الآية:
(یَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَـٰتࣲۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ﴾ [المجادلة ١١]
يقول الشيخ ابن تيميه رحمه الله تعالى: خص سبحانه رفعه بالأقدار والدرجات الذين أوتوا العلم والإيمان، وهم الذين استشهد بهم في قوله تعالى ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ قَاۤىِٕمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ﴾ [آل عمران ١٨] وأخبر أنّهم هم الذين يرون ما أنزل إلى الرسول هو الحق بقوله: ﴿وَیَرَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَیَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَمِیدِ﴾ [سبأ ٦] فدلّ على أن تعلم الحجّة والقيام بها يرفع درجات من يرفعها.
فرفع الدرجات والأقدار على قدر معاملة القلوب الواعية مع الله بالعلم النافع والإيمان، فهناك الكثير ممّن يختم القرآن في اليوم مرّة، ومنهم من يختمه مرتين، والبعض لا ينام الليل، وآخر من الناس لا يفطر، وغيرهم أقل اجتهاد في العبادة منهم مع ذلك أرفع قدراً في قلوب الناس.
ونشاهد الكثير ممّن يلبسون الثوب الخشن، ويتركون الشهوات، وغيره لا يفعل فعلهم وهم من أهل العلم، ولكنّهم أعظم في والقلوب، بسبب صفاء باطنهم، ورفعة درجتهم وقوة يقينهم بما جاء عن الله ورسوله.
وهو كذلك دائم الفهم عن الله، ودائم الفهم لكتاب الله تعالى، والتدبر لألفاظه، واستغنائه عمّا في أيدي الناس وصدق توكله وثقته بالله تعالى.