قوانين القرآن الكريم -(قانون العداوة والبغضاء بين الناس)

اقرأ في هذا المقال



(قانون العداوة والبغضاء بين الناس)

سنة الله في الحياة الدنيا أن يكون فيها العداوة قال تعالى: ﴿ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوࣱّۖ﴾ صدق الله العظيم [الأعراف ٢٤] وأن يكون فيها المدافعة قال تعالى: ﴿ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ ﴾ صدق الله العظيم [البقرة ٢٥١] وأن يكون فيها من يُفسد فيها ويسفك الدماء؛ لحكمةٍ يعلمها الله تعالى جل جلاله، قال تعالى: ﴿ قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ صدق الله العظيم [البقرة ٣٠].

وهذه العداوات لا سبيل للنجاة منها، ولا طريق لاسترضاء الأعداء – على الجملة – مهما حاذر المصلحون من الأخطاء، ومهما اختاروا في سبيل إصلاحهم الطريق الأرفق والأرحم، فإنَّهم لن ينجوا من العداوة والأعداء، ما دام لهم في الإصلاح قصدٌ وعمل.

يَكفيك جرماً عند المفسدين أنّك صالحٌ أو مُصلح، ويكفيك جرماً عند أهل الخيانة أنّك من أهل الأمانةِ، قال تعالى: ﴿۞ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن قَالُوۤا۟ أَخۡرِجُوۤا۟ ءَالَ لُوطࣲ مِّن قَرۡیَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسࣱ یَتَطَهَّرُونَ﴾ صدق الله العظيم[النمل ٥٦] تطهُّرهم فحسب؛ سببٌ كافٍ للعداوة، والعمل على إخراجهم من قريتهم.

وهذا لا يعني أنّ جميع العداوات للمصلحين هي بسبب الإصلاح، بل يحدث من المصلحين بعض الأخطاء التي تستوجب المراجعة والتصحيح، ولا خير في إصلاح يستثني نفسه من المراجعة الذاتية، والإصلاح الداخلي، إنّما المقصود هو اليأس من طريقٍ إصلاحي .

ولا يسوغ للمُصلح أن يستدل بالعداوة والتضحية وحدها على صحة طريقة ومنهجه؛ فالتضحية ليست دليلاً شرعياً على صِحة الموقف، كما أنّ ( السلامة) ليست دليلاً على صحة الطريق، والدليل في موافقة الكتاب والسنة، وطريقة الاستدلال ( بالسلامة) أو ( التضحية) وحدها على صحة المنهج والموقف، طريقة خاطئة في الاستدلال، وقد حدث بعض هذا من قِبَل المنافقين: استدلوا (بالسلامة) على صحة موقفهم واختيارهم، وقد أخبرنا ربنا عنهم في كتابه العزيز قال تعالى: ﴿ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ لِإِخۡوَ ٰ⁠نِهِمۡ وَقَعَدُوا۟ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا۟ قُلۡ فَٱدۡرَءُوا۟ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾ صدق الله العظيم[آل عمران ١٦٨].

ويوجد بين المصلحين وأعدائهم جمهورٌ محُايدٌ يسمع للطرفين، وربما اقتنع بقول المُصلحين تارة، واقتنع بمقالة أعدائهم تارة وهؤلاء قال الله عنهم، قال تعالى: ﴿ وَفِیكُمۡ سَمَّـٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ صدق الله العظيم [التوبة ٤٧]…

هدانا الله لطريق الصواب.


شارك المقالة: