اقرأ في هذا المقال
- الحياة الاجتماعية في دولة الكويت
- بداية ظهور الرأسمالية في المجتمع الكويتي
- مكانة الأسر الكويتية في الحياة الاجتماعية
الحياة الاجتماعية في دولة الكويت:
لقد شكّل موقع الكويت أهمية كبيرة ودور فعّال في تطورها ووجودها وشهرتها، بالإضافة إلى تشكيل حياة السكان وطرق معيشتهم؛ من خلال اكتسابهم أبرز الميزات والعلاقات الاجتماعية، حيث لعب دور هام في تكوين المجتمع العربي في دولة الكويت، فقد عدت البيئة البحرية من أبرز الوسائل التي شكّلت أهم وسائل الحياة الاجتماعية بالكويت؛ فإنّ الكويتيين الأوائل ولدوا في طبيعتها الصحراوية، حيث أقاموا في القرب من شاطئ الخليج العربي، وفي تلك الفترة شهدت دولة الكويت نشاطهم وشكّلت أهم ملامح تاريخهم.
إنّ تواجد الشعب الكويتي بين كلا البيئتين البحريةوالصحراوية جعل منهم أداة صراع في إطار يجذبهم للصحراء من جهة، وإطار يجذبهم للبحر من جهة أخرى، حيث كان للبحر والصحراء تأثير واضح في تكوين حياة الكويتيين وتبين معالم مجتمعهم العربي، وكان لسبب فقر بئتهم الصحراوية وملاصقتهم للبحر التي ارتبطت حياتهم به واعتمدوا في عملهم عليه وجمع الحرف التي تميزت بطابع الجماعة، السبب في حثتهم على تنظيم الحرف على شكل هرم، مثل بحارة السفن، بحيث تكون قاعدته عريضة، في وقت يشكل الطواشون وكبار التجار قاعدة هذا الهرم الاجتماعي.
وكان غواصي اللؤلؤ ونوخذة السفن يتمتعون بمكانة اجتماعية كبيرة ومرموقة، حيث ورثوا تلك الحرف البحرية من خلال تقاليد سائدة يرجعون إليها في حل خلافاتهم، ومن خلال ذلك التقليد المتبع لديهم يقومون على قاعدة أساسية وهي أنّ مرکب الحرفة هي المرتكز الأساسي للإنتاج، بحيث تضم جميع العاملين فيها تحت أمر النوخذة الذي يملكها ويقودها، فيجب عليهم طاعته والعمل على تنفيذ أوامره، فهم على علم تام بأنّ من يهمل عمله يتلقى العقاب بسبب ذلك.
إنّ جميع العاملين يسيرون وفق قواعد محددة لهم، بحيث يعملون في أوقات محددة، فقد يتوقفوا عن العمل أثناء إجراء ترميم؛ بهدف الدعم والتشجيع، وذلك جزء مهم من عملهم اليومي، فإذا جاء وقت الطعام تجمع الجميع حول مسؤول تقديم الطعام، وإذا حان وقت الصلاة وقفوا مصلين، وفي نهاية الرحلة الكل يأخذ نصيبه المتعارف عليه، ولكن مكانة النوخذة لم يستمر وقت طويلاً.
حيث كان يقوم النوخذة في أثناء موسم الكساد اللجوء للاقتراض من كبار التجار؛ بهدف تجهيز الرحلة مقابل التزامهم ببيع محصولهم لمن يقومون بتدينهم من الطواشين والتجار، وفي كثير من الوقت كانوا النواخذة يضطرون للتنازل عن سفنهم وذلك ليقوموا في سداد ديونهم، وأيضاً كانوا يقبلون العمل مع شخص جديد وهو المالك؛ مقابل جزء محدد من الإنتاج.
بداية ظهور الرأسمالية في المجتمع الكويتي:
ومع مرور الزمن نلاحظ انفراد التجار في تملك مجموعة من السفن التي تعمل لحسابهم الشخصي، وكان ذلك أحد أهم أسباب قلة أهمية النواخذة، فقد انخفضت مكانته، بحيث اصبح الأسطول الذي يملكه التاجر هو المرتكز الأساسي للإنتاج وليس المركب، وفي ذلك الوقت بدأة النواة الأولى للرأسمالية الجديدة الظهور في دولة الكويت، فقد أصبحت تلعب دوراً هاماً في المجتمع العربي الكويتي.
لقد أدت العلاقات الحرفية إلى تكوين دوراً بارز في تحديد ملامح المجتمع الكويتي، بحيث ظهرت آثارها بكل وضوح في جميع مجالات النظم والقيم السائدة فيه، حيث كانت الأسرة بعلاقاتها الأولية وتقاليدها الاجتماعية هي الوحدة الأساسية في التنظيم الاجتماعي، فكانت تستمد مكانتها من صلاتها القبلية التي تشكلت منها ومن علاقاتها بالنشاط الحرفي في الغوص أو السفر، فكبير الأسرة مثل النواخذة، من حيث المكانة فقد كانت له الكلمة الأولى في إدارة شؤونها المالية والاجتماعية.
إنّ الأسرة تشرك في سكن واحد، وقد يرجع السبب في هذا التجمع الى ارتباط أفراد الاسرة جميعاً ببعضهم ببعض، فقد كانت تربطهم صلات الرحم والمودة، فقد كانت طابع العلاقات الأسرية هي الوسيلة الظاهرة لتلك العلاقات، إضافة الى قلة الإمكانيات المادية المتوفرة لدى أفراد الأسرة والتي يتعذر معها استقلالهم في منازل منفصلة.
وتشترك هذه الأسرة في ديوانية مستقلة وهي بمثابة مكان للتجمع والمناقشة وتحاور في جميع الأمور المختلفة، بحيث تعرف الديوانية باسم الأسرة وليس باسم کبیرها، فقد يتم الإشارة إليها باعتبارها نظاماً اجتماعياً يشير إلى مكانة وقيمة الأسرة الاجتماعية في ذلك الوقت.
مكانة الأسر الكويتية في الحياة الاجتماعية:
إنّ مكانة الأسر الكويتية في الحياة الاجتماعية تمثل أساس قوي في تشكيل المجتمع، فالأسرة الكويتية تميل إلى طابع التجمع والاستقرار، فقد تتجمع جميعها في أحياء تعرف باسم فرحان، التي تستقر في أماكن الفريج، فقد كان الفريج يتمتع بمكانة خاصة، حيث كانوا يشكلون أسرة واحدة، وقد كانت تلك الأحياء وما تتكون منها من ساحات يلعب فيها الأطفال ويجلس فيها الكبار، دور كبير في تشكيل روابط الود والتعاون بين أفراد المجتمع العربي في دولة الكويت، بحيث كانت ترتكز على طابع التواضع في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
إنّ تلك الأسر ارتبطت ارتباط وثيق في جميع أعمالها وأنشطتها بالحرف البحرية، فالتعليم في ذلك الوقت لم يكن له من هدف سوى معرفة قواعد القراءة والكتابة والحساب؛ حتى يسهل لهم تعلم حسابات الغوص والسفر والصناعات المحلية، فقد ارتبطت تلك الأسر بأعمال البحر.
وبعد مدة من الزمن بدأت بتصنيع السفن والعمل على صيانتها، وكذلك بدأت في تصنيع الشباك لصيد الأسماك، فقد ارتبط التبادل التجاري في حرفة الغوص، فالنشاط التجاري يبلغ أعلى قمته في أثنا بدء الموسم، عندما يجهز التجار والنواخذة مراكبهم للإبحار، بحيث يقوموا بإعطاء البحارة نصيبهم المتعارف عليه؛ ليقوموا بتأمين حاجات منازلهم وأفراد أسرهم من مأكل ومشرب وغذاء ومسكن وملبس، ويتم ذلك قبل مغادرتهم.
وفي نهاية الموسم يبدأ من جديد ازدياد النشاط في الأسواق، ويكون ذلك في أثناء عودة السفن وتجميع حسابات الغوص وتسريع البحارة، بحيث كان طابع هذه المعاملات هو الثقة الكاملة بين الأفراد مع وجود مجموعة من القواعد المتبعة في تسديد الديون، وكذلك يتم عملية تبادل السلع والعمل على تسويقها بالنقد دون حاجة كبيرة الى المستندات والوثائق، وكان أبرز من يقوم بهذه المهمة هم كبار العارفين بحرف الغوص والسفر، وكان أهم ما يقومون به هو تسوية المنازعات المتعلقة بحسابات الغوص وتسديد ديون البحارة والنواخذة.
إنّ التكافل الاجتماعي كان طابع السائد للعلاقات العائلية وعلاقات الإنتاج الحرفية ومساعدة الغريب ومساعدة الجار والصديق واغاثة المنكوب، وكما كان للبحر مثل هذه الآثار الاجتماعية، فإنّ الصحراء لعبت دور بارز في اكتساب الكويتيين طابعها الخاص، فإنّ هناك الكثير من السكان الذين يقومون في التجول في الصحراء للبحث عن الطعام والشراب.
فقد كانوا قبائل مرتحلة من مكان إلى أخر، بحيث كانوا ينصبون الخيام وهي بمثابة الديوانية في مكان اللقاء والأحاديث، فكان الطابع الأكثر شهرة في الصحراء هو طابع الصراعات؛ فكان من الازم عليهم تعلم فنون الحرب والفروسية، فقد كانوا يصنعون الخيام وبيوت الشعر ومنتجات الألبان والصوف.