البنية الطبقية المقارنة ومشروع الوعي الطبقي في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


البنية الطبقية المقارنة ومشروع الوعي الطبقي عند إريك رايت:

لقد أراد رايت أن يدرج الماركسية وشرعيتها وذلك من خلال الميدان المركزي للسوسيولوجيا الأكاديمية، الموجودة بصورة مبين على الأبحاث الكمية، والأداة الرئيسية هي الاستمارة التي كان لا بدّ أن تتكرر بدون تغيير في جميع البلدان.

لم يحاول رايت والمتعاونون معه مباشرة تفسير الفرضيات التي كانوا يرغبون في اختبارها، ونموذج إثبات صلاحية طريقتهم في تعريف الطبقات الاجتماعية  الذي كانوا يقترحونه، بل رأوا أن يستخدمون معطياتهم وترسيمتهم للطبقة في العديد من ميادين التفكير، كالروابط بين التطورات التاريخية والبنية الاجتماعية والمقارنة بين تعريفات مختلفة للبروليتاريا، ودرجة انغلاق الوضعيات الطبقية، والرابط بين الوضع الطبقي والوعي الطبقي، كان لهذه الأبحاث في معظم الأحيان طابع وثائقي وتتحقق من إمكانية وصف مثل هذه الظاهرة، بأنها في لغة المصطلحات تفسيرية بكل معنى الكلمة.

اقترح رايت بديلين لترسيمته الطبقية، ثانيهما وهو الوحيد الذي سنتحدث عليه هنا، يرتكز على مفهوم الاستغلال، يعتبر رايت أن هناك ثلاثة موارد ممكنة، كل منها يعود إلى السيطرة على مورد مختلف داخل عالم العمل، هذه الأنواع الثلاثة من الموارد هي تلك التي تنجم عن امتلاك رأس المال، ثم عن المكانة التي نحتلها في تنظيم المشروع، وأخيراً تلك التي تنتج عن الخبرات التي يمكن أن نملكها مانحاً على هذا النحو المكانة للأبعاد التي ذكرت بخصوص ممتهني العمل الفكري، احتمالات الاستغلال هذه تعود أولاً إلى السيطرة على الاستثمارات وعلى مسار التراكم.

فالقرارات حول إقامة المشاريع وطبيعة التجهيزات تتحكم بالفعل في النهاية في تنظيم العمل، وفي التدريب والتأهيل المطلوبين من العاملين، ولكن تعود هذه الاحتمالات أيضاً بعد أن تكون قرارات التثمير قد اتخذت، إلى القرارات حول استخدام وتشغيل وسائل الإنتاج، وهي تعود أخيراً إلى إمكانية المحافظة على النظام في مكان العمل وإلى تأمين احترام التعليمات، كل أنواع التحكم تتعلق جزئياً الواحدة بالأخرى، فالتحكم في التثميرات يسمح بلا شك بتحديد النظام في مكان العمل، ولكنها لا تتطابق دائماً بالكامل.

يميز رايت بين ثلاث وضعيات لكل نوع من الموارد التي هي في أساس استغلال محتمل، أولاً بالتأكيد هنالك وضعيات المستغِل، والمستغَل، ويضيف رايت بين الوضعين وضعية وسيطة، إذ في نظره هنالك أسباب مختلفة تقضي بإدخال وسطاء، إلا أن هذا الإدخال لا يؤدي في فكر رايت إلى خلق مجموعة اتصالية، فالمستغلون يستغلون بالفعل المستغلين، ولكن في بعض الحالات قد يكون بالفعل التمييز بين المستغِلين والمستغَلين موضوعياً غير ملائم، وقد يحدث أيضاً لسبب مختلف جداً أن يصبح من المستحيل على الباحث أن يصل إلى استخلاص أكيد حول الموضوع بسبب نقص في المعلومات.

وأخيراً، إن الوضعيات الطبقية تتحدد بالدمج بين أبعاد تمكن من بناء 12 وضعاً وليس 27 وضعاً كما كان يمكن أن نتخيل، لأن التمييز بين من هم مالكون وسائل الإنتاج ومن هم ليسوا مالكيها يأخذ مكاناً خاصاً وهو أساسي جداً في هذا البناء التصنيفي، أما البعدان الآخران فلم يتم إدخالها سوى من أجل إقامة تمايزات فيما بين من لا يملكون وسائل الإنتاج، ومن الملاحظ أن طريقة الدمج هذه لا تعطي سوى مساحة صغيرة للموضعات من نوع طبقة وسطى فهذه ليس في إمكانها سوى أن تتفجر إلى عناصر مختلفة.

خصوصيات علاقة العمل الطبقي عند جون غولدتورب في علم الاجتماع:

إن الفكرة الرئيسية التي يستخدمها غولدتورب في بناء تحليه ابتداءً من الثمانينات هي ما يسميها علاقة الاستخدام، أي طبيعة علاقات العمل، ويقول غولدتورب إن في هذه العلاقة نوعان من التمييز أساسيان فهو قد يقر بلا شك بأن نوعي التمييز هذين هما طارئان بمعنى أنهما يتوافقان مع الطريقة الخاصة التي تحل بها مجتمعاتنا تلك المشاكل، التي يلقاها أرباب العمل من أجل التحقق من أن المستخدمين يقومون بعملهم جيداً، إلا أن حضورهما يبنين بشكل فاعل شروط حياة الأشخاص.

التمييز الأول، هو بين العاملين المستقلين، أرباب العمل والأجراء، والثاني هو بين الأجراء أنفسهم، بين أولئك الذين تسمح طبيعة عملهم بقيام عقد عمل محدد، يربط مباشرة أجورهم بإنتاجهم، وبين أولئك الذين لا تسمح طبيعة عملهم بإقامة رابط من هذا النوع، فمن جهة، عقد العمل وعليه يحصل الأجراء على المال لقاء مهمة محددة بوضوح، تجري تحت رقابة رب العمل أو من يمثله، والأجر يتم عادة على قاعدة الوحدة أو الوقت، وهؤلاء هم العمال، ومن جهة ثانية علاقة الخدمة التي ترتب مقابلاً أكثر توزعاً بشكل عام وعلى مدى أطول حيث يتقاضى الأجراء أجر لقاء الخدمات التي يؤدونها لمؤسساتهم، أجر في قسم منه مستقبلي إلى حد كبير، وبنوع خاص على شكل ضمانات لزيادات في الأجر منتظمة وفرص تقدم في العمل، في هذه الحالة سنتكلم على طبقة الخدمات.


شارك المقالة: