الإمبراطورية الأكدية

اقرأ في هذا المقال


تعد الإمبراطورية الأكدية أول إمبراطورية تم تأسيسها في بلاد ما وراء النهرين وكانت بدايتها بعد انتهاء الحضارة السومرية وقد تم تأسيسها في أراضي مدينة أكاد وفي بلاد ما وراء النهرين وامتدت حتى شملت الأناضول وبلاد الشام.

الإمبراطورية الأكدية

خلال القرن الثالث قبل الميلاد أقامت الشعوب المتحدثة باللغات السامية في بلاد الرافدين وكانت تلك الشعوب تقوم بالهجرات السامية من بلاد الشام وخلال حكم السلالة الكيشية تمكنوا من إحراز تقدماً في المنطقة وخاصة في شمال أراضي سومر، حيث بدأ الحكام أصحاب الأصل السامي بتأسيس ممالك خاصة بهم.

أدت الممالك التي قام بتأسيسها أمراء سومر إلى بداية ظهور إمبراطورية جديدة في المنطقة، يعد الإمبراطور سرجون هو أول إمبراطور في إمبراطورية سومر وإمبراطورية أكد، وحسب ما تم ذكره فأنّ الملوك من قبله قام بعدة توسعات للإمبراطورية قبل تولى الإمبراطور سرجون الحكم.

في عام 2350 ميلادي قدم الإمبراطور سرجون إلى مدينة كيش العراقية وعند وصوله قام بتشكيل جيش كبير وقوي وقام بفتح المدن المجاورة لمدينة كينش وقام بعد ذلك بخوض الكثير من المعارك ضد ملك مملكة أوروك وتمكن من تحقيق النصر وتمكن من استعادة بعض المدن السومرية.

في عام 2340 قبل الميلاد قام الإمبراطور سرجون بإعادة توحيد أراضي الهلال الخصيب، كما سيطر على أراضي الأناضول والخليج العربي وأصبحت معظم أراضي الشرق الأوسط تحت حكمه، لتصبح إمبراطوريته من أكبر الإمبراطوريات واتخذ من مدينة أكد عاصمة لها؛ وذلك بسبب الموقع المتميز الذي تميزت به المدينة.

يعد الإمبراطور سرجون أحد الحكام الذين تميزوا بالصدق والعدل والذي يعني اسمه كذلك وقد ولد في معبد عشتار وتعد أمه من نشاء المعابد وقد ربي منذ صغره في معبد عشتار ودرس فيه وتولى عدة مناصب مهمة خلال إقامته في المعبد، واستمر في تولي المناصب حتى أسس إمبراطوريته وسيطر على معظم أراضي غرب آسيا.

تولى الإمبراطور سرجون الحكم لمدة ستة وخمسون سنة وخلال فترة حكمه عاشت البلاد في الرخاء والازدهار وأصبح شعبه من أغنى الشعوب، كما قام بنشر الثقافة والفنون واهتم بها كثيراً وطلب من شعبه تعلمها، فقد تم العثور على ألواح الطين والتي تم الكتابة عليها باللغة الأكدية وكان يتم الكتابة عليها بالمسمار.

كما تم العثور في أراضي الأناضول على الفنون الأكدية وقد تم وضع معظمها في المتحف العراقي وتعد تلك الآثار من أهم الآثار في العراق وأجملها، في عام 2284 ميلادي توفى الإمبراطور سرجون وتولى ابنه ريموش ومن ثم مانشتوسو وحاولوا المحافظة على الإمبراطورية التي أسسها والدهم وتولى من بعدهم نارام سين الحكم في الإمبراطورية.

خلال فترة حكم الإمبراطور سرجون خاض حرباً ضد لوغال زاغسي وتمكن من هزيمته وهناك بعض الأخبار التاريخية تقول بأنّ أصل الإمبراطور سرجون يعود إلى العصر الآشوري.

عندما تولى الإمبراطور ريموش الحكم من بعد والده خاض الكثير من الحروب؛ من أجل العمل على توسعة الإمبراطورية وتمكن من ضم عدد كبير من الممالك والشعوب إلى إمبراطوريته وقامت عدد من الثورات ضد حكمه وأرادت بعض الممالك الحصول على الاستقلال واستمر حكمه لمدة تسعة أعوام.

