اقرأ في هذا المقال
- الأوضاع الاقتصادية في الحجاز
- الأوضاع الاجتماعية في الحجاز
- مظاهر اهتمام الشريف حسين بتنظيم الأوضاع الاجتماعية
في عام 1916 ميلادي استقلت الحجاز من الجهة الواقعية بجوار الدولة العثمانية، وفي الشهور التالية من استقلال الحجاز تقرر شكل الحكم الذي ستسير عليه الدولة الجديدة، والتي تعتبر أول دولة عربية ذات استقلال كامل تأسست في القرن العشرين.
قام الحسين في منح الحجاز علماً جديداً يتكون من أربعة ألوان وتلك الأعلام ممثلة للخلافة العباسية والأموية والدولة العثمانية، بعدها قام الحسين بالاجتماع مع بعض شخصيات الحجاز البارزة وبناءً على اقتراح الأمير عبد الله وبمشورة والده القيام بالتشاور في إقرار ملكية الحسين على البلاد العربية، وتمهيداً لذلك قام الشيخ فؤاد الخطيب بإلقاء خطبه أشار فيها إلى جهود الحسين لأجل القضية العربية، ختمها بمجموعة كبيرة من البرقيات التي تساند المنصب الجديد الذي ينوي الشريف اتخاذه، وكان الهدف بذلك أخذ مبايعتهم بملكية الحسين على العرب.
ففي عام 1916/1335 ميلادي نادى جميع الحاضرون بمبايعة الحسين ملكاً على الحجاز، وفي أثناء إعلان الملك تمت المراسيم الخاصة بمبايعة الشريف البيعة الخاصة، حيث قام الشيخ عبد الله مراد بقراءة كتاب البيعة الذي تسلمه من الشيخ عبد الله سراج نائب رئيس الوزراء أمام الحسين والشخصيات التي حضرت المناسبة من مختلف المدن الحجازية، واتبعت المراسيم الخاصة بالبيعة العامة أمام الناس، أقبل بعدها الشيخ سراج على الشريف حسين وسلمه كتاب المبايعة، ليتبعه جميع الحاضرون في مصافحة الملك الجديد.
الأوضاع الاقتصادية في الحجاز:
بالنسبة للأوضاع الاقتصادية في الحجاز في ذلك الوقت فقد اهتم العثمانيون خلال المدة التي حكموا فيها البلاد وقوفهم بأمور الحجاز، وقيامهم بالإشراف على قوافل الحجاج التي كانت تأتي من جميع أنحاء العالم الإسلامي إلى الأراضي المقدسة، ولكن في الفترة الأخيرة من حكمهم تغيرت الأوضاع.
الأوضاع الاجتماعية في الحجاز:
أما عن الأوضاع الاجتماعية في الحجاز، كان المجتمع الحجازي يعد أكثر تطوراً وتقدماً في جميع النواحي والمجالات، يبدأ من مجتمع الجزيرة العربية الذي تسود فيه طبيعة التنقل، وعدم الاستقرار باستثناء العديد من المناطق التي يعتمد سكانها بالشكل الواضح على الزراعة، ولكنها كانت شبه معزولة عن المناطق المجاورة؛ بسبب صعوبة المواصلات.
شهدت الحجاز مقارنة بالعديد من بلدان شبه الجزيرة العربية عصراً متطوراً في عهد الأشراف، انعكس أثره على الحياة الاجتماعية التي بدت أكثر حضارة وتطور. ولقد نظر بعض العرب والمسلمين في المشرق العربي إلى الشريف حسين، أيام الثورة وبداية الحرب العالمية الأولى، نظرة المنقذ، الممثل للآمال المستقبلية في الوحدة العربية ذات السيادة الكاملة البعيدة عن السيطرة العثمانية، مما جعله في مركز سياسي ذو مكانة عالية.
مظاهر اهتمام الشريف حسين بتنظيم الأوضاع الاجتماعية:
من مظاهر اهتمام الشريف حسين بتنظيم الأوضاع الاجتماعية، قيامه عام 1334/ 1915 ميلادي بتأسيس مخافر للشرطة على الطريق بين جدة ومكة المكرمة، وعلى الطرق التي تربط مكة المكرمة بالجهات والمناطق الأخرى. وفي العام نفسه تم تنظيم الشرطة في مكة المكرمة، وعين الشيخ إبراهيم الرمل ليقوم برئاستها.
