اقرأ في هذا المقال
عرفت كل المجتمعات والثقافات عبر حقبات تاريخية بعيدة تقسيم الأدوار بين الرجال والنساء، وذلك في جميع المجالات الاجتماعية والثقافية والدينية والاقتصادية، ويقصد في ذلك أن كل من الرجل والمرأة له أدوار ووظائف معينة من طرف المجتمع، يعمل بها ضمن المجتمع وينظر إلى تلك الأدوار على أنها طبيعية وغير متحركة، لا يمكن أن يمسها أي تحوّل.
الأدوار الاجتماعية أو التقسيم الجنسي للعمل
تجدر الإشارة هنا إلى الدلالة التي يستعمل بها التقسيم فالأمر لا يرتبط بتقسيم من القسمة أي توزيع متساوي وعادل للعمل، بل أن التقسيم هنا يفترض وجود علاقات قائمة على الهيمنة، لا يمنح للرجال والنساء نفس آليات استخدامها بالتساوي، يكون التقسيم قائم على تعين أدوار ووظائف خاصة بالنساء ووظائف وأدوار أخرى مختصة بالرجال.
كانت تناط بالمرأة قضية تربية الأولاد والاعتناء بشؤون العائلة والبيت، في المقابل كانت تناط بالرجال وظائف العمل خارج المنزل، وإعالة الأسرة، تكوين الثروة، إنتاج المعرفة ومزاولة الهيمنة بجميع صورها السياسية والدينية، واتخاذ القرارات المتصلة بها.
وطبعاً هذه الأدوار تتباين من طبقة اجتماعية إلى أخرى ومن الوسط الحضري إلى الوسط القروي ومن حقبة تاريخية إلى أخرى، كما أنها تتأثر كثيراً بالمستوى السوسيو ثقافي وأحياناً العرقي لكل مجموعة، هذا التقسيم كان يقوم على تبعية المرأة للرجل ويعمل على إنتاج الاختلاف والتمييز بينهما.
إن تقسيم الأدوار بين الجنسين معطى تاريخي يعين العلاقات بين الرجال والنساء منذ حقبات بعيدة وهو تعبير عن الظروف التي يتواجد بها كل من الرجل والمرأة سواء داخل الفضاء الخاص بالعائلة أو داخل الفضاء العام وباقي المؤسسات الأخرى، وهو تقسيم يحجب مجموعة من الحقائق التي لا تظهر والتي يجب الوقوف عندها وقد يعاد إنتاجية من طرف الأجيال المتتالية بمظاهر أحياناً جديدة.
الاختلاف بين أدوار النوع الاجتماعي والأدوار الطبيعية
تتفاوت أدوار النوع الاجتماعي عن الأدوار الطبيعية، يعني هذا المصطلح أن الأدوار التي يقوم بها كل الرجال والنساء لا تعود إلى التباينات الطبيعية البيولوجية بينهما وإنما هي أدوار تكوّنت حسب الظروف الاجتماعية والمنظومة الثقافية لكل مجتمع، فعلى سبيل المثال إذا كانت تربية الأبناء متاعب العمل المنزلي متصلة تقليدياً بالمرأة، فإن ذلك ليس له علاقة بتكوينها البيولوجي كامرأة، وإنما بسبب تقسيم الأدوار بينهما الذي وضع بسبب النفوذ الذي تمتع بع الرجل تاريخياً على المستوى الاقتصادي والسياسي وبالتالي الاجتماعي.