أيدولوجيا الحداثة في موروث السوسيولوجي في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


أيدولوجيا الحداثة في موروث السوسيولوجي في علم الاجتماع:

لم يلفت علماء الاجتماع هؤلاء الكشف عن التناقضات بين الخطابات التي يتمسك بها المجتمع الحديث عن نفسه وبين حقيقة عمله، وهكذا فإن سيداً للشك، مثل ماركس، كما يقول في كتابه عن أيدولوجيا حقوق الإنسان بإظهاره أنّها تكرس بشكل رئيسي حقوق الملكية ولا تمتد إلى أبعد من الإنسان الأناني، إذ خلف عبارة المساواة المعلنة تختبئ التفاوتات الحقيقية، وخلف عقد العمل بين أفراد أحرار تختبئ علاقات الهيمنة التي تحول الدولة إلى جهاز في خدمة المصالح الاقتصادية للطبقة المهيمنة.

ويرى ماكس فيبر من جهته خلف إعلان المبادئ الديمقراطية الكبرى، هيمنة قلة من الناس على الأغلبية، وهذا تلميذه روبيرتو ميشيل، يوضح القانون الفولاذي لحكم القلة مبيناً أن الأحزاب السياسية الكبرى والنقابات ذاتها تنتهي بالتدريج إلى أن تصبح تحت قيادة أقلية من القادة المهنيين الذين يدعون الكلام باسم القاعدة المناضلة، وهكذا يوضح التناقض في التنظيمات الجماهيرية، تناقض بين القيم الديمقراطية من جهة والنخبوية في عملها المحكوم بضرورة النجاح.

تعرف المجتمعات الحديثة كذلك توترات داخلية في قيم الحرية والمساواة التي تعتز بها، بالنسبة لتوكفيل يمكن للمساواة في الظروف أن تقود إلى استبعاد الإنسان الحديث، أمّا بشأن ماركس على العكس الحرية الوحشية للرأسمالية هي التي تولّد، بشكل حتمي وعبر استغلال العمل تفاوتات عميقة بين الأفراد، وأخيراً فإنّ زيمل هو الذي يلخص بشكل أفضل المصاعب التي تواجهها المجتمعات الحديثة في المصالحة بين هاتين القيمتين.

إنّ اختيار الحرية المطلقة يؤدّي بالضرورة إلى استغلال الأكثر ضعفاً من قبل الأشد قوة، لكن اختيار المساواة المطلقة، التي تسعى إليها الاشتراكية، لا يمكنه أن يزيد من حرية العامل إلا على حساب حرية المقاول، ودون أن نكون متأكدين من أن لا تنشأ أشكال جديدة من التفاوتات قادرة على أن تخدم كوسيلة لهيمنات جديدة، نخشى حينئذ من حصول التفاوت من دون الحرية.

فقد كشف توكفيل ودور كايم عن هشاشة العلاقات الاجتماعية في المجتمعات الحديثة، أمّا ماركس وفيبر فقد أظهرا علاقات الهيمنة التي يحجبها القانون الوضعي، وزيمل الأكثر حداثة بين الجميع دون شك، ألقى الضوء على امتداد سلاسل التفاعل بين زمر الانتماء المنتقاة بحرية وتكاثرها، معلناً بهذا الشكل عودة النزعة القبيلية الجديدة، الأثيرة على ميشيل مافسولي.

المصدر: مناهج البحث العلمي، محمد الجوهري.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح. علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد. أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط محمد حسن.


شارك المقالة: