الرعاية الصحية في عهد الملك سعود ين عبدالعزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


الرعاية الصحية في المملكة:

لقد كانت الانطلاقة الأولى للخدمات الصحية في المملكة على يد الملك عبد العزيز عندما تسلم زمام الأمور وأعلن توحيد المملكة. وقبل الطب الحديث كانت الخدمات الصحية في منطقة الجزيرة خاصة والبلاد العربية عموماً سيئة، حيث كانت تنتشر الأمراض المعدية، والأوبئة التي تفتك بالسكان، إلى جانب القحط والجفاف الذي كان يؤدي إلى هلاك لكن تقدمت الخدمات الصحية منذ عهد الملك عبد العزيز وانتشرت المستشفيات والمحاجر الصحية والأطباء خاصة بعد إنشاء مديرية الصحة في 1344 هجر ي، فكانت هذه هي المرحلة الأولى للخدمات الصحية في المملكة

ولم تعد وزارة الصحة وحدها في الميدان بل شاركها في تقديم الخدمات جهات حكومية أخرى مثل وزارة الدفاع والطيران التي أنشأت إدارة اللجنة العسكرية عام 1370/ 1950 ميلادي، وافتتحت لها مستشفيات بمختلف مناطق المملكة ابتدأتها في عام 1373/ 1903 ميلادي، بإنشاء مستشفى لها في الرياض وكان يعرف بمستشفى الملك سعود، كذلك وزارة المعارف عن طريق مديرية الصحة المدرسية، أما الصحة المدرسية فدخلت خدماتها عام 1374/1954 ميلادي حيث افتتحت عدد من وحدات الصحة المدرسية في المدن الرئيسة في المنطقة.

استقلال وزارة الصحة في الدولة السعودية:

عندما بدأت الدولة الدخول في مرحلة جديدة من التنظيمات الإدارية في عهد الملك سعود أصدر مرسوم ملكي باستقلال وزارة الصحة عن وزارة الداخلية في عام 1374/ 1954 ميلادي، وأصبح لها وزير خاص بها الدكتور رشاد فرعون، وأخذت ميزانية وزارة الصحة ترتفع أرقامها كل عام مع ازدیاد موارد الدولة البترولية من 39549458 عام 1374/ 1954 ميلادي حتى بلغت في عام  1385 هجري 117,390,000 ر.س.

مخازن الأدوية في المملكة:

نستطيع أن نوجز ما قامت به المملكة خلال هذه المرحلة من تطور في الخدمات الصحية في النقاط الآتية: زيادة عدد الجهات الحكومية التي تقدم الخدمات الصحية من وزارات وشركات والتي توفر التأمين الصحي للعاملين لديها. وكذلك دخول القطاع الخاص ليكون طرفاً في تأمين خدمات صحية من المستوى الثاني من خلال افتتاح صيدليات ومخازن للأدوية

من أشهر هذه المخازن التي انتشرت في المملكة خلال تلك المرحلة: في مكة، مخزن أدوية الحجاز، الصواف. في جدة: مخزن أدوية السقاف، جدة. في المدينة، مخزن أدوية السمان، النجاح. في الطائف: مخزن أدوية السعودي، الطائف، بهاء الدين. في الرياض: مخزن أدوية نجد، البسام، الشميسي. في الخبر والدمام: مخزن أدوية العلم الأخضر، الشفاء الإحسائي.

الخدمات الإسعافية في المملكة:

دخول الخدمات الإسعافية للمنطقة للعام 1383 هجري، من خلال جمعية الهلال 6 الأحمر السعودي. إنشاء مندوبية الشؤون الصحية. دخول التعليم الطبي للمنطقة، وذلك بإنشاء المعهد الصحي للبنين عام  1380 هجري، ومعهد صحي للبنات عام 1381/1991 ميلادي .

وقاموا في تكوين السيارات للوحدات الطبية، ووحدات المكافحة السيارة لإيصال وسائط العلاج والوقاية لأهل البادية وسكان القرى النائية. وكذلك توفير الخدمات الصحية للحجاج ولوفود الزوار، وضمان جمع الأسباب التي تكفل لهم الصحة. وكذلك رفع المستوى الصحي بين أفراد الشعب عن طريق تهيئة موظفين صحيين من المواطنين بتدريبهم على طرق العلاج والوقاية.

