وراء الأكمة ما وراءها

اقرأ في هذا المقال


كل أمة من الأمم تمتلك موروثها الخاص، والذي تتفرد به عن غيرها من الأمم، ولعل أهم ما أورثه العرب لبعضهم جيلًا يعقبه جيل هو الأمثال، وهي التي تُقال في واقعة ما تُعبر فيها عن الموقف بالقليل من الألفاظ، ومن ثم يتداول النَاس تلك العبارة ويتناقلونها في مواقف أخرى مُشابهة، وتتنوع الأمثال ما بين تلك التي تتحدث عن الشجاعة أو الكرم أو الرجولة أو الحمية أو غيرها.

فيم يضرب مثل وراء الأكمة ما وراءه؟

ذهبت مقولة “وراء الأكمة ما وراءها” مثلًا يعبر في المواقف التي يقوم فيها المرء بفضح نفسه، وإفشاء الأمر الذي كان مستورًا عنده، وقد تناقلت الألسن المثل عبر الأجيال، وتم تحويره واختصاره، إلى وراء الأكمة ما ورائها .

قصة مثل “وراء الأكمة ما وراءها”:

مثل “وراء الأكمة ما وراءها” يُعدّ واحدًا من الأمثال التي يتداولها الناس بشكل كبير، وأما الأكمة فهي المكان العالي والمرتفع، وقد يُقال عن التل العالي الأكمة، و في الغالب يُقال هذا المثل إذا ما أُريد التعبير به عن أمرٍ مخيف أو مريب، أو إذا أُريد به الإشارة إلى أمر غير معروف بالضبط، أما قصة مثل “إن رواء الأكمة ما وراءها” فيُروى أن واحدة من النّساء قد وقعت في حبّ رجل ما، وقد كان حبّه له حُبًّا عظيمًا، وكما أنها كانت تلتقي به ما بين الحين والآخر.

في يوم من الأيام وقع في نفسها شوق كبير لحبيبها، فواعدته أن تراه وتلتقي به وراء الأكمة إذا ما هبط الليل، ولم يعد هناك رجل في المكان، وكانت تلك الفتاة تقوم على خدمة أهلها ومساعدتهم في شؤون حياتهم وتعينهم على أمرهم، غير أنه لكثرة مطالب أهل الفتاة، فقد شغلوها عن الذهاب إلى ذلك الموعد الذي ضربته مع حبيبها وراء الأكمة، فلما غلبها الشوق ولم تعد تستطيع الصبر على وصاله، فضحت أمرها وقالت: إن وراء الأكمة ما وراءها، وفيما بعد أصبح ذلك المثل يُضرب إذا ما أفشى صاحب المرء سره وأخبر عمّا يخفيه، وليس في ذلك تعارض إذا ما كان يُقضد بالمثل إفشاء المرء سر نفسه أو للتعبير عن أمر مريب فكلاهما يصبّان في نفس البئر.

المصدر: الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010


شارك المقالة: