الاتجاهات النظرية في العصور القديمة في علم الاجتماع السياسي:
عند دراستنا وتحليلنا للظواهر السياسية بصفة خاصة، وللظواهر الاجتماعية بصورة عامة، فإن تلك الدراسة وذلك التحليل لا يستقيمان إلا إذا ما أخذنا في الاعتبار موضوعين أساسين، أولهما هو الرجوع إلى الجهود العلمية والفكرية الجبارة، الناتجة عن جهود العديد من المفكرين والفلاسفة في العصور القديمة، التي سبقت نشأة الدولة بمفهومها الحديث.
أما الموضوع الثاني، فيتمثل في بروز بعض الفلاسفة والمفكرين كرواد في هذا المجال، لهم توجهاتهم الفكرية التي برزت من خلال الواقع المعاش في مجتمعاتهم، ولا تزال صالحة للقياس عليها عند معالجة بعض القضايا الأساسية التي يتناولها العلم في عصرنا الراهن، ومن أهم هذه الاتجاهات النظرية في العصور القديمة هي:
1- الفكر السياسي الإغريقي القديم:
فإذا ما نظرنا إلى الفكر السياسي الإغريقي اليوناني القديم، فإننا نلاحظ ضرورة الأفكار ومعتقدات النظرية لبعض العلماء الذين ظهروا في ذلك الحقبة، ومن روادهم أفلاطون، الذي دمجت فلسفته السياسية بين الحقيقة والكمالية، حيث نجد ذلك في مؤلفاته أو محاوراته السياسية التي ظهرت، مثل الجمهورية، التي رسم فيها الخطوط الرئيسة للمدينة الفاضلة، كما أن تحليلاته السياسية في مؤلفيه السياسي أو رجل الدولة والقوانين، محاولة ضم فيها نظريته السياسية والأخلاقية والقانونية والفلسفية، فعكست محاولاته طبيعة نظام الدولة ودولة المدينة باعتبارها الوحدة السياسية الرئيسة.
2- الفكر السياسي الديني:
يمكن تصنيف الفكر السياسي الديني ضمن النظرية السياسية الأخلاقية، التي يثبت روادها على أهمية الاتصال بين السياسة والأخلاق، ابتداءً من الموجهات الدينية والثقافية والاجتماعية التي مرت بها مجتمعات العصور القديمة والوسطى بشكل خاص، مثله في ذلك مثل الفكر السياسي الإغريقي.
ويظهر هذا جلياً عندما نتناول الفكر السياسي عند توما الاكويني، الذي يعده بعض مؤرخي الفكر السياسي خلال العصور الوسطى، من أهم المفكرين الذين تناولوا أرسطو ونظريته السياسية بالشرح والتحليل، خلال القرن الثالث عشر الميلادي، لقد تناول الاكويني الأفكار والقضايا السياسية التي اهتم بها أرسطو بصورة عامة، فظهر ذلك في أفكاره ونظريته عن الدولة والقوانين على سبيل المثال، فحرص أن يخضع الجميع لطبيعة السلطة القانونية ما جعله يربط عموماً بين السلطة أو نظام الحكم والنظام القانوني.