التبادل التجاري في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


التبادل التجاري:

لقد شمل التبادل التجاري في عهد الملك سعود بن عبد العزيز كل من التجارة الداخلية والخارجية، فقد كاد أن يختل التوازن الاقتصادي الموجود سابقاً بين حركة الاستيراد والتصدير، فارتفعت أرقام البضائع المستوردة وبقيت أرقام البضائع المصدرة تسير إلى الهبوط، إلى أن تم استقرار الوضع بسبب تصدير الإنتاج من صناعة الزيت.

 الصادرات:

عندما انتبهت الحكومة السعودية إلى ذلك صدر مرسوم ملكي في عام 1282 هجري أعطى لمؤسسة البترول والمعادن تسويق المنتجات البترولية وتوزيعها بما في ذلك غاز البترول السائل في جميع أنحاء المملكة. ولقد قامت المؤسسة بشراء مستودعات البترول التابعة لشركة أرامكو في جدة لاستخدامها في تحقيق مهمتها.

ومنذ  عام 1382 هجري، خطت المؤسسة خطوتها الأولى في تنفيذ الامتياز الذي أعُطي لها، وأصبحت تتولى عمليات توزيع المنتجات البترولية في المنطقة الغربية ومن ثم إلى بقية المناطق. وكانت أكثر ما تحرص عليه المؤسسة وهي تتولى عملية توزيع المنتجات البترولية أن تصل هذه المنتجات إلى جميع المناطق بأسعار قليلة، ولا سيما إلى المناطق الزراعية؛ لأن تشجيع الزراعة من بين الأمور التي تهتم بها المملكة ولكي يكون ذلك جزءًا من برنامج تشجيع الزراعة وتطويرها.

وقد حققت المؤسسة ربحاً بلغ أكثر من 11,000,000 ر.س في الأشهر العشرة من السنة الأولى، إذ قامت الدولة بتصدير مختلف المنتجات من الزيوت المعدنية والبترول. وهناك المنتجات المعدنية من خامات المعادن منها تصدير منتجات الكبريت الذي قدرت استثماراته في بداية الأمر بحوالي 2,500,00 ر.س. كذلك تصدّر الأسمدة المصنوعة من الغاز الطبيعي، وذلك بالاتفاق مع عدد من الشركات من أجل تسويق هذا المنتج ومن هذه الشركات ستاميکاريون، و ستكوستكوستوفي الهولنديتين، وكذلك بعض الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية مثل شركة إنترناشيونال من ركوربوريش، وشركة أوتسيدانتال ثرولیوم.

وقُدّرت استثمارات هذه المشروعات إلى ما يقارب 20 مليون دولار، أو ما يعادل 100 مليون ر.س. وكان الحديد الذي عثر عليه في المملكة صالح للاستثمار تجارياً، لذلك فإنّ منتجات الحديد والصلب من أهم الصادرات. وتعد تجارة اللؤلؤ منذ عهد مضى من أهم موارد الدخل في تلك المدة، فالعاملون من التجار يحصلون على أرباح خيالية ويؤلفون الطبقة الرأسمالية في البلاد، ويعملون على تصديره إلى الهند وغيرها من المناطق، ولكن فيما بعد ظهر اللؤلؤ الصناعي في اليابان والذي أفقد اللؤلؤ الحقيقي بريقه وأهميته.

ولكن ذلك لم يمنع من قيام هذه التجارة والعمل بها، وكان يطلق على من يعمل بها الجوهريون وهم بائعو الجواهر من لؤلؤ، وزمرد وياقوت وغيره، ويعرفون في الحجاز الجوهرجية، فقد وجد في جدة مكان للؤلؤ والمرجان. ومن يعمل في هذه التجارة يجب أن يكون لديه دكان يعرض بضاعته فيها، وهو بنفسه يتولى العمل والإشراف على تجارته، كذلك يلزم أن تكون لديه الخبرة والتجربة لمعرفة أنواع اللؤلؤ، أي هل هو حقيقي أو مزيف، إلى غير ذلك من المعلومات التي يجب أن يلم بها كل تاجر.