قامت الدولة  في ردم المستشفيات ومكافحة البعوض، وبناء المستشفيات والمستوصفات وتنظيم حملات التطعيم، وتوفير المواد الغذائية، ومياه الشرب النقية، والسكن الصحي. ومن أهم المشروعات التي قامت بها وزارة الصحة: إنشاء محجر صحي كامل في مدينة جدة عام 1959/ 1379 ميلادي، حيث يتالف من 150 مبنی، وقسم إلى قسمين، أحدهما خصص للحجر الصحي، ومجهز بأحدث الوسائل، أما القسم الثاني فيضم مكاتب الإدارة، والحمامات العامة وأجهزة الغسيل والتجفيف.

بالإضافة إلى مختبر حيوي حديث، ومدرسة للتدريب الصحي، وروعي في المستشفى العام الذي أقيم في وسط هذا المحجر أنّ يتسع لأكثر من 40 مريضاً، وتقام فيه غرفة عمليات بالإضافة إلى أقسام الأشعة والعلاج والصيدلة، ولقد وضع خبراء الصحة العالمية مخطط هذا المحجر، وكلف الدولة حوالي 15,000,000 ر.س. وكان من نتائج إنشائیان اعترفت منظمة الصحة العالمية بالتقدم الصحي في المملكة، والفيت التدابير الاستثنائية التي كانت تفرض على الحجاج.

وقد أشاد الشعراء بهذا العمل الجليل من هؤلاء محمد جميل الحجيلي انتشار المستشفيات في كبرى مدن المملكة سواء الحكومية أو الأهلية، وأصدرت وزارة الصحة تسعيرة خاصة بالمستشفيات الخاصة وحددت أجور العلاج والعمليات بعد أنّ كثرت الشكاوي في المغالاة بهذه الأسعار، فصدر القرار السامي الخاص بتسعيرة العلاج في العيادات والمستشفيات الخاصة وعلى الجميع الالتزام بها.

وكان من ضمن التعليمات الواجب على هذه المستشفيات اتباعها: لا يعمل في هذه المستشفيات إلا من يحمل رخصة من الوزارة. ولا يؤخذ أجر مقابل عمل المضادات والقطرات والحقن تحت الجلد أو العضل أو الوريد. ويجب على إدارة المستشفى أن تعطي لكل مريض عند خروجه کشفاً يحوي بياناً تفصيلياً عن الأجور التي عليه. وقيمة جميع العلاجات والأدوية والإبر التي تصرف للمريض داخل المستشفى تابعة للتسعيرة العمرية في الأدوية المحدد سعرها والمعفاة من الرسوم الحكومية، وباقي الأدوية حسب تسعيرة الأسواق المحلية. إنّ وزارة الصحة مرجع لكل خلاف يحدث بين المستشفيات والمراجعين. ولوزارة الصحة الحق في تفتيش المستشفيات ومراقبة تنفيذها اتباع للأنظمة.

الوحدات الصحية في الأرياف والقرى:

انتشرت الوحدات الصحية في الأرياف والقرى والبوادي. ومن الجدير في الذكر أنّ بعض هذه المستشفيات للأمراض العامة، ومنها ما هو متخصص في نوع واحد من الأمراض مثل الأمراض الصدرية والعيون وغيرها، ويتولى العلاج فيها عدد من الخبراء والمختصين الأجانب ومن أبناء البلد. وزاد عدد هذه المستشفيات عام 1379/ 1957 ميلادي وعدد المراكز الصحية والمستوصفات ويعالجون فيها بالمجان وتصرف لهم الأدوية المجانية.

ومن أشهر المستشفيات التي افتتحت في ذلك الوقت مستشفى الملك سعود أو مستشفى الرياض العام، والذي  تم تأسيسه في عام 1959/ 1349 ميلادي، ويعد أكبر مستشفى وأحدث مركز طبي من نوعه في الشرق الأوسط، ويتألف من خمسة أدوار، ويقدم جميع أنواع الخدمات الطبية وأحدث ما توصل إليه العقل البشري في هذا المجال.

وقد افتتحت الكثير من المستشفيات في مختلف مناطق المملكة موزعة فيما يلي على الرياض بريدة، عنيزة، شقرا، المجمعة، حائل، بيشة، جازان، أبها، ومزودة بمختلف الأدوية الطبية وأحدث الآلات الجراحية، وأصناف الأدوية الكافية لتموين تلك المستشفيات وزودت بالأطباء اللازمين والممرضين وغيرهم من الموظفين والفنيين والمساعدين. ومن أجل القرى والبوادي قام جلالة الملك سعود بشراء أربع مستشفيات متنقلة من حسابه الخاص تجوب البادية والقرى وتقدم العلاج والدواء مجاناً، وتبلغ تكاليفها سنوياً حوالي  400 ألف ر.س.

لقد كان بسبب التعاون الوثيق بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، نتج عنه القيام بعدة مشروعات صحية مهمة، منها ما يلي: المشروع الوقائي وهو مشروع صحي نموذجي أقامته في مدينة الدمام، لتحقيق برنامج نشر الصحة الأساسية ويهتم هذا المشروع بتدريب جميع المشتغلين بالشؤون الصحية في المملكة على جميع المستويات الصحية ومستلزماتها، ويتولى عدد من الخبراء العالميين الإشراف على هذا المشروع، وتمرین فريق سعودي آخر ليحل محل الخبراء العالميين من ناحية، وليدربوا فريق سعودية جديدة من ناحية أخرى.

كذلك مشروع مكافحة الملاريا في جميع أنحاء المملكة، وعممت وزارة الصحة التطعيم الإجباري على جميع أبناء المملكة وذلك وقاية لهم من داء الجدري، حيث كانت الفرق الطبية تدور بين بيوت الأهالي، والمؤسسات ودور الحكومة وفي كل مكان من أجل  القيام في تطعيمهم.  وكذلك مشروع السنوات الخمسة ويتضمن إنشاء شبكة من المراكز الصحية للأمراض المعدية وقد قامت وزارة الصحة، في إنشاء عدد من المراكز والمحطات الصحية في مناطق المملكة، والتي كانت تمثل شبكة ضد الأمراض المعدية والمستوطنة، فكانت كفيلة بالتصدي للأمراض المعدية، الأمر الذي أسهم في انحصار هذه الأمراض وخلو بعض المناطق منها.

وزيادة في الاحتياط فقد صدر مرسوم ملكي عام 1379/ 1959 ميلادي بنظام التدابير الصحية للوقاية من الأمراض السارية. والهدف من هذا المرسوم الملكي هو حماية المجتمع من تلك الأمراض والوقاية منها خاصة الأمراض السارية أو المعدية. ومن أشهر تلك الأمراض الكوليرا، الطاعون، الجدري الحمى بأنواعها الصفراء أو التيفوس أو الراجعة، الحصبة، السعال الديكي، الخناق الغشائي (الدفتيريا)، واتخذت الدولة جميع التدابير من تطعيم  وحجر  وعلاج  وشمل هذا الأمر جميع سكان المملكة بلا استثناء الحضر والبدو.

وقد شهد عام 1380/ 1960 ميلادي تحولاً كبيراً في الخدمات الصحية، حيث تم إعادة تشكيل الوزارة مرة أخرى ومن أهم معالم التحول إنشاء ثلاث مديريات عامة للصحة الأولى للصحة الوقائية والثانية للصحة العلاجية والثالثة للشؤون المالية والإدارية وترتبط المديريات الثلاث بمدير عام الوزارة.

كما أنشئت برئاسة الوزارة إدارات للمشروعات والتخطيط والصحة الدولية والتموين الطبي وكلها ترتبط مباشرة بمعالي وزير الصحة، وفي ظل هذا التطور عملت الوزارة على الارتقاء بجميع الخدمات الوقائية منها والعلاجية. وفي عام 1282/ 1992 ميلادي صدر مرسوم ملكي آخر بنظام المحلات المقلقة والمضرة بالصحة، ويقضي المرسوم بعدم فتح المحلات المقلقة والمضرة بالصحة أو تشغيلها، إلا بترخيص سابق من وزارة الداخلية أو من الجهة التي تحددها هذه الوزارة.


شارك المقالة: