كانت الحوارات التي دارت بشأن الحركات الاجتماعية حتى بداية السبعينات من القرن العشرين تصر على الطبيعة غير المؤسسية للحركات، وحتى وقتنا هذا، بقيت الفكرة القائلة بإمكانية تفريق الحركات الاجتماعية عن الفاعلين السياسيين الآخرين، باتخاذها ﻷنماط غير معتادة من السلوك السياسي تلقى رواجاً شديداً.
الاحتجاج على الحركات الاجتماعية
تأكد الكثير من الباحثين على أن التباين الأساسي بين الحركات وغيرها من الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين يمثل في المفارقة الموجودة بين الوسائل التقليدية للمشاركة السياسية على سبيل المثال التصويت أو مزاولة الضغط والتأثير على الممثلين الساسيين، وبين الاحتجاج العام.
توجد بعض الانتقاضات على اعتبار الاحتجاج صفه محورية من صفات الحركات الاجتماعية، أول تلك الاعتراضات هو أن الاحتجاج العام لا يلعب إلا دوراً هامشياً في الحركات المحددة بالتحوّلات الشخصية والثقافية والحركات الدينية وما شابه، كثيراً ما تتخذ النزاعات الثقافية والمقابلات الرمزية أشكالاً، مثل مزاولة أنماط حياة معينة أو تبني أنماط محددة من قصات الشعر أو الملابس، أو اتخاذ شعائر محددة، ولا نستطيع اعتبار هذه الاشكال نوعاً من الاحتجاج ما لم نتوسع من دلالة المصطلح إلى حد كبير جداً.
وكذلك تعتبر قضية ما إذا لم يزل بالمقدور اعتبار الاحتجاج نشاطاً غير تقليدي أو حتى عنيفاً أو تصادمياً ﻻمثار جدل متصاعد، حتى في الميدان السياسي، إذ باتت صور كثيرة من الاحتجاجات السياسية جزءاً من الذخيرة المدمجة للفعل الجمعي، وذلك على نحو متزايد، على الأقل في الديمقراطيات الغربية، بصفه عامة لم يعد الاحتجاج مختصراً على القطاعات الراديكالية، وإنما باتت انتقائاً متوفراً لمجموعة أكبر من الفاعلين متى أحسوا أن مكانتهم النسبية في العملية السياسية يتعرض للتهديد.
غير أن الاحتجاج، في في الوقت ذاته، يبقى يفرّق الحركات الاجتماعية عن الصور الأخرى من الشبكات، كتلك التي يدل عليها بإسم الجماعات المعرفية، تتمحور تلك الطائفات حول شبكات من الأشخاص والطوائف من أصحاب الخبرة والكفاءة المعينة في الاختصاصات العلمية أو الإدارية أو كليهما، وذلك في مجالات سياسات منفردة، تشبه تلك الشبكات الحركات الاجتماعية في أن جماعاتها يتشاركون إطاراً مرجعياً مشتركاً ويتخذون مواقف حيال القضايا التنازعية، غير أن أشكال الروابط البنيوية وتبادل الموارد داخل تلك الشبكات تتباين عن غيرها داخل الحركات الاجتماعية.