لقد ظهر الاهتمام بالتدريب الميداني في الخدمة الاجتماعية منذ حقبة بعيدة المدى، بل منذ تكوّن الخدمة الاجتماعية، فالإسهامات الاجتماعية التي كانت تعمل عن طريق حركة المحلات الاجتماعية، وعن طريق مؤسسات ومنظمات الإحسان لم تكن تقدم على أساس علمي، وذلك لبساطتها من جانب وقلتها أو محدوديتها من جانب آخر، ومع ذلك كله كتب لها تحقيق النجاح إلى أن باتت تلك الإسهامات عبارة عن أنظمة رسمية، تتماشى مع تقدم الحياة الإنسانية لها مكانتها ومبادئها وأخلاقياتها ومهاراتها.
أهمية التدريب الميداني في الخدمة الاجتماعية
لقد كان مطلع تعليم الخدمة الاجتماعية عبارة عن دورات تدريبية تؤهل الطالب، حيث كانت تركز على أساليب بحث حالات العميل، ثم التدريب على كتابة التقارير والسجلات، إلا أن هذا الأسلوب لم يغني عن التعليم النظري، الموضوع الذي جعل الذين يهتمون بالخدمة الاجتماعية، ينشأون أسساً نظرية تساهم على إدراك أعمق لطبيعة المعوقات الإنسانية، والأنظمة الاجتماعية، وطبيعة مكونات الشخصية الإنسانية، ومع تقدم الخدمة الاجتماعية في مجالات المزاولة المتفاوته وفي الجوانب النظرية، بات تعليم الخدمة الاجتماعية على ما هو عليه الآن من تعليم نظري وتدريب عملي.
والحقيقة إن الاهتمام بالتدريب الميداني يصدر من صدق المشتغلين بتعليم الخدمة الاجتماعية، وبأن التدريب الميداني هو المكان الذي يوضع فيه كل ما حصله الطالب من معرفة في جميع المقررات الدراسية النظرية في تفاعلها مع خبرة الطالب الحياتية في عائلته ومجتمعه، في إطار ما تمنحه منظمات التدريب من خبرات للعمل مع أفراد المجتمع.
وهم يعتقدون أن ذلك يتم عن طريق العملية التدريبية التكامل، ليس فقط بين هذه المواد النظرية وبعضها البعض، ولكنهم يفترضون أيضاً أن يحدث التكامل في شخصية التلميذ ككل، إذ يأخذ هذه الأخلاق والفنون والمعارف ويمثلها، بحيث تصبح قسماً لا ينفصل من كيانه المهني، من تفكيره وإحساسه وقيمه واتجاهاته وأدائه المهني والشخصي.
إن للتدريب الميداني في الخدمة الاجتماعية اهتمام خاص ومنفرد لكافة مَن في المهنة وتشمل القائمين على الإشراف والتلاميذ والمجتمع، فالتدريب هو الجزء الذي يكمل تعليم الخدمة الاجتماعية، فعن طريق التدريب نتمكن أن نخرج تلاميذ مؤهلين تأهيلاً صحيحاً يكتسبون الخبرة والمهارة، ولديهم القدرة على مزاولة المهنة بكل كفاءة وفاعلية.
أما عن الاهتمام بالتدريب بالنسبة للمشرفين الأكاديميين، فتتضمن في ما تمنحه هذه العملية من فرص جيدة للاتصال بالعالم الخارجي الواقعي، والتعرف على طبيعة المعوقات الموجودة في المجتمع، والمعيقات التي تواجه عملية المزاولة.