ومن أشهر الأسر التي عملت في هذه التجارة آل زينل، آل النانية آل عبد الجواد. ولم يقتصر إنتاج اللؤلؤ في الغرب بل كان شرق البلاد لها دورها في الاتجارة بهذه الجواهر الكريمة على شواطئ الخليج العربي وخاصة الأحساء والقطيف وغيرها من المواقع على طول الخليج في قدر بنحو 300 موقع.

كذلك تشتهر الدولة السعودية في تجارة التمور في مختلف أنواعها، كما أنها تصدرها إلى مختلف أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك اشتهرت في تجارة عسل النحل ومواد الدباغة الطبية والتي تنتشر في البلاد والمواد والأعشاب الطبيعية المستخدمة في صناعة الأدوية والعقاقير. ومن صادرات نجد الحيوانات من أغنام وإبل، ومنتجاتها من جلود وأصواف وغيرها من المواد التي تصدرها الدولة والتي كانت تفيض عن حاجة الدولة كالقمح، والذرة ومعظم هذه الصادرات تذهب إلى الكويت وعدن، والبحرين.

الاستيراد:

منذ سنة 1310/ 1941 ميلادي أخذ رجال المال والأعمال في التوافد إلى بعض المدن التجارية استثمار أموالهم فيها وفي مختلف النشاطات الاقتصادية، فأسسوا لذلك المؤسسات التجارية ومراكز التوزيع والمعارض والمخازن وتنافسوا في استيراد جميع ما يتطلبه النمط الاستهلاكي الجديد من المواد الغذائية والإنشائية والملابس والأجهزة الكهربائية والآلات والمعدات ووسائل النقل الحديث من مختلف مراكز التصنيع والإنتاج العالمية.

ومنهم من قام بالوكالة عن تلك المراكز وتمثيلها في تصريف منتجاتها في أسواق المنطقة، ومن هنا أخذت تظهر في هذه الأسواق السيارات والأجهزة الكهربائية المتنوعة، مثل المطاحن الآلية والتي تكفي حوالي 25 طناً وكانت تقدر تكاليفها في 500 ر.س وقطع الأثاث الفاخر والأطعمة المعلبة والملابس الجاهزة.

وتستورد مدينة جدة  العديد من  الأدوات منها الأدوية والمستحضرات الطبية، حيث يقوم بتوريدها 12 شخصاً في ذلك الوقت والروائح (العطور) ويوردها أربعة تجار والأقمشة ويوردها 9 تجار وملابس الأطفال ويوردها تاجران والخردوات ويوردها 5 تجار والحقائب والملابس ويوردها شخصان والأدوات القرطاسية وآلات طبع المستندات والآلة الكاتبة والآلة الحاسبة والمفروشات المكتبية وأدوات البناء والأدوات المنزلية ومشتقات الأسمنت والدهانات وزوارق بحرية ومقسمات هواتف آلية وزيوت السيارات ودراجات بخارية، وغيرها كثير من الأدوات الكهربائية والزراعية والصناعية والمواد الغذائية والكماليات.

وتنوعت التجارة بذلك إلى حوالي ثلاثة وتسعين لوناً من ألوان التجارة والصناعة يمارسها في هذا البلد نحو (400) شخص ما بين معنوي الشركات وحقيقي الأفراد، وهذا دل على مدى التوسع التجاري. وما إن جاءت سنة 1380/ 1960 ميلادي حتى تقدم النشاط الاقتصادي في الأسواق المحلية وازدهرت حركة الاستيراد، ويعود ذلك إلى وضع مجموعة من القوانين التنظيمية لحركة السوق والمال؛ وذلك لتوفير الضوابط التي تكفل سلامة الاقتصاد في إطار من الشريعة، ومن ذلك صدور نظام الاستيراد عام 1909 ميلادي.

ونظام حماية الصناعة الوطنية وتشجيعها الذي صدر  في عام 1381 هجري وينص على إعفاء كل المستوردات اللازمة للمؤسسات الصناعية من الرسوم الجمركية كالآلات والأدوات والأجهزة وقطع الغيار والخامات الأولية وأدوات التعبئة، وتقدم الدولة كذلك قطع الأراضي اللازمة لبناء المصانع ومساكن العمال والموظفين، وتحديد قيمة المستوردات الأجنبية إلى المملكة من السلع ورفع الرسوم الجمركية عليها، وتقديم المساعدات المالية للمؤسسات الصناعية، كما يضاف إلى ذلك إعفاء المنتجات المحلية المعدة للتصدير من رسوم التصدير وجميع الضرائب.

ومن أبرز العناصر التنظيمية لحركة التنمية الاقتصادية هي أنظمة الوكالات التجارية، ونظراً لما تقوم به هذه الوكالات من دعم للاقتصاد الوطني فقد صدرت تنظیمات أخرى بتاريخ 1382 هجري. ويشمل نظام الوكالات المادة الأولى ما يلي: لا يجوز أن يقوم بعمل الوكيل التجاري إلا من كان مقيدة في السجل الموجود في وزارة التجارة والصناعة. واشتملت بيانات هذا السجل على اسم التاجر والشركة ونوع البضاعة الموكل فيها والشركة أو المؤسسة الموكلة وتاريخ التوكيل ومدته إن كانت الوكالة محددة بأجل معين.

وتشمل المادة الثانية ما يلي: لا يجوز لغير السعوديين لو كانوا بصفة أشخاص حقيقيين أفراد أو معنويين وبقصد بهم هنا الشركات، أن يكونوا وكلاء تجاريين في المملكة.  وفيما يتعلق في المادة الثالثة فأنها تنص على أنّ الوكلاء التجاريون الذين يمارسون عملهم وقت صدور هذا النظام ولا ينطبق عليهم نص المادة الأولى، يمنحون فرصة لتصفية أعمالهم ونقلها إلى الوكلاء التجاريين السعوديين خلال مدة لا تزيد عن سنتين من تاريخ العمل بهذا النظام.

ويعين وزير التجارة والصناعة هذه المدة الزمنية بالنسبة لكل شخص على سواء بشكل منفصل مراعياً في ذلك سرعة التصفية وطبيعة عمله والقيد الزمني.  وفيما يتعلق في المادة الرابعة: كل من يزاول أعمال الوكالات التجارية بالمخالفة لأحكام هذا النظام يعاقب بغرامة مالية لا تقل عن ألف ر. س ولا تزيد عن خمسة آلاف ریال، فإن كانت المخالفة لأجنبي أو لشركة سعودية فيها شريك غير سعودي كانت العقوبة بالإضافة للغرامة المالية تصفية أعمالها، مع جواز الحرمان من ممارسة التجارة ابداً، أو لمدة معينة. بينما تنص المادة الخامسة على أن تحدد رسوم القيد في سجل الوكالات بخمسين ريالات للتاجر الفرد ومئة ر. س للشركة، حيث يتم دفع الرسوم مرة واحدة.

وصدر نظام المعايرة والمقاييس وذلك  في عام 1383/ 1993 ميلادي، ثم أضيف إليه قرار مجلس الوزراء في عام 1384/ 1964 ميلادي بتطبيق النظام العشري للمقاييس في جميع أنحاء المملكة، وينص النظام على أن تكون وحدة الطول هي المتر ومشتقاته، ووحدة الوزن الكيلو جرام ومشتقاته.

إلا أن الاعتماد الكلي على الاستيراد الكامل للاحتياجات من خارج المنطقة لم يستمر، حيث نتج عن معدل نمو المدن وازدياد الوافدين  إليها واكتساب الخبرات وتوفر الإمكانيات والأيدي العاملة ووسائل النقل والطرق، والتجارة الدولية التي أصبحت حافزاً قوياً للتطور الاقتصادي، حيث نتج عن ذلك كله إتاحة مجالات نشطة ومغرية للتجارة الداخلية وتشجيع المستثمرين فأتاح ذلك فتح أسواق جديدة وتوسيع القديم منها وتجديدها وتحديثها، فبدأت المحلات التجارية تعرض أكثر من 1000 صنف من البضائع والسلع، حيث قامت بعرضها أكثر من مئتي مؤسسة تجارية محلية، كما أنشئ حوالي 30 مستودعة لخزن المواد بما في ذلك المواد المبردة والمجمدة وغيرها.


شارك المقالة: