وقفات مع سورة لقمان

اقرأ في هذا المقال


قال تعالى: ﴿الۤمۤ (١) تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡحَكِیمِ (٢) هُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّلۡمُحۡسِنِینَ (٣) ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ یُوقِنُونَ (٤) أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَىٰ هُدࣰى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (٥) وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَشۡتَرِی لَهۡوَ ٱلۡحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲ وَیَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ﴾ صدق الله العظيم.

مناسبة أول السورة لآخرها:

أنّ الله سبحانه وتعالى ذكر فيها بعض من صفات لقمان الحكميم، التي أدب فيها ابنهن وجعلها دروس لمن بعدهم.

موافقة أول السورة لآخرها:

  • بدأت السورة بذكر بعضر أوصاف المفلحين في يوم القيامة، قال تعالى: (هُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّلۡمُحۡسِنِینَ (٣) ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ یُوقِنُونَ (٤) أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَىٰ هُدࣰى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (٥)) صدق الله العظيم، وُختمت بأمر الناس بالتقوى والخوف من يوم القيامة، قال تعالى : ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمۡ وَٱخۡشَوۡا۟ یَوۡمࣰا لَّا یَجۡزِی وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوۡلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَیۡـًٔاۚ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا وَلَا یَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ﴾ [لقمان ٣٣] صدق الله العظيم، وذلك لأنّ رأس الحكمة هي الخوف من الله سبحانه وتعالى والعمل ليوم القيامة.

المحور الرئيسي للسورة:

أهمية التربية الإيمانية.

مواضيع السورة المباركة:

  1. إثبات حكمة للقرآن الكريم، فالحكمة من الله فهو كتاب من حكيم.
  2. وجود وصايا لقمان لابنه.
  3. دلائل وحدانية الله سبحانه وتعالى.
  4. التذكير بالاستعداد لليوم الآخر.

فوائد ولطائف حول السورة المباركة:

  • قوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَشۡتَرِی لَهۡوَ ٱلۡحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲ وَیَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ﴾ صدق الله العظيم- [لقمان ٦] قال القرطبي:  سئل عبد الله بن مسعود عن قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) صدق الله العظيم، فقال: الغناء والله الذي لا إله إلّا هو، يرددها ثلاث مرات. وعن ابن عمر أنّه الغناء، وكذلك قال عكرمة وميمون بن مهران ومكحول. وروى شعبة وسفيان عن الحكم وحماد عن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود: الغناء ينبت النفاق في القلب، وقاله مجاهد، وزاد: إنّ لهو الحديث في الآية الاستماع إلى الغناء وإلى مثله من الباطل. وقال الحسن: لهو الحديث المعازف والغناء.
  • قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ﴾ صدق الله العظيم، قال القرطبي: الصواب أنّه كان رجلا حكيما بحكمة الله تعالى- وهي الصواب في المعتقدات والفقه في الدين والعقل – قاضيا في بني إسرائيل، أسود مشقق الرجلين عظيم الشفتين، قاله ابن عباس وغيره. وروي من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر، حسن اليقين، أحب الله تعالى فأحبه، فمن عليه بالحكمة، وخيره في أن يجعله خليفة يحكم بالحق، فقال: رب، إن خيرتني قبلت العافية وتركت البلاء، وإن عزمت علي فسمعاً وطاعة فإنّك ستعصمني، كان نجارا، فقال له سيده: اذبح لي شاة وائتني بأطيبها مضغتين، فأتاه باللسان والقلب، فقال له: ما كان فيها شي أطيب من هذين؟ فسكت، ثم أمره بذبح شاة أخرى ثم قال له: ألق أخبثها مضغتين، فألقى اللسان والقلب، فقال له: أمرتك أن تأتيني بأطيب مضغتين فأتيتني باللسان والقلب، وأمرتك أن تلقي أخبثها فألقيت اللسان والقلب؟! فقال له: إنّه ليس شي أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.
  • سرد وذكر بعض من وصايا لقمان الحكيم.
  • التحذير من الشرك بالله تعالى: ﴿وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَـٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ یَعِظُهُۥ یَـٰبُنَیَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِیمࣱ﴾ [لقمان ١٣] – صدق الله العظيم.
  • بر الوالدين، قال تعالى: ﴿وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰ⁠لِدَیۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنࣲ وَفِصَـٰلُهُۥ فِی عَامَیۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِی وَلِوَ ٰ⁠لِدَیۡكَ إِلَیَّ ٱلۡمَصِیرُ (١٤) وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ (١٥)﴾ [لقمان ١٤-١٥] صدق الله العظيم.
  • مراقبة الله في كل الأوقات، قال تعالى: ﴿یَـٰبُنَیَّ إِنَّهَاۤ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلࣲ فَتَكُن فِی صَخۡرَةٍ أَوۡ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ أَوۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیرࣱ﴾ [لقمان ١٦] صدق الله العظيم، ومن هذا المعنى قول النبي ﷺ لعبد الله بن مسعود: (لا تكثر همك ما يقدر يكون وما ترزق يأتيك). وقد نطقت هذه الآية بأنّ الله تعالى قد أحاط بكل شي علماً، وأحصى كل شي عددا، سبحانه لا شريك له.
  • الدعوة إلى الصبر على مهام الدعوة، والصبر على المكاره قال تعالى: ﴿یَـٰبُنَیَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَاۤ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَ ٰ⁠لِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾ [لقمان ١٧] صدق الله العظيم. عن ابن جبير أنّه قال: وأمر بالمعروف يعني التوحيد، وأنَّه عن المنكر يعني الشرك، قال تعالى : ﴿واصبر على ما أصابك﴾ صدق الله العظيم – من الشدائد والمحن، لا سيما فيما أمرت به من إقامة الصلاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
  • النهي عن الكبر والتكبر: قال تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ فِی ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالࣲ فَخُورࣲ﴾ [لقمان ١٨] صدق الله العظيم، قال الهروي: “لا تصاعر” أي لا تعرض عنهم تكبرا عليهم، قال تعالى: ﴿وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً﴾ صدق الله العظيم، أي متبخترا متكبرا، مصدر في موضع الحال.
  • التأدب في المشي في الطرق وبين الناس، قال تعالى: ﴿وَٱقۡصِدۡ فِی مَشۡیِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَ ٰ⁠تِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِیرِ﴾ [لقمان ١٩] صدق الله العظيم ، أي توسط فيه. والقصد: ما بين الإسراع والبطء، أي لا تدب دبيب المتماوتين ولا تثب وثب الشطار، وقال رسول الله ﷺ: (سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن)، وقال السخاوي: محل ذم الإسراع ما لم يخش من بطء السير تفويت أمر ديني، قوله تعالى: ﴿إنَّ أنْكَرَ الأصْواتِ﴾ صدق الله العظيم، أي أقبحها، يقال: وجه منكر أي قبيح، وفي ذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنّها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمر، ونباح الكلاب- فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنّها رأت شيطانًا.
  • الواجب على العبد أن يسارع في الطاعة ولا يؤجل، فإنّه لا يدري ولا يعلم متى يأتيه أجله قال تعالى: (وَمَا تَدۡرِی نَفۡسُۢ بِأَیِّ أَرۡضࣲ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرُۢ) صدق الله العظيم.


  • قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَیُنَزِّلُ ٱلۡغَیۡثَ وَیَعۡلَمُ مَا فِی ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِی نَفۡسࣱ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدࣰاۖ وَمَا تَدۡرِی نَفۡسُۢ بِأَیِّ أَرۡضࣲ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرُۢ﴾ [لقمان ٣٤] صدق الله العظيم، وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنّ النبي ﷺ قال: ««أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس، ( إنّ الله عنده علم الساعة)» الآية».

المصدر: تفسير القرآن العظيم — ابن كثيرروح المعاني — الآلوسيفتح البيان — صديق حسن خانجامع البيان — ابن جرير الطبريزاد المسير — ابن الجوزي


شارك المقالة: