لقد كان للعديد من الأحداث السياسية التأثير الكبير على المجتمعات، من ناحية الطابع الذي يدعو إلى إخراج الحكم والأمثال الشعبية، وقد حظيت إسبانيا بالعديد من الأمثال الشعبية التي تم تداولها بين المواطنين الإسبان، ومن بين تلك الأمثال الشعبية المشهورة في الدولة الإسبانية، المثل القائل باللغة الإسبانية: (El que se fue a sevilla perdioَ su silla)، وبما معناه في اللغة العربية “من يغادر إشبيلية فقد كرسيه”.
أصل المثل وتاريخه:
ذكر أنه في عهد الملك هنري الرابع ملك قشتاله، بأنه قام بتعيين “دون ألونسو دي فونيسكا” رئيساً لأساقفة إشبيلية؛ في الوقت الذي كان فيه ابن أخية أيضاً يشغل منصب رئيس أساقفة “كومبو ستيلا”، فحدثت ثورة غضب شعبية كبيرة في ذلك الوقت نفسه “بغاليسيا”، فقرر دون ألونسو أن يقوم ابن أخيه بالذهاب إلى إشبيلية حتى لا يترك منصبه فارغاً هكذا.
حينما رجع دون ألونسو إلى إشبيلية اكتشف حينها أن ابن أخاه لا يريد أن يترك هذا المنصب في إشبيلية، فدارت هناك العديد من المشاكل التي تفاقمت بين كلا الطرفين؛ حيث تدخل فيها الملك هنري والبابا من أجل الوصول إلى لهذه المشكلة، وفي نهاية الأمر ذهب ابن الأخ إلى كومبوستيلا مرة ثانية، وقد حكم عليه حينها بخمس سنوات سجن؛ من أجل بعض الجرائم الأخرى التي قام بارتكابها.
وعلى الرغم من ما حدث له لم تمنعه تلك العقوبة من القيام بممارسة أعماله في بعض المناصب التي يشغلها في ما بعد، وكما قام ابنة بتورث منصب رئيس الأساقفة في كومبوستيلا، ومنذ ذلك الوقت التصق ذلك الحدث التاريخي بالمثل الإسباني وأصبح متداول بين عامة الشعب.
دلالة المثل:
تداول الشعب الإسباني هذا المثل للتعبير عن فقدان الشخص لمنصب أو شيء كان في ملك يده، فعندما يفتح الشخص مجال للآخرين بالجلوس مكانه فإنه يحلو بمنظورهم ويحاولون الإستيلاء عليه، مستغلين بذلك عدم وجود صاحب الكرسي، فعلى الإنسان أن يحتفظ بما يملك لنفسه دون السماح لأياً كان أخذ مكانه أو ما يمتلكه منه أو ما وصل إليه بعد جهده وتعبه، فهو من حقه هو فقط، وكما انتشر هذا المثل انتشاراً واسعاً في جميع المجتمعات العالمية، حيث أنه في هذا العالم الجميع يبحث عن المناصب.