اتجاه التفاعل الرمزي عند تشارلز كولي في علم الاجتماع:
رأى كولي أن التصورات التي يكونها الناس عن بعضهم البعض تشكل الحقائق الأساسية بالمجتمع، وعلى هذا عرف المجتمع بأنه ظاهرة عقلية أو علاقة بين أفكار شخصية، ورأى أن مهمة علم الاجتماع دراسة العلاقة بين الذات والمجتمع عن طريق تحليل التخيلات أو التصورات التي توجد لدى الناس عن بعضهم البعض.
وقد عبر كولي عن ذلك بقوله، إن المجتمع عبارة عن علاقة بين أفكار شخصية، لكي يوجد مجتمع ما لابد أن يلتقي الأشخاص سوياً في مكان ما، وهؤلاء الأشخاص يلتقون سوياً على المستوى الفكري في العقل، وليس هناك مجال آخر، يمكن التقاء الأشخاص فيه غير هذا المجال المشترك، فالمجتمع يوجد في عقلي على شكل التقاء أفكار معينة مثل أنا وتوماس وهنري وسوزان، وهو يوجد في عقلك بنفس الكيفية وهكذا يوجد في كل عقل.
ورأى كولي أن الذات عبارة عن تكوين تخيلي للكيفية التي يعرف بها الشخص تفسير الآخرين لمظهره، وقد أشار كولي للذات بتعبير الذات المرآة، ورأى أن هذه الذات تتكون من ثلاثة عناصر أساسية، تتصور كيف نبدو بالنسبة للشخص الآخر، وتصور حكمه على هذا المظهر الذي يراه منا، وشعور ما بالذات كالفخر أو الخزي.
ولكن نكشف عن تصورات الناس يجب أن تتبع أسلوب الاستبطان التعاطفي، أي أن يضع الباحث نفسه فعلاً أو تصوراً في موقف مبحثيه ثم يستخدم خياله في إعادة بناء العلاقة بين المنبهات التي توجد في هذا الموقف وبين يلاحظه من نشاط سلوكي، والمادة التي يحللها علم الاجتماع تتكون من تخيلات الناس عن بعضهم البعض، وكذلك من الأفكار التصورية والتفسيرية للباحث، ورأى كولي أنه يمكن الجمع بين الطريقة التعاطفية الاستبطانية وبين الطريقة الإحصائية في البحث الاجتماعي.
وقد طور كولي مفهومه عن الذات المرآة وطبقه على المجموعات الإنسانية وكيفية التنظيم الاجتماعي، وقد ميز بين نوعين من المجموعات ما أسماه بالمجموعات الأولية وما أسماه بالمجموعات الثانوية، وعرف المجموعة الأولية كما يأتي، هي تلك التي تتصف بالعلاقات الحميمة والمباشرة والتعاون بين أعضائها، وهي أولية من عدة نواحي أهمها أنها أساسية في تشكيل مثل الفرد وطبيعته الاجتماعية، والنتيجة السيكولوجية للعلاقة الحميمة هي امتزاج الأفراد في كل مشترك، بحيث تصبح ذات كل فرد هي الحياة المشتركة للمجموعة.