عن أبي المليح عن رجل قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثرت دابة فقلت: تعس الشيطان فقال: لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ويقول بقوتي ولكن قل بسم الله فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب.
نص السادة العلماء: أنّه لا يجوز أن تقول: لعن الله الشيطان، لأنّها تجعله يتعاظم ويكبر ويقول: صرعته، بقوتي أغويته، إنّما تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتقول: بسم الله.
لماذا قال الله تعالى: (قل أعوذ برب الناس)؟ .
قال ابن الجوزي: فإن قيل: لم خص الناس هاهنا بأنّه ربهم، وهو رب كل شيء؟
والجواب: لأنّه لمّا أمر بالاستعاذة من شرهم أعلم أنّه ربهم، ليعلم أنّه هو الذي يعيذ من شرهم. ولما كان في الناس ملوك قال تعالى: ﴿ملك الناس﴾ ولما كان فيهم من يعبد غيره قال تعالى: ﴿إله الناس﴾ .
قوله تعالى( من شر الوسواس الخناس (٤)) صدق الله العظيم، الوسواس هو الشيطان، والوسوسة هي الحديث الخفي، وهي الحديث سراً في الإذن، ( الخناس) الذي يخنس ويختفي عن ذكر الله، وجاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله خنس ، وإذا غفل وسوس “.
ذِكَر بعض وساوس الشيطان:
- إساءة الظن: وذلك ما جاء عن صفية بنت حيي رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفًا، فأتيته أزوره ليلًا، فحدَّثته، ثم قمتُ لأنقلب، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في بيت أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأَيَا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرَعا في المشي، فقال: “على رِسلكما إنّما هي صفية بنت حيي”، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، فقال: “إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإنّي خفتُ أن يقذف في قلوبكما شرًّا، أو قال: شيئًا”.
فعليك أن تبتعد عن مواطن الريبة وأن تدفع عن نفسك سوء الظن.
- الوسوسة في الصلاة: وذلك ما جاء عن الأعرج ، عن أبي هريرة – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ” إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط ; حتى لا يسمع النداء ، ( فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل ، حتى يخطر بين المرء ونفسه ; يقول : اذكر كذا ، اذكر كذا ، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى ” .)
أي أنّ الشيطان يُخرج صوتاً عظيماً حتى لا يسمع الآذانـ لأن وقع الأذان على الشيطان أقوى من وقع السيوف على بدنِ الإنسان.
- ومنها الوسوسة في الإيمان: فيأتي الشيطان على الرجل، فيقول له: من خلق السماء؟ ومن خلق الأرض، من خلقك؟ إلى أن يقول لك: من خلق الله؟؟ فإذا وجدت ذلك فقل: آمنت بالله العلي العظيم.