وفي عام 1334/ 1915 ميلادي قام رئيس الحجاج الجزائريين في الحج بالإشارة إلى تأمين الطريق بين مكة المكرمة وجدة، وتلقي الحجاج الجزائريين العناية الفائقة من رجال الشرطة في المراكز الأمنية المتواجدة على الطريق، ووجدوا في مكة المكرمة من عناية أهالي الحجاز بالحاضرة والبادية أضعاف ما لاقوه من العناية والاهتمام في الطريق، وإنّ تلك العناية ضامة لجميع حجاج بيت الله الحرام من مختلف أوطانهم وأجناسهم في جميع أماكنهم.
وفي الجهة المقابلة كانت سلطنة نجد تتمتع بوحدة الشعور بالمسؤولية، واحترام الأوامر الصادرة عن السلطان عبد العزيز ورجال إدارته، ومن حيث حماية أرواح الرعية وترسيخ العدل وكثرة الخير وسيادة الأمن والأمان في جميع الأماكن ومساعدة الضعيف من قبل القوي، والفقير من قبل الغني، وتصديهم للظلم ووقوفهم بجانب المظلوم والعمل على نصرته، ونشر كل مبادئ العمل الإسلامي في المنطقة.
النظام الإداري في الحجاز:
كانت الحجاز وحتى استقلالها عن الدولة العثمانية سنة 1916 ميلادي ولاية عثمانية تسمى ولاية الحجاز تتكون بالشكل الإداري من سنجقين متصرفيتين و 5 أقضية وست نواحي، أما المتصرفيتان فهما: المدينة المنورة وجدة، يتبع المدينة إدارياً أربعة أقضية هي: ينبع البحر والوجه والسوارقية والعقبة، أما جدة فكان يتبعها قضاء واحد هو معمورة الحميد، كما كان يشمل الحجاز إمارة سميت باسم إمارة العرب في الطائف، في حين كانت مكة بمنعزل عن هذه التقسيمات فكانت إمارة خاصة بالشريف أطلق عليها إمارة مكة.
إنّ مكة المكرمة عاصمة للحجاز يقع على حدودها من الغرب البحر الأحمر، وعلى حدودها من الشرق البادية العظمى، وعلى حدودها من الجنوب قبيلة بني مالك الواقعة بجبال السراة، أما من جهة تهامة فيحدها من الجنوب وادي دوقة، ومن الشمال يحدها بادية الشام، ومن جهة البحر الأحمر العقبة.
حيث يلاحظ عدم وجود متصرفيات في التقسيم الإداري في ولاية الحجاز كغيرها من الدولة العثمانية، وإنما أصبح يطلق على العديد من الوحدات الإدارية الكبيرة منها والصغيرة بما يعرف بالقضاء، حيث كانت التقسيمات السابقة المتبعة في الدولة العثمانية هي المتبعة في عهد المملكة الحجازية، فقائم مقام في عهد المملكة كان على عدة درجات إدارية مختلفة عن بعضها البعض، وتتضمن: قائم مقام الدرجة الأولى كقائم مقام مكة وجدة وغيرها من المدن الرئيسية، والذي لُقب بصاحب الكمال وقائم مقام الملحقات يقصد بها المدن الثانوية، والملقب بصاحب الحنكة فيعني محافظ المتصرفية، وقائم مقام القضاء فكان كما كان في السابق قاضي القضاة.
النظام القضائي في الحجاز:
كان نظام قضائي في الحجاز يستند إلى قواعد ومبادئ الشريعة الإسلامية، كما اعتمد القضاء في فرض أحكامه في هذا العهد على المذهب الحنفي كمذهب رسمي للدولة، إلا أنّ المذاهب الأخرى كانت لها قُضاتها ومفتوها، فكان للشافعية مفتيها الخاص، وكذلك الحال بالنسبة للمذهب المالكي.
كانت مهمة الحكومة هي تعيين المفتيين على مدن الحجاز كما هو الحال بالنسبة للقضاة، أما بالنسبة لمنصب رئيس القضاة فكان يسمى قاضي القضاة وهو أرفع المناصب القضائية في المملكة، ويلقب بحضرة حجة الأمة صاحب الإقبال، وكانت مهامه الإشراف على معظم أمور قضاء الدولة، في حين كان القضاة يُوزعون على مختلف مدن الحجاز الصغيرة والكبيرة، على أن يجتازوا اختباراً خاصاً بالأمور القضائية، وأمام مجلس خاص يعقد في دائرة قاضي القضاة.
إنّ المحاكم تنقسم إلى العديد من الأقسام منها: محكمة المستعجلة، المحكمة الشرعية، محكمة التعزيزات، المحكمة التجارية، وكانت المحكمة الشرعية مختصة بالقضايا المتعلقة بالميراث، بالإضافة إلى شؤون الأوقاف والقضايا المتعلقة بالمبايعات والوكالات.