التطور العمراني في الحجاز

اقرأ في هذا المقال


بداية التطور في المجال العمراني:

لقد شهدت منطقة الحجاز في ظل النيابة العامة تطوراً عمراني بالشكل الملحوظ يضم جميع النواحي العمرانية، وكان من أهمها الاهتمام بعمارة الحرمين الشريفين، حيث صدر أمر ملكي في عام 1925/1344 ميلادي لمدير الأوقاف جاء بموجبه بدأه العمل بترمیم المسجد الحرام وإصلاحه، فتم ذلك في أسرع وقت، كذلك صدر الأمر الملكي الذي جاء بموجبه تبليط المسعى.

قام المجلس البلدي في مكة المكرمة التقديم بإطار ميزانيته السنوية للأمير فيصل مشروع رصف طريق المسعى بالحجارة في عام 1926/1345 ميلادي، حيث شكلت لجنة برئاسة أمين العاصمة المقدسة للقيام بذلك العمل، وتقرر أن يكون التبليط بالحجر الصوان المربع، وبعد عملية الانتهاء من البناء تم إقامة حفل كبير بخصوص هذا الشأن حضره الأمير فيصل، وتم فيه وضع حجر الأساس لطريق المسعی.

ترميم المسجد الحرام من الداخل والخارج:

في عام 1927/1346 ميلادي أصدر الملك عبد العزيز أوامره التي تنص على ترميم المسجد الحرام من الداخل والخارج على نفقته الخاصة، حيث استمر العمل بذلك حتى عام  1928/1347 ميلادي، فلم يترك شيئاً بالمسجد الحرام إلا وقد أُصلح بالشكل الکامل، حتى عاد إلى المسجد الحرام رونقه الجميل المبهج.

لقد وجه الأمير فيصل كل الاهتمام بعمارة المسجد الحرام منذ مرحلة مبكرة جداً، فقد قام بناء على أمر والده الملك عبد العزيز عام  1936/1936 ميلادي بتكوين هيئة العمارة للمسجد الحرام، وقد أشرف سموه على أعمال الهيئة حتى تم الانتهاء من عمارة المسجد الحرام وإصلاحه وترميمه بالشكل التام، كذلك أولى الأمير فيصل اهتمامه بكسوة الكعبة المشرفة ففي عام 1927/1346 ميلادي أصدر الملك عبد العزيز أمره بتأسيس دار خاصة لصنع كسوة الكعبة المشرفة، وكلف الأمير فيصل ووزير المالية بتنفيذ ذلك الأمر، حيث شيد المصنع وانتهى بناؤه في عام 1927/1346 ميلادي، وقد تم تزويده بجميع الأدوات اللازمة من الآلات والمواد الخام وغيرها.

كسوة الكعبة المشرفة:

في عام 1928/1346 ميلادي أنتج المصنع أول كسوة سعودية للكعبة، وكانت الكسوة مصنوعة من ثوب حرير طبيعي الأصيل، وصبغ باللون الأسود وكتب على الثوب آیات قرآنية حيكت مع خيوط الذهب، كما تم في عام 1928/1346 ميلادي تركيب ماكينة الكهرباء والإضاءة في المسجد الحرام، ثم أضيفت ماكينة جديدة إضافة بجانب الماكينة السابقة لتحسين عملية الإضاءة، فقد أقيمت المظلات في الحرم المكي الشريف؛ لحماية المصلين من الشمس أثناء الازدحام في موسم الحج.

أما بالنسبة للمسجد النبوي الشريف فقد اهتم الملك عبد العزيز بإصلاحه وتنظيمه، حيث بدأت تلك الإصلاحات عام 1929/1348 ميلادي واستمرت حتى عام 1935/1354 ميلادي، فقد تمت العديد من الاستصلاحات بالمسجد النبوي الشريف وكان من أبرز ذلك إصلاح أرضية الأروقة المحيطة بالصحن.

فيعد أعظم ما قام به الملك عبد العزيز في المدينة المنورة هو إصلاح المسجد النبوي وتوسعته، فقد أعلن في عام  1949/1368 ميلادي أمره بطلب قدوم المهندسين المصريين ليقوموا بدارسة ذلك المشروع، ووضعوا التصميم المناسب له، وقاموا بنزع ملكيات عدد كبير من المنازل والمحلات المجاورة له ليستطيعوا تكملة التوسعة، وشاركوا في أعمال الإصلاح والتوسعة والتي انتهت عام 1952/1372 ميلادي.

