أحداث معركة الخندق الأموية

اقرأ في هذا المقال


التجهيزات لمعركة الخندق الأموية

بعدما تمكن الأمير عبدالرحمن الثالث فتح سرقسطة وقمع التمردات داخلها، توجه إلى مملكة نافار وسيطر عليها وهزم جيشها، وطلبت الملكة طوطة أن يعفو عنها، وقام بالعفو عنها بعد خيانتها، وقام بإرجاعها هي وحفيدها المدعو غرسيه للحكم.

عندما تمكن عبد الرحمن الثالث من إفساد التحالف الثلاثي الذي يعمل ضده والمكون من مملكة ليون ومملكة نافار ووالي سرقسطه، بدأ في عام (939) م بتجهيز حملة عسكرية كبيرة ضد مملكة ليون، وكان الجيش يتكون من (100000) ألف مقاتل، وعين قائدًا له نجدة بن حسين الصقلبي، وكان عبدالرحمن الثالث على رأس الجيش، وتأهب راميرو الثاني واتجه إلى قلعة شنت منكش الواقعة في مدينة سمورة.

وسرعان ما اتحدت القوى المسيحية ضد المسلمين، فقد اتحدت ملكة نافار الملكة طوطة مع راميرو الثاني، والتي كانت على عهد مع عبد الرحمن الثالث ولكنها نقضته مرة أُخرى، كما وقام المتمرد والخائن أمية بن إسحاق بتزويد راميرو الثاني بالكثير من المعلومات المهمة لإسقاط الجيش الأموي.

أحداث معركة الخندق الأموية

دخل عبد الرحمن الثالث بجيشه الكبير إلى مدينة ليون وبعد ذلك توجه إلى مدينة سمُّورة، ومدينة سمورة من أقوى مدن مملكة ليون وأكثرها حصانة ويوجد بها قلعة منيعة يحيط بها (7) أسوار، وبين أسوارها يوجد خنادق كبيرة مليئة بالمياه، ويوجد بها قاعدة عسكرية قوية تدافع عنها.

وفي يوم الجمعة  الأول من أغسطس سنة (939م)، عانى المسلمون من معركة من أصعب وأشرس المعارك على باب قلعة شنت منكش، وقام المسلمون بالهجوم واستطاعوا فتح سورين من أسوار المدينة السبعة، وقام المسيحيون بالبقاء داخل المدينة، واغتر المسلمون بعددهم، وضعفت همتهم، ووقعت بين صفوفهم الفوضى وعدم الاهتمام.

قام المسيحيون بالهجوم بإعادة الكرة وبدأوا بقتال المسلمين بقوة وحماسة أكبر من قبل، واستطاعوا قتل نصف الجيش الأموي، وبعد ذلك فر عبد الرحمن وما تبقى معه من قوات لمنطقة تُسمى شلمنقة لإعادة تنظيم قواته إلاّ ان راميرو الثاني قام بمطاردته.

ووصل المسلمون إلى منطقة تُدعى الخندق، وقاموا بهجوم مضاد ضد المسيحين إلاّ أنهم لم يستطيعوا التغلب على القوات المسيحية، وقُتل القائد نجدة الصقلبي، وأُسر محمد بن هشام التجيبي، وأُصيب عبد الرحمن الثالث بجراح، ولكنه استطاع النجاة وكانت بأعجوبة، ورجع مع قلة قليلة من الفرسان المسلمين.

بعد الانتصار الذي حققه راميرو الثاني، أصبحت أنظاره باتجاه قرطبة، فأراد الدخول إليها إلا أن أمية بن إسحاق أخذته الحمية وتحرك إيمانه، ونبه راميرو الثاني من القيام بذلك خوفًا على المسلمين، وقال له أن عبد الرحمن الناصر يحضر لك مكيدة، فأنصحك بالاكتفاء بالغنائم والنصر الذي حققته، وانطوت الحيلة على راميرو الثاني، وعاد أدراجه إلى مملكة ليون، وبذلك استطاع أمية بن إسحاق حماية المسلمين وإنقاذهم من كارثة كبيرة بعدم دخول المسيحيون قرطبة.

بعث عبد الرحمن الثالث لملك ليون من أجل افتداء أسرى المسلمين والذي كان من بينهم محمد بن هشام التجيبي، بعد أن قضوا حوالي (3) سنوات، وبعدها بعث أمية بن إسحاق لعبد الرحمن الثالث يطلب العفو عنه، فعفا عنه وأكرمه بسبب إنقاذه للمسلمين في الأحداث الأخيرة.

بعد هذه المعركة بدأ عبد الرحمن الثالث بإعادة تنظيم أمور الدولة العسكرية وعالج نقاط الضعف التي تسببت بخسارته الكبيرة في معركة الخندق، وقام ببناء قاعد عسكرية في الشمال وهي مدينة سالم، وبنى مدينة المرية والتي كانت قاعدة للأسطول الأندلسي ومكانًا لبناء السفن، وبعد عامين قام بحملة عسكرية قوية على مملكة ليون، واستطاع اقتحام حدودها وقتل ضعف ما قُتل من المسلمين في معركة الخندق.

المصدر: الكامل في التاريخ، الجُزء العاشر (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب العلميَّة. ابن أبي زرع، علي بن مُحمَّد الفاسي (1842 - 1846). الأنيس المغرب بروض القرطاس في أخبار مُلوك المغرب وتاريخ مدينة فاس. نشر فورنبرگ، أبسال. عنَّان، مُحمَّد عبدُ الله (1990م). دولة الإسلام في الأندلس، العصر الثالث، القسم الثاني (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: مكتبة الخانجي. ابن عبد الحكم، عبدُ الرحمٰن بن عبد الله القُرشي; تحقيق: عبد الله أنيس الطبَّاع (1964). فتوح أفريقيا والأندلُس. بيروت - لُبنان: دار الكتاب اللُبناني.


شارك المقالة: