على مر التاريخ والعصور عرف الأشخاص الآف المهن الحرفية، التي وجدت لتلبية احتياجات الناس للعمل حتى يقوموا بتأسيس حياة معيشية لهم وتيسسير أمورهم وحياتهم الاجتماعية بأنفسهم دون اللجوء إلى أي شخص.
دلالة مثل “صنعة في اليد أمان من الفقر”:
العمل نوع من أنواع العبادة، فخلق الله سبحانه وتعالى الإنسان للعبادة وعمارة الأرض بالخير وللخير، ولا يسعى لتخريبها وتدميرها، فواقع المجتمعات التي تعرضت للحروب تدمر وأخفى الحرب ملامح جمال الطبيعة فيها، فحث الإسلام على العمل في الأرض من أجل إعمارها ضمن الطرق الشرعية حيث جعل فيها الرزق الحلال، فلا يحصل علية الشخص إلا بعد جهد وتعب يبذله وعمل يقوم به، فالإنسان المتقاعس إنسان جاهل فهو عدو نفسه إذ يعتمد على غيره في كسب رزقه.
من ضروريات الحياة أن يكون الشخص لديه عمل ذا مكسب حلال؛ فالعمل الحلال أساس العمران فإذا كان الإنسان لديه عمل حلال يدر عليه بالمال ليوفر ما يحتاجه من أساسيات الحياة، لا يتعاير بالفقر، فللعمل آثار إيجابية على شخصية الإنسان؛ فيكون واثق النفس ويصقل مواهبه ويتنافس في الإبداع وينمي اختراعاته في جميع مجالات الحرف، ثم يصبح لديه مصداقية في العمل.
قصة مثل “صنعة في اليد أمان من الفقر”:
كان هناك شاباً تخرج حديثاً من تخصص الهندسة وما أن تخرج حتى توفي والدة وترك وراه ابنتةً وزوجته، حيث أصبح الشاب يبحث عن عمل لكي يعيل والدته وأخته، فعمل في مجال تخصصه ولكنه كان مبتدئاً إذ لا يتقاضى سوى القليل من المال.
وفي ذات يوم رجعت أخته من المدرسة مُبتهجة؛ وإذا بها تعطي أخيها مبلغاً من المال قالت أنها المعلمة أعطته لها لأنها حفظت نصف القرآن، فتفاجأ الشب وقام في اليوم التالي بالذهاب إلى المدرسة ليتأكد خاصةً وأن المبلغ كان كبير، وحين رأى الشاب المعلمة سألها هل هي من أعطت أخته المال لأنها تستح.
أعجب الشاب بالمعلمة كثيراً وعلم لاحقاً أن المعلمة من عائلة ثرية، كما أنها تعطي مبالغ من المال للطلبة لتحفيزهم على فعل الخير، وفي اليوم التالي أرسل والدته لخطبة المعلمة لكن والدها رفض هذا الزواج، على الرغم من أن المعلمة أصرت على الزواج بذلك الشاب؛ لانها رأت فيه الشاب الورع والطموح.
فتم ذلك الزواج، وبعد فترة بسيطة ذهبت المعلمة إلى بيت أهلها فكانوا يستقبلونها بألذ ما لديهم من مأكولات فقالت لهم أن زوجها يأتي بهذا الطعام كل يوم وأنها مَلت منه فاشتاقت لأكل العدس والبقوليات، إلا أن ذلك لم يكن ذلك صحيحاً فهي اعتادت على أكل البقوليات في بيت زوجها، وعندما عرف الزوج بذلك فرح كثيراً وزادت محبته لها.
ومع مرور الوقت، وبعد وضع مولودهم الأول قام الشاب بتقديم مشروع كبير في مجال تخصصه لإحدى الشركات العظمى، فأصبح يدر عليه الكثير من المال وأصلح العديد من أوضاعه الاجتماعية، ومن هنا جاءت قصة هذا المثل.