تعبيد الطرق:

أولت حكومة الدولة السعودية الاهتمام بتعبيد الطرق، ومن أهمها طريق مكة/ جدة عام  1927/1346 ميلادي، وكانت مشاريع تعبيد الطرق تباشر العمل بها تحت الإشراف بالشكل المباشر من الأمير فيصل الذي أظهر اهتمام كبير في متابعة واستمرار عمليات تعبيد طريق مكة/ جدة من خلال زياراته المتكررة لمواقع العمل، وفي عام 1929/1348 ميلادي تم تأسيس محلات تجارية انتشرت في الطريق بين مكة وجدة، كانت توفر للحجاج في أثناء سفرهم ما يحتاجون إليه من طعام وشراب وأماكن للنوم وغير ذلك.

حيث تم تأسيس مدينة الحجاج كانت تقع بالقرب من ميناء جدة الإسلامي، لتقوم في توفير الراحة اللازمة لهم وجميع أنواع الخدمات للحجاج، كذلك وجه الملك عبد العزيز اهتمامه بالزراعة والري فحفرت الآبار وجلبت المعدات الزراعية من حفارات وحراثات وغيرها، وتم تقديمها للمزارعين بدون مقابل للعمل على تشجيعهم ودعمهم للقيام بذلك العمل.

فقد كانت الحجاز في ذلك الوقت تعاني من نقصن الماء، فرأى الأمير فيصل بضرورة معالجة تلك المشكلة من خلال توفير المضخات الحديثة لرفع المياه من الآبار، فأمر بشراء عدد منها من البلدان الأوروبية وجرت تجربتها في أماكن مختلفة أسفرت عن نجاح كلي كان له التأثير الكبير في دعم المزارعين، وتشجيعهم على استخدام مثل هذه المضخات في مزارعهم الخاصة.

كما بذل جهوداً كبيرة في توصيل المياه بالأنابيب إلى المنازل في مكة المكرمة، ثم إلى بقية المناطق الأخر، كما أمر الملك عبد العزيز بإصلاح عين زبيدة وتعميرها، وقام في الأمر بتأسيس خزانات كبيرة في الأماكن العالية من مكة المكرمة، وكذلك إصلاح الصهاريج القديمة، لتوفير المياه للأهالي والحجاج.

حيث تم تجديد عمارة سبيل ماء في الحديبية تم بنائه في نهاية العصر العثماني في عام 1934/1362 ميلادي، كذلك اهتم الملك عبد العزيز ببئر زمزم، ففي عام 1926/1345 ميلادي أسس سبيلاً للشاربين، ثم أمر بالعمل على تطوير وتجديد السبيل القديم بحيث يصبح مقابل للجديد.

وفي عام 1927/1346 ميلادي أنشئ سبيل ثالث، وتم في العام نفسه وضع آلة رافعة على بئر زمزم لضخ المياه وتوزيعه بالأنابيب على أطراف الحرم، وقامت الحكومة السعودية بتأسيس مصانع الثلج في مكة المكرمة، لخدمة الحجاج ،وفي ذلك إشارة ودليل على مدى الجهود التي بذلتها الحكومة السعودية، للقيام بخدمة الحجاج والأهالي رغم قلة إمكاناتها المادية في ذلك الوقت.

بناء السدود:

وجه الأمير فيصل اهتماماً كبيراً في عملية بناء السدود في أعلى مكة المكرمة؛ لحمايتها من فيضانات السيول وخاصة خزان عين زبيدة الذي افتتحه في عام 1929/1348 ميلادي، وقام بإهداء إدارة هيئة العين سيارة لتستخدمها في أعمالها من نفقته الخاصة، ففي عام 1927/1346 ميلادي صدر أمر ملكي بتشكيل لجنة خاصة لإدارة عين الزرقاء المتواجدة في المدينة المنورة، حيث تم تنظيفها وتوسعتها، وإقامة قنوات جديدة من الأنابيب؛ لإيصال المياه إلى أهالي المدينة بالعوض عن قنواتها القديمة.

كذلك اهتم الأمير فيصل في القيام بعملية تعبيد وسفلتة جميع طرق وشوارع المدينة المنورة، حيث لاحظ أنّ تلك المشاريع العمرانية وغيرها مما تم ذكره كانت عندما بدأت تتماثل بالبساطة والتواضع، بما يتناسب ويتوافق مع إمكانات الدولة في ذلك الوقت. لكن ما لبثت البلاد كثيراً حتى دخلت عهد الاستقرار وتوحيد الدولة واستخراج البترول بكميات تجارية عام 1938/1357 ميلادي، بالإضافة إلى دخول مفاهيم الحضارة الغربية إلى البلاد عن طريق التواصل بين السعوديين والدول الخارجية، بما لا يتعارض مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.


شارك المقالة: