أهل الذمة في مجتمع عصر المماليك
لقد تم تقسيم المجتمع في عصر المماليك إلى ثمانية فئات مختلفة منها فئة المماليك، كما كان هناك طوائف السكان، بالإضافة إلى فئة أرباب المهن في المدن، أيضاً هناك المعممون وفئة الفلاحون، بالإضافة إلى شريحة أهل الذمة، وهناك أيضاً فئة التجار، بالإضافة إلى فئة الأعراب والأقليات الأجنبية، حيث كان في عصر المماليك فئات عديدة من أهل الذمة والأقليات الأجنبية سواء من اليهود أو من المسيحيين الغربيين أو حتى المسيحيين الوافدين من جورجيا وأرمينيا وغيرها، حيث اختارت تلك الأقليات العيش في المدن التجارية والثغور.
معلومات عن أهل الذمة في عصر المماليك
إن الأحياء السكنية كانت عبارة عن مجتمعات متجانسة ومترابطة بين أفرادها، كما كان هناك تضامن بين الأقاليم على أساس من الهوية الدينية، حيث كان في القاهرة لكل طائفة مسيحية أو يهودية شارع خاص بها، وفي دمشق كان هناك أحياء يهودية، بالإضافة إلى احتلال الأرمن والموارنة أحياء في القسم الشمالي الغربي من مدينة حلب، كذلك تم العثور على أحياء مسيحية ويهودية في القدس.
إن ورود إشارات في المصادر على حدوث خلافات حول المساجد والكنائس المتجاورة، أو حول ارتفاع المنازل يدل على أن الأقليات اليهودية والمسيحية كانت متفرقة بين السكان أو أن أفرادها كانوا يسكنون في أحياء منفصلة لكنها قريبة للشوارع الإسلامية، غير أنه لم يكن هنالك أي انعزال بين الجماعات يشكل عام، ومن جانب متصل نصت العديد من المصادر في عصر المماليك مثل: كُتب ابن الأخوة وابن قيم الجوزية على أن أهل الذمة سواء من اليهود والمسيحيين قد حصلوا على جميع ما حصل عليه المسلمون من حقوق وامتيازات مختلفة، حيث تدل المراسيم الصادرة عن سلاطين المماليك على ذلك.
على سبيل المثال أصدر السلطان الملك المظفر سيف الدين في سنة ١٤٢١م مرسوم أوصى به بالسريان والإحسان إليهم، كما أصدر السلطان برسباي سنة ١٤٢٢م مرسوم أوصى خلاله ببطريرك السريان في بيت المقدس والبلاد الشامية ويتم منح السريان إعفاءات مالية، كما أصدر السلطان قايتباي مرسوما في سنة ١٤٧٩م يسمح فيه للسريان بالاستمرار في عاداتهم القديمة المرتبطة في زيارة الأماكن المقدسة.
وهنا نستنتج مما سبق أنه كان هناك الكثير من التوصيات من خلال المراسيم الصادرة عن السلاطين للاهتمام بأهل الذمة والإحسان لهم في عصر المماليك، ولم يكن هناك أي تمييز أو عنصرية بينهم سواء كانوا من اليهود أو المسيحين وغيرهم من الديانات أو الجماعات الأخرى، كما حصلوا على جميع الحقوق والامتيازات التي حصل عليها غيرهم.