بدأت الثورات تزيد في المدن السومرية وكان الإمبراطور ريموش يستخدم العنف ضد تلك الثورات، لكنه حاول في النهاية اكتسابهم إلى جانبه، فقام بجعل اللغة الأكادية واللغة السومرية هما اللغتان الرسميتان في الإمبراطورية وكان ينوي من خلال ذلك كسب مودة شعب سومر.

كما كانت الصراعات الداخلية قائمة في البلاط الملكي، فكان الكثير يلومه على سياسة العنف التي يستخدمه ضد شعب السومريين وقد أدى ذلك إلى اغتياله وتولي أخاه مانيش تيشو الحكم في الإمبراطورية.

في عام 2276 قبل الميلاد تولى الإمبراطور مانيش تييو الحكم وعلى الرغم من توليه الحكم، إلا أنّه لم يتمكن من السيطرة على المدن السومرية والتي كانت قد حصلت على استقلالها خلال فترة حكم أخيه وفي عام 2261 قبل الميلاد تزولى سرجون الأول الحكم ولم يستمر حكمه طويلاً حتى تولى نرام سين الحكم من بعده.

كان مانيش تيشو يختلف عن أخيه في الحكم، فقد حاول العمل على إعادة بناء المدن السومرية وتحسين الأراضي الزراعية وتحسين وضع الشعب واتباع خطوات والده، فقد كان ينوي تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد وامتدت أراضي الإمبراطورية خلال حكمه حتى شملت الهند ومصر وكانت تضاهي الإمبراطورية المقدونية في قوتها.

عندما تولى نارام سين الحكم قام باسترجاع جميع الأراضي التي كانت تحت حكم الإمبراطور سرجون وقام باسترجاع حكمها، وقام خلال حكمه بتوسعة أراضي الإمبراطورية وأعاد بناء الكير من المباني التي تم هدمها وازدهرت البلاد خلال حكمه وأصبحت مليئة بالمباني، كما قام باعتماد القوانين الموحدة واعتمد اللغة الأكدية لغة رسمية كما فعل جده الإمبراطور سرجون من قبل.

استمر حكم نارام سين لمدة سبعة وثلاثون سنة وعند وفاته تولى ابنه الحكم من بعده، تولى شار كالي الحكم بعد والده وحاول المحافظة على الإمبراطورية التي وسعها والده، إلا أنّ جميع محاولاته فشلت، حيث قامت الكثير من المقاطعات بالانفصال عن الإمبراطورية واستقلت بحكمها.

بدأ أيضاً السومريين محاولة حصول مدنهم الموجودة داخل الإمبراطورية على الاستقلال وعند وفاة شار كالي تولى من بعده مجموعة من الحكام الضعفاء والذين أصبحت الإمبراطورية خلال حكمهم بالانقسام وأخذت المقاطعات بتأسيس دول خاصة بها وتشكيل حكم ذاتي مستقل عن الإمبراطورية.

بدأت قبائل الكوتيين بعد ذلك بالتحرك من المناطق الجبلية والتوجه إلى وسط الإمبراطورية وقاموا بفتح أراضي سومر وأكاد وقاموا بتدمير المدن وانتشر الخوف بين سكان المناطق وقد أدى ذلك إلى انهيار الإمبراطورية الأكدية في عام 2159 قبل الميلاد وقد كان للملوك الذين حكموا الإمبراطورية الأكدية دور كبير في استمرارها لفترة طويلة.

عند بداية القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد بدأت الإمبراطورية الأكدية بالانهيار وذلك بعد أنّ تم قياكها لمدة مئة وثمانون عاماً وبدأ بعد انهيارها العصر المظلم وأصبحت الإمبراطورية بلا حكومة قوية ومسيطرة تديرها وتولت بعد ذلك سلالة أور الثالثة الحكم فيها.

كان الحكام الذين تولوا الحكم في الإمبراطورية الأكدية في الفترة الأخيرة حكام ضعفاء ولم يتمكنوا من الحفاظ عليها وقد أدى ذلك إلى سعي القبائل الكوتية إلى استغلال الوضع وخاضوا صراعات ضد الإمبراطورية وعملوا على تقسيمها، تم بعد ذلك عملية دمج اللغة السومرية والاكدية وذلك سعياً إلى توحيد الشعوب.

تعد إمبراطورية الأكدية أول إمبراطورية تم تأسيسها في بلاد ما وراء النهرين وقد تم تأسيسها على أراضي العراق وقد كانت من أكبر الإمبراطوريات وضمت أراضي الأناضول وانهارت في القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد.


شارك المقالة: