اقرأ في هذا المقال
قال تعالى: (طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (١) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ (٥)) صدق الله العظيم.
مناسبة التسمية:
النمل: ذكر الله له في السورة، وطريقة حياته وضرب المثل به، لقوته وتنظيمه.
سليمان: هي السورة الكريمة التي خصت نبي الله سليمان (عليه السلام ) ما لم تخصّه باقي السور.
موافقة أول السورة لآخرها:
بدأت السورة بذكر كتاب الله سبحانه وتعالى قال تعالى: (طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (١) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) صدق الله العظيم، وأنه سبيل للفلاح والهداية، وختمت السورة كذلك بالكلام عن القرآن الكريمن وأنه سبب الفلاح والهداية قال تعالى ﴿وَأَنۡ أَتۡلُوَا۟ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا یَهۡتَدِی لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِینَ (٩٢)﴾ [النمل ٩٢-٩٣] صدق الله العظيم، وذلك لتوضيح وتأكيد أن كتاب الله هو سبب للخير في الدنيا والآخرة.
مواضيع السورة المباركة :
1- ذكر بعض عناصر التفوق الحضاري:
- العلم: قال تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦) ﴾ صدق الله العظيم.
- التفوق العلمي: قال تعالى: ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٤) ﴾ صدق الله العظيم.
- القوة العسكرية: قال تعالى: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (٣٧))صدق الله العظيم.
- أهمية الإيمان في أن كل فرد له واجب أساسي وغاية وهدف، وقد ضرب الله لنا مثل الهدهد قال تعالى: ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (٢٤) ﴾ صدق الله العظيم.
- قدرة الله في الكون قال تعالى: ﴿أَمَّن خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنزلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) ﴾ صدق الله العظيم.
3- شكر النعمة ويكون ذلك باستخدامها في رضا الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكࣰا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِی بِرَحۡمَتِكَ فِی عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِینَ (١٩)) صدق الله العظيم.
فوائد ولطائف حول السورة المباركة:
- بعد انتقال الآيات المباركات في ذكر بيان التفوق الحضاري، ثم إلى ذكر قدرة الله في الكون؛ بهدف التذكير بأنَّ الله سبحانه وتعالى، هو المُسبب للأسباب التي تجعل التفوق يصل إلى مداه، فلا تلهينا الأسباب عن المسبب الحقيقي للتقدم وهو ( الله سبحانه وتعالى ).
- تكرار قوله تعالى: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ صدق الله العظيم، لتأكيد قضية نفي الشركاء مع الله سبحانه وتعالى.
- كل من ولّاه الله ولاية، فقد جاء في ديننا أنه من الواجبات الشرعية، فلا بد لكل من ولّاه الله تعالى ولاية، لا بد أن يتفقدها ولا يغفل عنها، قال تعالى: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (٢٠) لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢١) ﴾ صدق الله العظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته.
- قال تعالى: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ﴾ صدق الله العظيم، قال ابن عباس لعبد الله بن سلام: أريد أن أسألك عن ثلاث مسائل. قال: أتسألني وأنت تقرأ القرآن؟ قال: نعم ثلاث مرات. قال: لم تفقد سليمان الهدهد دون سائر الطير؟ قال: احتاج إلى الماء ولم يعرف عمقه- أو قال مسافته- وكان الهدهد يعرف ذلك دون سائر الطير فتفقده.
- قوله تعالى: (الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ) صدق الله العظيم، قال القرطبي: خبء السماء قطرها، وخبء الأرض كنوزها ونباتها. وقال قتادة: الخبء السر.
- الواجب على العبد أن يقبل ويرضى بالحق من أي شخص، ولو كان مخالفاً له في الدين، فالله سبحانه وتعالى جاء بقول بلقيس حين كانت كافرة وصدَّق بقولها، عندما كانت كافرة قال تعالى: ﴿قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤) ﴾ صدق الله العظيم.
- إذا رُزقت بنعمة في مالك أو ولدك أو أهلك فادع بهذا الدعاء المبارك، فقد ذكره الله في كتابه العزيز مرتين: قال تعالى: (وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِی بِرَحۡمَتِكَ فِی عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِینَ (١٩)) صدق الله العظيم، وقال تعالى: (قَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَصۡلِحۡ لِی فِی ذُرِّیَّتِیۤۖ إِنِّی تُبۡتُ إِلَیۡكَ وَإِنِّی مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ﴾ [الأحقاف ١٥] صدق الله العظيم.
- قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ) ق﴾ صدق الله العظيم، قال ابن عباس: نهى النبي ﷺ عن قتل أربع من الدواب: الهدهد والصرد والنملة والنحلة، قال الزمخشري: سمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال.
- قال تعالى: ﴿قَالَتۡ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡمَلَؤُا۟ إِنِّیۤ أُلۡقِیَ إِلَیَّ كِتَـٰبࣱ كَرِیمٌ (٢٩) إِنَّهُۥ مِن سُلَیۡمَـٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ (٣٠) أَلَّا تَعۡلُوا۟ عَلَیَّ وَأۡتُونِی مُسۡلِمِینَ (٣١)﴾ [النمل ٢٩-٣١]صدق الله العظيم، وروي ذلك عن رسول الله ﷺ وقيل: لأنّه بدأ فيه ب “بسم الله الرحمن الرحيم” وقد قال ﷺ: “كل كلام لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم” قال القرطبي: وكتابة البسملة في أوائل الكتب مما جرت به سنة نبينا ﷺ بعد نزول هذه الآية بلا خلاف، وأمّا قبله فقد قيل: إن كتبه – عليه الصلاة والسلام – لم تفتتح بها، فقد أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وغيرهما، عن الشعبي قال: «كان أهل الجاهلية يكتبون: (باسمك اللهم) فكتب النبي ﷺ أول ما كتب: (باسمك اللهم) حتى نزلت: ﴿بسم الله مجراها ومرساها﴾ فكتب: (بسم الله) ثم نزلت: ﴿ادعوا الله أو ادعوا الرحمن﴾ فكتب: (بسم الله الرحمن) ثم نزلت آية النمل ﴿إنّه من سليمان﴾ الآية، فكتب: (بسم الله الرحمن الرحيم)».