البيروقراطية عند ماكس فيبر في علم الاجتماع:
درس ماكس فيبر بالتفصيل العلاقة بين الأنساق الاجتماعية والاقتصادية، وبين أن هذه الأنساق كانت تتجه باستمرار إلى العقلانية، وقد قرر فيبر أن ذلك النمط من القانون العقلاني، إنما هو ظاهرة حديثة نوعاً في التاريخ الإنساني، وأنه ارتبط أساساً بظهور الرأسمالية الحديثة، والقانون العقلاني مثل الرأسمالية الحديثة نتاج للحضارة الغربية الحديثة، وتساءل فيبر عن الرابطة بين الاثنين وقد حاول أن يجيب على هذا السؤال عن طريق دراسته لتطور ما أسماه بالإدارة البيروقراطية.
وهنا نجد مرة ثانية اهتمام ماكس فيبر بعملية التنميط أو تصنيف الظاهرات إلى أنماط معينة، وقد تحدث فيبر كثيراً عن نمط معين من الإدارة هو البيروقراطية، ورأى أن البيروقراطية كنمط مثالي للإدارة يرتكز أساساً على السلطة القانونية العقلية التي تمثل أساس المشروعة، ورأى أن البيروقراطية عباره عن عملية مستمرة من أداء الوظائف الرسمية طبقاً لقواعد ومعايير، فالأشخاص الذين يؤدون هذه الوظائف لهم مجالات محددة ويتمتعون بالسلطة الضرورية التي تساعدهم على أداء مهامهم، وهذه السلطة موزعة بطريقة معينة، بحيث تضمن نوعاً من التدرج في الوظائف الرسمية، وبحيث أحد في نهاية الأمر أن هناك مجموعة من الأشخاص الرسميين لهم مهام إشرافه على غيرهم من الأشخاص.
ولكي يستطيع هؤلاء الأشخاص ممارسة السلطة فلا بدّ أن تتوافر لديهم بعض المؤهلات والخصائص، وليس من الضروري أن يمتلك أولئك الذين يمارسون السلطة الإدارية، أي وسائل للإنتاج كما ليس من المهم أن يستعملوا وظائفهم الإدارية، لإنجاز أي أغراض شخصية، والأفعال ذات الطبيعة الإدارية مسجلة كتابة في شكل لوائح أو قوانين مما يضمن صفة الاستمرارية للعملية الإدارية.
والخصائص المميزة لحياة الأشخاص الرسميين في النمط البيروقراطي من الإدارة هي، أنهم يتصرفون بطريقة لا شخصية تبعاً للقواعد التي تحدد مجال عملهم وأنهم يشغلون هذه المناصب بالتعين وليس بالانتخاب، ويعتمد تعيينهم على توافر مواصفات معينة فيهم، وعادة ما يحصلون على مناصبهم بعد اجتيازهم لاختبارات معينة، ويحصل هؤلاء البيروقراطيون على مرتبات بناء على جدول مرتبات معين، ويحصل هؤلاء البيروقراطيون على مرتبات بناء على جدول مرتبات معين، ويحصلون على معاشات بعد عدد من السنوات التي يقضونها في الخدمة، وعادة مالا يكون لهؤلاء الأشخاص أعمال أخرى.
وهكذا نرى أن فيبر رأى أن الخاصية الرئيسية للرأسمالية الغربية الحديثة هي العقلانية في كل من القانون والإدارة، كما رأى أن هذه العقلانية تعتمد على افتراضات أساسية معينة، وعلى معتقدات أساسية يشترك فيها الأفراد في المجتمع الغربي وتلك الافتراضيات هي ما أسماها المشروعية القانونية العقلانية، ولكن خصائص أخرى في الرأسمالية كما عرفها الغرب تحدث عنها ماكس فيبر التفصيل.