ثورة الحسين بن علي بن أبي طالب على الحكم الأموي:
توفي معاوية بن أبي سفيان في عام 60هـ، وجاء ابنه يزيد بن معاوية حتى يتسلَّم الحكم على مبدأ الوراثة، وأول ما قام به يزيد هو أن أرسل لواليه عتبة بن أبي سفيان رسالة مستعجلة تنص على أخذ البيعة من الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، وكانا هم أشد المعارضين لبيعة اليزيد منذ أن أعلن معاوية أن ولاية العهد لابنه يزيد.
فقام الوليد باستدعاء الحسين بن علي لأخذ البيعة، فأجابه: أن مثله لا يُعطي بيعته سراً فإذا ما دعى الناس للبيعة ودعي معهم كان الأمر واحداً، ثم عاد إلي بيته، وتوجه عبد الله بن الزبير إلى مكة؛ حتى يتحصّن في المسجد الحرام، وعندما وصل الحسين إلى مكة بدأت الناس والرسائل تتوافد عليه بأنهم يبايعونه ويدعونه للذهاب إليهم، فذهب الحسين بناءاً على طلباتهم المتكررة التي تؤكد كره أهل الكوفة ليزيد والأمويين.
وكان الحسين يرى بأن يرسل ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى أهل الكوفة؛ حتى يتأكد من صدق مبايعتهم للحسين، فوصل في عام 60هـ ونزل في بيت المختار بن أبي مسعود الثقفي، وأصبحت الكوفة مكاناً لنشاط مسلم بن عقيل إلى أن تم تعيين عبيد الله بن زياد بن أبيه والياً عليها.
قام أنصار بنو أمية بالإرسال إلى يزيد بن معاوية ليخبروه بأن مسلم بن عقيل وصل إلى الكوفة وبايعه الناس، وقالوا له أيضاً بأن يرسل لهم رجلاً قوياً إذا كان له في الكوفة حاجة، كما قالوا عن النعمان بن بشير والي الكوفة بأنه رجلٌ ضعيف أو يتضعّف.
ولكن وصول عبيد الله بن زياد بن أبيه إلى الكوفة قد غيّر الأمر تماماً؛ لِما عُرف عنه أنه شديد البطش، ومن خوف أهل الكوفة منه تخلّى أنصار مسلم بن عقيل عنه، فاستطاع عبيد الله أن يمسك بمسلم فأمر بقتله وإلقاء جثته في قصر الإمارة، فقام الحسين بن علي بإعداد العُدّة للذهاب إلى الكوفة، فجاء إليه عمرو بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال له: بلغني أنك تُريد العراق وإني مشفق عليك أن تأتي بلداً فيه عُماله وأمراؤه ومعهم بيوت الأموال.
وإنما الناس عبيد الدرهم والدينار فلا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ومن أنت أحب إليه ممن يقاتك معه فجزاه الحسي خيراً، وقبل أن يذهب نحو العراق لاقاه الفرزدق هو عائد من مكة وسأله عم مشاعر أهل العراق فقال: القلوب معك والسيوف مع بني أمية والقضاء بيد الله، ولكن هذا الكلام لم يجعل الحسين بن علي يتزعزع عن موقفه، وظلَّ ثابتاً على مبادئه، فخرج بعدد قليل من أنصاره وأحبائه ولم يتجاوزوا الثمانين شخصاً.
رحيل الحسين بن علي إلى العراق:
وعندما كان الحسين بن علي في طريقه إلى العراق عَلِمَ بمقتل ابن عمه مسلم بن عقيل، وكان هذا بسبب خذلان أهل الكوفة له وتخليهم عنه، وكان الحسين كلَّما تقدم أكثر يأتي إليه أحد لينصحه بالرجوع، وعلى ما يبدو بأن الحسين قد اقتنع بالعودة إلى الحجاز ولكن إخوة مسلم لم يتراجعو وأصرّوا على التقدم؛ حتى يأخذو بثأر أخيه.
ولكن تصدت لهم جيوش عبيد الله بقيادة الحر بن يزيد التيمي، ومنعهم من التقدم أو الرجوع فذهب إلى كربلاء وعسكر في غرة المحرم عام 61هـ، ولكن باغته جيش عمر بن سعد بن أبي وقاص ومعه أربعة آلاف مقاتل، فوقفوا بينه وبين الماء، وحاول الحسين بأن يمنع حدوث القتال وإراقة دماء المسلمين.
وطلب من عمر بن سعد بن أبي وقاص أن يختار واحداً من ثلاث: إما أن يتركه يذهب لأي مكان يشائه، أو يذهب إلى يزيد بن معاوية، أو يلحق بثغور، فقام عمر بالكتابة إلى عبيد الله بن زياد فكان مُصراً بأن يقوم بالبيعة ليزيد، وأن يُسلِّم نفسه، كما أعطى عبيد الله الأمر لعمر بأن يستخدم القوة إذا رفض الحسين البيعة، وإذا لم يُنفِّذ الأمر سيسلم القيادة إلى شمر بن ذي الجوشن القيسي؛ الذي حمل الرسالة إليه.
وفي العاشر من شهر محرم بدأ القتال بين الطرفين، وانضم الحر بن يزيد التيمي إلى صفوف الحسين، وبدأ جنود الحسين يُقتلون واحداً تلو الآخر، إلى أن جاء الدور عليه فقاتل ببسالة حتى أهلكته جراحه، فتكاثر عليه الجنود وقتلوه وقطعوا رأسه ورؤوس أصحابه، فحملها شمر بن ذي الجوشن ىالقيسي إلى عبيد الله بن زياد، فقام عبيد الله بإرسالها إلى يزيد الذى أعطى الأمر بإرسال رأس الحسين لأخته زينب؛ ليُدفن مع الجسد، فتم دفنه في كربلاء، كما تمَّ إعادة بعض النساء ومعهن علي بن الحسين وكان طفلاً صغيراً.