرة ومنها (الجحود ) قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا یَخۡلُقُونَ شَیۡـࣰٔا وَهُمۡ یُخۡلَقُونَ (٢٠) أَمۡوَ ٰتٌ غَیۡرُ أَحۡیَاۤءࣲۖ وَمَا یَشۡعُرُونَ أَیَّانَ یُبۡعَثُونَ (٢١) إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱۚ فَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةࣱ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ (٢٢) لَا جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا یُسِرُّونَ وَمَا یُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡتَكۡبِرِینَ (٢٣) وَإِذَا قِیلَ لَهُم مَّاذَاۤ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوۤا۟ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ (٢٤)) صدق الله العظيم.
4 – بيان بعض من الأحكام الشرعية التي تتعلق بالهجرة، مثل ( الجهاد في سبيل الله تعالى – وأمر العباد بالإحسان والعدل – والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي ) قال تعالى: ( إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَـٰنِ وَإِیتَاۤىِٕ ذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَیَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡیِۚ یَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ (٩٠) وَأَوۡفُوا۟ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَـٰهَدتُّمۡ وَلَا تَنقُضُوا۟ ٱلۡأَیۡمَـٰنَ بَعۡدَ تَوۡكِیدِهَا وَقَدۡ جَعَلۡتُمُ ٱللَّهَ عَلَیۡكُمۡ كَفِیلًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ (٩١)) صدق الله العظيم.
5 – بيان وتوضيح أحوال الناس في كُفرانهم للنعم قال تعالى: ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدࣰّا وَهُوَ كَظِیمࣱ (٥٨) یَتَوَ ٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦۤۚ أَیُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ یَدُسُّهُۥ فِی ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ (٥٩)) صدق الله العظيم، وقوله تعالى: (وَیَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَمۡلِكُ لَهُمۡ رِزۡقࣰا مِّنَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَسۡتَطِیعُونَ (٧٣)) صدق الله العظيم.
6 – عرض بعض نماذج الشاكرين وهو ( إبراهيم عليه السلام) وأنّه كان أمّة واحدة قال تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شَاكِرًا لأنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) ﴾ صدق الله العظيم، قال الواحدي: قال أكثر المفسرين معنى (الأمة ) المعلم للخير وبه قال ابن مسعود، وعلى هذا فمعنى كون إبراهيم أمة أنّه كان معلماً للخير أو جامعاً لخصال الخير أو عالماً بما علمه الله من الشرائع.
فوائد ولطائف للسورة المباركة:
ذكر جزاء الشكر منها ( الهداية – والتوفيق للطاعة) حيث قال عن نبيه ( إبراهيم عليه السلام ): ﴿ شَاكِرًا لأنْعُمِهِ) ثم قال: (اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) ﴾ أي : اختاره واصطفاه للنبوة ثم هداه للحق.
2 – الناس متفاوتون في الرزق والعطاء في الدنيا، فمن وسع الله عليه في الدنيا، عليه أن يشكر الله تعالى، ومن قتر الله عليه رزقه في الدنيا عليه أن يصير قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ صدق الله العظيم، وقال تعالى: ﴿مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَنُحۡیِیَنَّهُۥ حَیَوٰةࣰ طَیِّبَةࣰۖ وَلَنَجۡزِیَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾ صدق الله العظيم، قال القرطبي: وفي الحياة الطيبة خمسة أقوال: الأول- أنّه الرزق الحلال، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء والضحاك. الثاني- القناعة، قاله الحسن البصري وزيد بن وهب ووهب بن منبه، ورواه الحكم عن عكرمة عن ابن عباس، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه. الثالث- توفيقه إلى الطاعات فإنّها تؤديه إلى رضوان الله، قال معناه الضحاك. وقال أيضا: من عمل صالحا وهو مؤمن في فاقة وميسرة فحياته طيبة، ومن أعرض عن ذكر الله ولم يؤمن بربه ولا عمل صالحا فمعيشته ضنك لا خير فيها. وقال مجاهد وقتادة وابن زيد: هي الجنة، وقاله الحسن، وقال: لا تطيب الحياة لأحد إلّا في الجنة. وقيل: هي السعادة، روي عن ابن عباس أيضا. وقال أبو بكر الوراق: هي حلاوة الطاعة. وقال سهل بن عبد الله التستري: هي أن ينزع عن العبد تدبيره ويرد تدبيره إلى الحق. وقال جعفر الصادق: هي المعرفة بالله، وصدق المقام بين يدي الله.
3 – قوله تعالى: ﴿مَا عِندَكُمۡ یَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقࣲۗ وَلَنَجۡزِیَنَّ ٱلَّذِینَ صَبَرُوۤا۟ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾ صدق الله العظيم [النحل ٩٦]ذكر ابن الجوزي عن ( حفصة بنت سيرين) أنّه مات لها ابن وكان من البارين لها : فلما مات ، قالت: رزق الله عليه من الصبر ما شاء أن يرزق غير أني كنت أجد غصة لا تذهب، قالت: فبينا أنا ذات ليلة أقرأ سورة النحل إذ أتيت على هذه الآية قال تعالى :{ وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} صدق الله العظيم، النحل قالت: فأعدتها فأذهب الله ما كنت أجد.
4 – قوله تعالى: ﴿وَأَوۡحَىٰ رَبُّكَ إِلَى ٱلنَّحۡلِ أَنِ ٱتَّخِذِی مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُیُوتࣰا وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا یَعۡرِشُونَ (٦٨) ثُمَّ كُلِی مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِ فَٱسۡلُكِی سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلࣰاۚ یَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابࣱ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَ ٰنُهُۥ فِیهِ شِفَاۤءࣱ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ (٦٩)﴾ صدق الله العظيم، (اتخذي- كلي – اسلكي) عندما نفذت الأوامر، أخرج من بطنها العسل الذي فيه شفاء للناس.
5 – قوله تعالى : ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨) ﴾ كمال الطاعة وتأتمر بأمر الله تعالى، والنتيجة جعل الله بيتها الشجر والجبال.
6- قوله تعالى : ﴿يَخْرُجُ مِن بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ ألْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ﴾ قال ابن القيم: وقد اختلف الناس في قوله تعالى: ﴿يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس﴾ [النحل: ٦٩]، هل الضمير في “فيه” راجع إلى الشراب، أو راجع إلى القرآن؟ على قولين:
الصحيح رجوعه إلى الشراب وهو قول ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وقتادة، والأكثرين فإنه هو المذكور والكلام سيق لأجله، ولا ذكر للقرآن في الآية، وهذا الحديث الصحيح وهو قوله: ” صدق الله ” كالصريح فيه، والله تعالى أعلم.
7 – قوله تعالى: (وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ ثُمَّ یَتَوَفَّىٰكُمۡۚ وَمِنكُم مَّن یُرَدُّ إِلَىٰۤ أَرۡذَلِ ٱلۡعُمُرِ لِكَیۡ لَا یَعۡلَمَ بَعۡدَ عِلۡمࣲ شَیۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمࣱ قَدِیرࣱ (٧٠)) صدق الله العظيم، قال النيسابوري: واعلم أن العقلاء ضبطوا مراتب عمر الإنسان في أربع: أولاها سن النشو.
وثانيها سن الوقوف وهو سن الشباب.
وثالثها سن الانحطاط اليسير، وهو سن الكهولة.
ورابعها سن الانحطاط الظاهر، وهو سن الشيخوخة.
قيل: وأرذل العمر هو عند أن يصير الإنسان إلى الخرف، وهو أن يصير بمنزلة الصبي الذي لا عقل له.
8 – قوله تعالى : ﴿وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَاۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ صدق الله العظيم [النحل ١٨] قال صاحب كتاب تفسير البيان عن قوله تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ولو اجتهدتم في ذلك وأتعبتم نفوسكم لا تقدرون عليه فضلاً عن أن تطيقوا القيام بحقها من أداء الشكر وهذا تذكير إجمالي بنعمه تعالى، وقد مر تفسير هذا في سورة إبراهيم.
قال العقلاء: إنّ كل جزء من أجزاء الإنسان لو ظهر فيه أدنى خلل وأيسر نقص لنغص النعم على الإنسان وتمنى أن ينفق الدنيا لو كانت في ملكه حتى يزول عنه ذلك الخلل، فهو سبحانه يدبر بدن هذا الإنسان على الوجه الملائم له، مع أنّ الإنسان لا علم له بوجود ذلك، فكيف يطيق حصر نعم الله عليه أو يقدر على إحصائها أو يتمكن من شكر أدناها.