انتقادات على إيفانز بريتشارد في التحليل البنائي في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


انتقادات على إيفانز بريتشارد في التحليل البنائي في علم الاجتماع:

  • موقف بريتشارد من جماعة العائلة: ففي معرض رفضه لاعتبار العلاقات الثنائية في تحليل البناء الاجتماعي، وصل بريتشارد إلى موقف نظري غامض حين اعتبر العائلة علاقة ثنائية لا تدخل في تحليلنا للبناء الاجتماعي.
    فالعائلة كجماعة أولية، كما يشير بريتشارد تتميز بصغر الحجم النسبي، وسرعة الزوال، إذ غالباً ما تنتهي كجماعة لتنشأ عائلة أخرى، بينما تتميز الجماعات الكبيرة كالعشائر، والجماعات الإثنية بكبر الحجم، والاستمرار في الزمن، وبالتالي فإن تحليل البناء الاجتماعي يركز على تحليل هذه الوحدات الكبيرة.
    ومع ذلك فإن بريتشارد لم ينكر أهمية العائلة في المجتمع فهي التي تنجب الأطفال، وتربيهم لشغل مكانات متعددة في نظم البناء الاجتماعي، ومؤسساته، وللقيام بأدوار متعددة ترتبط بهذه المكانات.
    ولا شك أن التفسيرات المعاصرة بيّنت ضعف موقف بريتشارد، بالنسبة للعائلة، وللجماعات القليلة بصورة عامة، فالعائلة بوصفها نسقاً اجتماعياً، وجزءاً رئيسياً من أجزاء البناء الاجتماعي، وبخاصة في المجتمعات التقليدية، أو النامية التي تقوم في تنظيماتها الاجتماعية على القرابة، والعلاقات الأولية، حيث تؤدي العائلة في مثل هذه المجتمعات وظائف مهمة بالنسبة للمجتمع، وبالنسبة للأفراد.
  • النظرة الضيقة إلى البناء الاجتماعي ومكوناته: انتقد بريتشارد أيضاً على أنه نظر نظرة ضيقة إلى البناء الاجتماعي، حين قصر تطبيق مفهوم البناء الاجتماعي على جماعات محددة مهملاً الجماعات الصغيرة، وقد رأينا ردفيليد دعا إلى اعتماد معيار الأهمية في تحديده للجماعات البنائية، فبغض النظر عن حجم الجماعة سواء أكانت صغيرة أم كبيرة فإن ما يحدد كونها جماعة بنائية أم لا هو توقعنا للتأثير الذي يمكن أن تتركه على البناء الاجتماعي في حالة اختفائها.
    ونفس هذا المعيار يطبق أيضاً كما رأينا على العلاقات الاجتماعية، وتحديد كونها علاقات بنائية أم لا، فهنا أيضاً يعتمد على توقعنا للتأثير الذي يمكن أن تتركه العلاقة في حالة اختفائها لاعتمادها كجماعة بنائية،ومثل هذا التوقع يبنى على ملاحظات ومقارنات، وأدلة علمية موثقة، وليس على الملاحظات الانطباعية فقط.
    وهكذا فبتطبيق مبدأ الأهمية الذي أقترحه ردفيلد فإننا نجد عديداً من الأدلة، والملاحظات العلمية المقارنة التي تؤكد أهمية الأسرة في هذه المجتمعات، وبالتأثير الشديد لضعفها، أو اختفائها على طبيعة هذه المجتمعات، وبالتالي فإن الأسرة جماعة بنائية، أي تدخل في تكوين البناء الاجتماعي، لما لها من أهمية بالغة في التأثير على طبيعة المجتمع، وعلى استمراريته في الزمان والمكان.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: