التعليم العالي:
إنّ المعنى هنا المشار إليه بالتعليم العالي هو جميع أنواع التعليم التي تأتي بعد التعليم الثانوي أو ما يقابلها، حيث تقوم بتقديم مراكز التدريب المهني والمعاهد العليا والكليات والجامعات. والتعليم العالي كغيره من أنواع التعليم، فقد حظي في الدولة السعودية باهتمام خاص من المسؤوليه؛ ويرجع ذلك إلى الرابط القوي بين التعليم العالي والتنمية وأيضاً استجابة حكومة الدولة السعودية لشدة الطلب الاجتماعي على هذا النوع من التعليم الذي حرم منه أبناء المملكة في القديم.
وقد شاعت الحاجة إلى ذلك النوع من التعليم في الدولة السعودية بعد أن أخذ المعهد العلمي السعودي الذي تأسس عام 1347 هجري والمدارس الثانوية الأخرى بتخريج طلابها الذين يكملون تعليمهم فيها؛ إذ إنّ العديد من هؤلاء المتخرجين كانت تقوم بعملية اختيارهم مدرسة تجهيز البعثات التي تأسست عام 1355 هجري، لكي تقوم في إرسالهم إلى الخارج لمتابعة والاستمرار بدراستهم في الكليات والمعاهد خاصة في العديد من الدول ومنها مصر.
أما الأشخاص الذين لم يشملهم هذا الاختبار وهم العدد الأكبر من الخريجين، فكانت غالبيتهم تتوجه نحو الوظيفة الحكومية سواء في التدريس أو غيره والبقية كانوا يتوجهون نحو العمل الحر أو العمل الخاص کالتجارة وما شابه ذلك.
لكن حاجة المملكة من الخريجين المؤهلين علمياً كانت تتضاعف يوم بعد يوم؛ وذلك بسبب زيادة توسع مؤسساتها وتوسعها إلى جانب أنّ المدارس التي بدأت الدولة القيام بعملية افتتاحها على نطاق واسع وبسرعة زادت حاجتها إلى مدرسين وهيئات إدارية، فأصبحت بحاجة إلى أشخاص يمتلكون الكفاءات العالية أكثر مما كانت، وكان السبب وراء ذلك يعود إلى مدرسة تحضير البعثات وغيرها في ذلك الوقت.
ومن هنا جاءت الحاجة إلى فتح العديد من الكليات والمعاهد والجامعات داخل حدودد المملكة العربية السعودية؛ لمواكبة التطور الذي تشهده المملكة في ذلك الوقت. وجاء ذلك بعد عام 1957 ميلادي، حيث عُدَّ علامة واضحة في تاريخ التعليم العالي السعودي، أي بعد تأسيس وزارة المعارف بأربع سنوات فقط، وهي ظاهرة نادرة في العالم كله، دلت على أنّ هذه الدولة ترغب في نشر العلم بمختلف مراحله في صفوف أبنائها وبطريقة صحيحة وسريعة.
ويبدأ هذا هذا النوع من التعليم خارج البلاد وداخلها، وقد سبق النوع الأول في وجوده، واندفع المتخرجون في مدرسة تحضير البعثات في بعثات خارجية عام 1957 ميلادي، وسبق ذلك بعثات للخارج قبل مدرسة تحضير البعثات کالبعثة إلى مصر عام 1347/ 1937 ميلادي. وحين تسلمت وزارة المعارف مسؤولية التعليم استمرت في إرسال الأعداد الكبيرة إلى كثير من الدول في مختلف أنحاء العالم، ولم تشترط على الراغب في الدراسة في الخارج إلا أن يخصل على 70٪ من مجموع درجات الشهادة.
أهداف التعليم العالي في المملكة العربية السعودية:
التعليم العالي أو الجامعي بمختلف أشكاله ومستوياته هو مرحلة من مراحل التخصص الأكاديمي، لذلك ينبغي أن يقوم بعملية المساعدة في تطوير العملية التعليمية، وأن يقوم بسد احتياجات المجتمع المستقبلية، لذلك كانت أهداف مثل هذا النوع من التعليم تهدف إلى تنمية الولاء لله سبحانه وتعالى، وتزويد الطالب بالتربية الإسلامية التي تجعله يشعر بمسؤوليته أمام الله، ويضع كل طاقاته في المفيد من الأعمال، كذلك العمل على إعداد مواطنين قادرين ومؤهلين على أداء واجباتهم في خدمة وطنهم.
وكذلك دفع من خلالة الدولة إلى التقدم والتطور في ضلّ مبادئ الإسلام العظيمة، بالإضافة إلى تهيئة الفرصة أمام الموهوبين من الطلاب لمواصلة دراستهم العليا في كل مجالات التخصص المتواجدة، والقيام بدور إيجابي في ميدان البحث الذي يسهم في تقديم الفنون والآداب والعلوم والابتكارات وإيجاد الحلول العلمية لمتطلبات الحياة، وكان يهدف التعليم العالي كذلك إلى تنمية التأليف الذي يثمر لخدمة العلم لإظهار الفكر الإسلامي وترجمة العلوم وقواعد المعرفة المفيدة إلى لغة القرآن، والعمل على تمكين الدولة من أداء دورها القيادي في بناء الحضارة الإنسانية القائمة على المبادئ السامية للإسلام.
كانت الحكومة بالدولة السعودية تهدف من وراء هذه الدراسات الجامعية إلى تقديم خدمات التدريب التي تمكن الخريجين العاملين من دفع التطور الجديد خطوات إلى الأمام. ولقد أثرت في مسيرة التعليم العالي في المملكة بوجه عام، والجامعي بوجه خاص مجموعة من العوامل كان من أهمها ما يلي: حداثة التعليم الجامعي، فالتعليم الجامعي بمعناه الحديث إدارة وتنظيم، ظهور عهد حديث في الدول العربية وبالتالي فقد ظهر في الدولة السعودية، التطور بالنمو الاقتصادي حيث ازداد إنتاج المملكة من النفط وتضاعفت أسعاره وأدى ذلك إلى التوسع السريع في فتح مؤسسات التعليم العالي القائمة وغيرها من العوامل.