استغاثة ملوك الطوائف في الأندلس بدولة المرابطين

اقرأ في هذا المقال


عانت الأندلس من الضعف اثناء فترة حكم ملوك الطوائف وكان لابد من قوة ودعم للمسلمين في الأندلس، وكانت آنذاك الدولة المرابطة في المغرب من أقوى الدول في ذلك الوقت والتي لم تتوانى ولو للحظة من إرسال المدد لإخوانهم المسلمين في الأندلس.

من هم المرابطون

سلالة المرابطين هي قوة إسلامية ظهرت في شمال إفريقيا، عرقيا هي أمازيغية أكثر منها عربية، فتحت المغرب وأسست مراكش كعاصمة لها في عام (1062)، بقيادة يوسف بن تاشفين، دخل المرابطون الأندلس (إسبانيا الإسلامية) بعد سقوط طليطلة عام (1085) استجابة لنداءات قادة الطوائف للمساعدة في صد الجيوش المسيحية في شمال إسبانيا.

تولى السيطرة على الأندلس في عام (1090)، مع الحفاظ على المقر الرئيسي للحكومة في مراكش، بهذه الطريقة جاء المرابطون ليحكموا أجزاء من الصحراء والمغرب والجزائر وإسبانيا وسيطروا على موانئ مهمة وكذلك التجارة عبر الصحراء.

استغاثة ملوك الطوائف في الأندلس بدولة المرابطين

عندما سقطت الخلافة الأموية في الأندلس وتولى ملوك الطوائف الحكم اضطربت أحوال الأندلس، وهذا بدوره شجع المسيحيون على القيام بالهجمات على المسلمين والبدء باستعادة المدن واحدة تلو الأخرى، فقد تمكن الامبرطور ألفونسو السادس من الاستيلاء على طليطلة (عام 478 هـ الموافق 1085) واستطاع أيضًا السيطرة على العديد من المدن التي تقع بين وادي الحجارة وطلبيرة، بدأت أنظار ألفونسو تتجه إلى بطليوس وإشبيلية، وطلب من أمرائها أن يسلموا حصونهم وقلاعهم التي تقع على حدوده مع ضرورة دفع الجزية.

بعث المتوكل بن الأفطس أمير مدينة بطليوس رسالة استغاثة ليوسف بن تاشفين يشرح له فيها أوضاع الأندلس قائلًا فيها: «لما كان نور الهدى دليلك وسبيل الخير سبيلك، وصح العلم بأنك لدولة الإسلام أعز ناصر، وعلى غزو الشرك أقدر قادر، وجب أن تستدعى لما أعضل الداء، وتستغاث فيما أحاط الجزيرة من البلاء، فقد كانت طوائف العدو تطيف بها عند إفراط تسلطها واعتدائها، وشدة ظلمها واستشرائها، ولم يزل دأبها التشكيك والعناد، ودأبنا الإذعان والانقياد، حتى نفذ الطارف والتلاد، وأتى على الظاهر والباطن النفاد، وأيقنوا الآن بضعف المتن، وقويت أطماعهم في افتتاح المدن، وأُضرمت في كل جهة نارهم، ورويت من دماء المسلمين أسنتهم وشفارهم، ومن أخطأه القتل منهم فإنما هم في أيديهم أسرى وسبايا، يمتحنونهم بأنواع المحن والبلايا، فيا لله ويا للمسلمين، أيسطو هكذا بالحق الإفك، ويغلب التوحيد الشرك، ويظهر على الإيمان الكفر، ألا ناصرًا لهذا الدين المهتضم، ألا حاميًا لما استبيح من حمى الحرم، وما أحضك على الجهاد بما في كتاب الله، فإنكم له أتلى، ولا بما في حديث رسول الله، فإنكم إلى معرفته أهدى، وفي كتابي هذا الذي يحمله إليكم الفقيه الواعظ، مسائل مجمله يفصلها ويشرحها، ومشتمل على نكت هو يبينها لكم ويوضحها، وقد عولت على بيانه، ووثقت بفصاحة لسلانه، والسلام»، عندما قرأ ابن تاشفين الرسالة أكرم الرسول الذي أتى بها وطمأنه بأنه سيأتي لنصرتهم، وقام بفتح باب الجهاد.

عقد اجتماع في مدينة قرطبة، حضره أمراء وأعيان الأندلس، وكان من بينهم القاضي عبيد الله بن محمد بن أدهم، وقالوا له: «ألا تنظر ما فيه المسلمون من الصغار والذلة، وإعطائهم الجزية بعد أن كانوا يأخذونها، وقد غلب على البلاد الفرنج، ولم يبقى إلا القليل، وإن دام هذا عادت نصرانية، وقد رأينا رأيًا نعرضه عليك، قال: وما هو، قالوا: نكتب إلى عرب أفريقية ونبذل لهم إذ وصلوا إلينا شطر أموالنا، ونخرج معهم مجاهدين في سبيل الله، قال ابن أدهم: المرابطون أصلح منهم وأقرب إلينا، فقالوا: كاتب أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، واسأله العبور إلينا، وإعانتنا بما يتيسر من الجند».

وفي عام (479 هجري) أرسل ابن عباد رسالة لابن تاشفين: «إلى حضرة الإمام أمير المسلمين، إنا نحن العرب في هذه الأندلس، قد تلفت قبائلنا وتفرق جمعنا، وتوالى علينا هذا العدو المجرم اللعين أذفنش، أسر المسلمين وأخذ البلاد والقلاع والحصون، وليس لنا طاقة على نصرة جاره ولا أخيه، وقد ساءت الأحوال وانقطعت الآمال، وأنت أيدك الله ملك المغرب، استنصرت بالله ثم بك، واستغثت بحرمكم، لتجوزوا لجهاد هذا العدو الكافر، والسلام على حضرتكم السامية، ورحمة الله تعالى وبركاته».

وصلت رسالة ابن عباد لابن تاشفين استشار قادته وأمراءه، وأيدوه من أجل عبور الأندلس، فأرسل للمعتمد رسالة: «من أمير المسلمين إلى المعتمد بن عباد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد، فإنه وصل خطابكم المكرم، فوافقنا على ما تضمنه من استدعائنا لنصرتك، وما ذكرته من كربتك، فنحن يمين لشمالك ومبادرون لنصرتك وحمايتك، وإنه لا يمكننا الجواز إلا أن تسلم لنا الجزيرة الخضراء، تكون لنا، لكي يكون إليك على أيدينا متى شئنا، فأن رأيت ذلك فأشهد به نفسك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»

وصل رد المعتمد بن عباد ليوسف بن تاشفين بالموافقة على إعطائه مدينة الجزيرة الخضراء لجعلها قاعدة عسكرية له من أجل مساندتهم ضد القشتاليين، وبذلك بدأ ابن تاشفين بتجهيز حملته العسكرية.


شارك المقالة: