وقفات مع سورة محمد

اقرأ في هذا المقال


قال تعالى ﴿ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ (١) وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَءَامَنُوا۟ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدࣲ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ (٢) ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡبَـٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَـٰلَهُمۡ) صدق الله العظيم.

مناسبة التسمية:

محمد صلى الله عليه وسلم، لم يأتِ لفظ النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كتاب الله سوى (4 مرات) وهذه السورة من إحداها، لذلك هذا الاسم يُدخل الذل والهوان على قلوب الكفار.

موافقة أول السورة لآخرها:

بدأت السورة بأمر المسلمين بقتال المشركين فقال تعالى:  ﴿فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰ⁠لِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ﴾ صدق الله العظيم، وخُتمت السورة بعدم ترك قتالهم، فقال تعالى ﴿فَلَا تَهِنُوا۟ وَتَدۡعُوۤا۟ إِلَى ٱلسَّلۡمِ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمۡ وَلَن یَتِرَكُمۡ أَعۡمَـٰلَكُمۡ﴾ صدق الله العظيم، ثم ختمت بخذلان الكافرين، وإبطال أعمالهم، فقال تعالى (إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَشَاۤقُّوا۟ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن یَضُرُّوا۟ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔا وَسَیُحۡبِطُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ) صدق الله العظيم، والهدف من ذلك حماية الدعوة وأبنائها، ولتكون كلمة الله العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

المحور الرئيسي للسورة:

عقوبة من أعرض عن دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واتباعه هو مقياس لقرب العبد من ربه.

مواضيع السورة المباركة:

  • عرض بعض صور الخذلان والعقوبة من الله للكفار.
  • عرض وبيان صورة العزة للمؤمنين.
  • التأكيد على عدم ترك القتال، حتى يلحق الخزي والذل بالكفار.
  • عرض بعض مُحبطات الأعمال في عدة صور منها: الصد عن طريق الله، والكفر بالله، اتباع الباطل- كراهية ما أنزل الله من أحكام- مشاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم- الرياء والنفاق.

فوائد ولطائف حول السورة المباركة:

  • قطع الأرحام من أكبر الكبائر، وهو من موجبات اللعن والطرد من رحمة الله تعالى، قال تعالى: ﴿فَهَلۡ عَسَیۡتُمۡ إِن تَوَلَّیۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوۤا۟ أَرۡحَامَكُمۡ (٢٢) أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰۤ أَبۡصَـٰرَهُمۡ (٢٣)﴾ صدق الله العظيم.
  • مركز تدبر الفهم والوعي هو ( القلب) ولهذا هناك الكثير من الشواهد من القرآن، قال تعالى: ﴿أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَاۤ (٢٤)) صدق الله العظيم.
  • أهل الجنة يعرفون بيوتهم في الجنة كما يعرف الغائب بيته، قال تعالى: (سَیَهۡدِیهِمۡ وَیُصۡلِحُ بَالَهُمۡ (٥) وَیُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ (٦)) صدق الله العظيم، قال الرازي: وأمّا قوله تعالى: ﴿عرفها لهم﴾ صدق الله العظيم، هو أن كل أحد يعرف منزلته ومأواه، حتى إنّ أهل الجنة يكونون أعرف بمنازلهم فيها من أهل الجمعة ينتشرون في الأرض كل أحد يأوي إلى منزله، ومنهم من قال: الملك الموكل بأعماله يهديه.
  • بقي النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى التوحيد( 13 ) سنة في مكة، مع ذلك ذكّره في هذه السورة، وذلك لأهميته قال تعالى: ( فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ) صدق الله العظيم.
  • قوله تعالى: (فَهَلۡ عَسَیۡتُمۡ إِن تَوَلَّیۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوۤا۟ أَرۡحَامَكُمۡ) صدق الله العظيم،  في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ:] إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرّحم فقالت هذا مقام العائذ من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذاك لك- ثم قال رسول الله ﷺ- اقرءوا إن شئتم “فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها”.
  • قوله تعالى: (فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ) صدق الله العظيم قال الرازي: ما الحكمة في اختيار ضرب الرقبة على غيرها من الأعضاء نقول فيه: لما يبين أن المؤمن ليس يدافع إنّما هو دافع، وذلك أنّ من يدفع الصائل لا ينبغي أن يقصد أولا مقتله بل يتدرج ويضرب على غير المقتل، فإنّ اندفع فذاك ولا يترقى إلى درجة الإهلاك، فقال تعالى ليس المقصود إلا دفعهم عن وجه الأرض، وتطهير الأرض منهم.

شارك المقالة: