نشأة ريمون بودون في علم الاجتماع:
ولد ريمون بودون في باريس عام 1934، ودرس في المدرسة العليا للمعلمين (ENS)، وحصل على الإجازة في الفلسفة والدكتوراة في الأدب، ودرس في ألمانيا وحصل على منحة لمدة سنة بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وعين أستاذاً محاضراً بجامعة بوردو، وتسيير مركز الدراسات السوسيولوجية، ورئيس فرقة دراسة مناهج التحليل السوسيولوجي.
وألف كتابه في اللاتساوي في الفرص، الحراك الاجتماعي في المجتمعات الصناعية، وأستاذ علم الاجتماع بجامعة السربون، وكتاب الحوادث المنحرفة والنظام الاجتماعي، وكتاب المنطق الاجتماعي مدخل للتحليل السوسولوجي، وفرض نفسه كأحد كبار السوسيولوجين بداية من السبعينيات، وألف كتاب المنطق وهي النوايا الحسنة، وكتاب علم الاجتماع وهل هو علم؟، وهو حالياً رئيس لجنة تحرير السنة السوسيولوجية.
أهم إسهامات ريمون بودون في علم الاجتماع:
1- الفردانية المنهجية:
أهم ما يمكن توضيحه، تقوم الفردانية المنهجية على اعتبار الفرد العنصر المركزي في التحليل السوسيولوجي، ويعرف الفرد باعتباره يضم خاصيتين، وهما العقلانية سلوك غير ميكانيكي، والاستقلالية من خلال قيم ومعتقدات خاصة، ويتم ذلك ضمن وضعية معينة.
كما أن البنى الاجتماعية ليست هي التي تحدد الفعل الاجتماعي، إنما مجموع الأفعال الفردانية هي التي تولد الظواهر الملموسة، فالفرد هو نواة التحليل السوسيولوجي.
2- منطق الاجتماعي:
يقصد به هدف علم الاجتماع ومنهجه في الدراسة والذي تحكمه المبادئ التالية، لا يمكن فهم الفعل الفردي إلا ضمن محيط اجتماعي محدد، والمحيط لا يحدد إنما يوجه الفاعلين حسب وضعياتهم داخل نسق من التفاعل، وبالتالي يملك الأفراد هامشاً من التصرف، والفاعل الاجتماعي محور التحليل السوسيولوجي، وتصرف الفرد ضمن سياق معين وداخل تناقضات متباينة عليه بقبولها كمعطيات، لا يعني أننا يجب أن نضع من سلوكه نتيجة مباشرة لهذه التناقضات.
والفعل الفردي منطقي، لكن هذا المنطق لا يخضع دوماً للمنطق الاقتصادي القائم على إشباع أكبر قدر من الحاجات، فقد يتصرف الفرد وفقاً لدوافع مختلفة وحتى متناقضة أحياناً، ويجب التفكير من منطلق الاختيارات الممنوحة في مقابل قيمة الأهداف المرغوبة، ويرفض الوعي الجمعي، ولا ينفي تأثير البنية الاجتماعية إنما هي عبارة عن تأثير مختلف عما يعتقد أنه ضمير جمعي.
3- التغير الاجتماعي اللانظامي:
يلاحظ بودون أن أغلب نظريات التغير الاجتماعي أخفقت؛ ﻷنها تبحث عن قوانين عامة تحكم التاريخ، وأغلب المنظرين حاول إعطاء معنى للتاريخ بالبحث عن ارتباط النتيجة بالسبب، وعمل السوسيولوجي ليس التنبؤ بمستقبل المجتمع من خلال قوانين وعلمنة لم تعط شيئاً في الحقيقة.
وهو بذلك يرفض كل حتمية تعمم قانون، ولا يمكن التنبؤ بالمستقبل؛ ﻷنه غير أكيد، لهذا على علم الاجتماع إعطاء مكانة ل”اللانظام” في عملية التغير الاجتماعي، والتغير الاجتماعي غير محدد؛ ﻷن عملية تجميع السلوكيات الفردية ليست روتينية بشكل مسبق.