اختلاف معدلات الجرائم في الأحياء حسب نظرية الفعالية الجماعية

اقرأ في هذا المقال


طرح سامبسون وزملاؤه نموذجًا أصبح يُعرف باسم نظرية الفعالية الجماعية، وفي هذه الصيغة طوروا مفهومًا أطلقوا عليه اسم الفعالية الجماعية وجادلوا بأنّه يمكن أن يفسر ليس فقط العلاقة بين الظروف الهيكلية للأحياء ومعدلات الجريمة، ولكن أيضًا الرفاهية العامة للحي.

ما هي الفعالية الجماعية ومقياسه

جادل سامبسون وزملاؤه بأنّ الفعالية الجماعية هي أكثر من مجرد روابط اجتماعية أو روابط شخصية أو شبكات اجتماعية داخل الأحياء، وعلى الرغم من أهمية الشبكات، إلّا أنّه يجب تنشيطها قبل أن تكون مفيدة في المساعدة في حل مشاكل الحي، وبالتالي وفقًا لسامبسون تعزز الشبكات الاجتماعية الظروف التي قد تزدهر فيها الفعالية الجماعية، ولكنها ليست كافية لممارسة السيطرة، إذن ما هي الفعالية الجماعية وكيف يمكن للمستويات منها تقاس عبر الأحياء؟

الفعالية الجماعية

تُعرَّف الفعالية الجماعية بأنّها التماسك الاجتماعي بين الجيران جنبًا إلى جنب مع استعدادهم للتدخل؛ من أجل الصالح العام للجوار، وعلى الرغم من أنّ هذا يعتمد على ثقة العمل بين الجيران والتفاعلات الاجتماعية وفقًا لسامبسون، إلّا أنّه ليس شرطًا أن يصادق الجيران بعضهم البعض أو أن يكونوا أصدقاء مع ضباط الشرطة المحليين، فطور سامبسون وزملاؤه مقياسًا لهذا المفهوم يستفيد من التماسك الاجتماعي والرقابة الاجتماعية غير الرسمية والثقة بين الجيران.

مقياس الفعالية الجماعية

يتغلغل مكون التماسك الاجتماعي والثقة في المقياس في العلاقات المجتمعية، وقد تم التقاطه من خلال العديد من أسئلة الاستطلاع التي طُرحت على سكان أحياء شيكاغو المختلفة الذين تم اختيارهم للمشاركة في مشروع التنمية البشرية في أحياء شيكاغو (PHDCN)، المعروف باسم أحد أكثر الدراسات الإجرامية طموحًا وتكلفة عن الأحياء في تاريخ العلوم الاجتماعية.

تم قياس المكون الآخر للفعالية الجماعية، والذي يلتقط التوقعات المشتركة فيما يتعلق بالرقابة الاجتماعية في الحي، باستخدام خمسة أسئلة استقصائية طُرحت على السكان، والتي تضمنت مدى احتمالية إمكانية الاعتماد على جارهم إذا كان الأطفال يتغيبون عن المدرسة ويتسكعون في زاوية الشارع، وكان الأطفال يرسمون رسومات على جانب أحد المباني، وكان الأطفال يظهرون عدم احترام لشخص بالغ واندلع شجار أمام منزلهم وتعرض مركز الإطفاء الأقرب لمنزلهم للتهديد بخفض الميزانية.

كانت مقاييس التماسك الاجتماعي أو الثقة والرقابة الاجتماعية غير الرسمية شديدة الترابط، لدرجة أنّه تم تلخيصها لتشكيل مقياس واحد للفعالية الجماعية ثم تم تجميعها حتى مستوى الحي لتعكس مستوى الفعالية الجماعية لكل حي من أحياء شيكاغو.

علاقة الجريمة بالفعالية الجماعية

اقترح سامبسون وزملاؤه في نظريتهم عن الفعالية الجماعية أنّ الظروف الهيكلية للأحياء (مثل الفقر وعدم الاستقرار السكني) لا تفسر الجريمة بشكل مباشر وأنّ آلية الوساطة هي الفعالية الجماعية، وجادلوا بأنّ الهدف المركزي للحي هو رغبة سكان الحي في العيش في بيئات آمنة وخالية من الجريمة حيث تمارس الرقابة الاجتماعية غير الرسمية للحفاظ على النظام.

ولكي يحدث هذا يجب على مجموعات من سكان الحي تنظيم أعضائها من خلال تطوير قواعد واضحة وأهداف جماعية للحي، ويجب على السكان تطوير العلاقات والثقة بين بعضهم البعض، وجادل سامبسون وآخرون بأنّه عندما يكون لدى سكان الحي درجة عالية من الثقة فيما بينهم والتماسك الاجتماعي وممارسة الضوابط الاجتماعية غير الرسمية فإنّ احتمال حدوث الاضطراب الاجتماعي والجريمة سيكون أقل.

أثر الفعالية الجماعية على ارتكاب الجريمة

سامبسون وآخرون اختبروا نظريتهم حول الفعالية الجماعية من خلال تحليل البيانات الخاصة بـ 343 حيًا من أحياء شيكاغو وآلاف السكان، وتم جمع هذه البيانات كجزء من (PHDCN)، وكانوا قادرين على تقدير آثار الخصائص الهيكلية على مستوى الحي (الحرمان المركّز والاستقرار السكني وتركيز المهاجرين) والعمليات الاجتماعية (أي الفعالية الجماعية) في وقت واحد على مقاييس العنف المتعددة مع مراعاة الخصائص الفردية لسكان الحي (على سبيل المثال العرق والعمر والتنقل والوضع الاجتماعي والاقتصادي).

حتى الآن كانت هذه واحدة من أكثر الدراسات تعقيدًا من الناحية المنهجية حول الأحياء والجريمة، ويقدم هذا البحث عدة ملاحظات مهمة:

1- أولاً أوضحت الخصائص الهيكلية قدرًا كبيرًا من التباين في الفعالية الجماعية عبر أحياء شيكاغو.

2- ثانيًا وجد أن الفعالية الجماعية لها تأثير مهم على العنف بغض النظر عن الخصائص الهيكلية والضوابط للخصائص الفردية للسكان داخل الأحياء.

3- ثالثًا قللت الفعالية الجماعية للحي إلى حد كبير من تأثير حرمان الحي على العنف وهو أمر يشار إليه أيضًا على أنّه تأثير وسيط.

يصل تأثير الفعالية الجماعية في الأحياء إلى أبعد من مجرد فهم العنف، ففي الآونة الأخيرة ثبت أنّ الفعالية الجماعية للجوار تفسر جزئيًا العلاقة بين الفوضى والجريمة في الأحياء، ومنذ نشر نظرية النوافذ المكسورة أنّ الجريمة الصغيرة إذا تركت دون مراقبة ستولد جرائم أكبر وأكثر خطورة، حيث جادل العلماء بأنّ الفوضى داخل الحي تؤدي إلى الجريمة، وهكذا وجهت الشرطة الكثير من اهتمامها لمكافحة الفوضى على أمل منع تطور أشكال أكثر خطورة من الجريمة.

كما جادل سامبسون وزملاؤه مؤخرًا بأنّ العلاقة بين الفوضى والجريمة ليست علاقة سببية، بل بدلاً من ذلك كلاهما له نفس الأسباب الكامنة وأحدها الفعالية الجماعية، وبتحليل البيانات من (PHDCN) مرة أخرى وجدوا أنّ العلاقة بين الاضطراب المقاسة من خلال الملاحظات المباشرة على مربعات الشوارع والجريمة يمكن تفسيرها من خلال مستويات الفقر والفعالية الجماعية في الأحياء.

المصدر: رؤوف عبيد، أصول علمي الإجرام والعقاب (دار النهضة العربية، القاهرة 1985).إيناس محمد راضي (19-9-2015)، "الجريمة"، University of Babylon ، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2017.أ. د. محمد جبر الألفي (20-10-2016)، "ماهية الجريمة الجنائية"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2017.سعد الراشد (27-1-2015)، "أسباب الجريمة وطرق مكافحتها"، الجماهير، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.


شارك المقالة: