المجلس البلدي في عهد الملك عبد العزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


المجلس البلدي في الدولة السعودية:

اهتم الملك عبد العزيز منذ دخوله مكة المكرمة بالعديد من الأمور خاصة بالشؤون البلدية فقام بوضع المرتكز الأساسي لقيامها بمهامها وواجباتها، وكانت أول ما قام به هو تأسيس مجلس بلدي مهمته النظر في جميع الأمور المتعلقة بالبلدية، كالميزانية والأنظمة والتعليمات والمشروعات التي تقوم بها البلدية وغيرها، حيث كان المجلس البلدي يصدر قرارات لبعض الأعمال لتنفيذها، كذلك شكل المجلس البلدي بالمدينة المنورة لدراسة القضايا المحلية المتعلقة بالتخطيط والعمراني والشؤون البلدية عامة.

وكانت قرارات المجلس البلدي في بداية الأمر ترجع إلى المجالس الأهلية لتقوم بدراستها واتخاذ القرار، ومن ثم ترفع إلى الملك عبد العزيز للموافقة عليها، وبعد استسلام جدة أسست وظائف محددة للبلدية، حيث أصدرت الهيئة التأسيسية قرار يتم بموجبه تشكيل دائرة بلدية في مكة المكرمة التي تكونت من: رئيس البلدية ورئيس الكتاب ومحاسب وكاتب وأعضاء، وكاتب للمجلس البلدي وأمين للصندوق ومهندس للبلدية و 16 عضواً باسم ضابطة البلدية.

وفي عام 1926 ميلادي أمر الملك عبد العزيز بالبدأ بتنفيذ ذلك التشكيل، حيث تم حل المجلس البلدي بمكة المكرمة بسبب التقصير في إدارة البلدية، وانتخاب مجلس جديد برئاسة نائب الحرم مع مجموعة من أهل مكة المكرمة في عام 1345/ 1926 ميلادي.

وعند صدور التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية كانت تنص على تأسيس إدارات محلية تهتم وتعتني بالشؤون البلدية في المنطقة، وما تضمنته تشكيل مجلس عمومي بلدي في مكة المكرمة، وكذلك في المدينة المنورة وجدة وأن لا يتجاوز عدد أعضاء المجلس العموم البلدي في مكة المكرمة 12 عضواً وفي المدينة المنورة وجدة 8 أعضاء، وكانت تلك المجالس تعقد في كل شهر مرة أو أكثر، برئاسة أحد الأعضاء الذي ينتخبه المجلس في كل جلسة.

صلاحيات مجالس البلدية:

لقد حددت صلاحيات تلك المجالس حيث تقوم بالنظر في جميع الأمور ذات الصلة بالبلديات واتخاذ القرارات بخصوصها، وكانت قرارات المجلس العمومي البلدي في مكة المكرمة ترفع للنيابة العامة، وفي المدينة المنورة وجدة للقائم مقامية، وبعد أن يتم تدقيقها تعرض جميعها على النيابة العامة، وبعد مراجعتها والتصديق عليها تعيدها إلى النيابة العامة ثم ترفع إلى الملك عبد العزيز للتصديق عليها بالشكل النهائي.

وقد بدأت بلدية مكة المكرمة اختصاصاتها بناء على ما جاء في التعليمات الأساسية، إلى أن صدر نظام دائرة البلدية، وتأسست بموجبه دائرة بلدية ضمت مكة المكرمة وموقع مني والشهداء وأطلق عليها أمانة العاصمة بأمر ملكي في 1346/ 1927 ميلادي، بعد زيادة سلطاتها ومسؤولياها. كما أطلق على من يترأسها أمين العاصمة وكان مرجعها النيابة العامة.

مهام أمانة العاصمة:

لقد تركزت مهام أمانة العاصمة على إدارة جميع الأمور التي تهم البلدية منها:

  • تنظيم البلد والقيام بتنظيفه.
  • مراقبة الإنشاءات.
  • توسيع الطرق.
  • مراقبة أسعار السلع ومنع احتكارها.
  • مراقبة المكاييل والموازين والمقاييس.
  • مراقبة نظافة الأفران والمطاحن ومصادرة المأكولات والمشروبات غير الصحية.
  • تنظيم الذبائح ومراقبة نظافتها.
  • الإشراف على انتخاب رؤساء الحرف والصناعات، ومراقبة أعمالهم.
  • الإشراف على شؤون المقابر والمغاسل وتعميرها وتنظيفها. وأعمال الرفق بالحيوان، وتطبيق الجزاء على من يخالف الأنظمة.
  •  نزع الملكيات لتوسيع الشوارع.

ويتكون مجلس أمانة العاصمة من 6 أعضاء، يعنون من قبل النيابة العامة لمدة سنتين قابلة للتجديد، وكانت الهيئة تعقد جلستين أو أكثر كل أسبوع برئاسة أمين العاصمة أو من يقوم بمساعدته، ويتم نصاب جلساتها بحضور ثلثي الأعضاء والرئيس، وتتخذ قراراتها بأكثرية آراء الحاضرين.

شعب إدارة أمانة العاصمة:

إنّ إدارات أمانة العاصمة فقد تم توزيعها إلى العديد من الشعب منها: رئيس الكتاب والمحاسب ورئيس المفتشين ومهندس وأمين الصندوق ويعينون عن طريق النيابة العامة بترشيح من أمين العاصمة وموافقة هيئة الأمانة عليهم، وقد كان المقصد الأساس لظهور البلديات هو جعل الهيئات المحلية تتمتع بخبرة تامة في الشؤون المحلية، وتوكل القيام بذلك قسم من الشؤون العامة، بحيث يكون ذا طابع محلي، أو مما هو فرعي بالنسبة إلى الشؤون العامة التي تقوم الإدارة الحكومية بإدارته.

فقد خصص للبلديات موارد منفصلة عن موارد الدولة المالية، وكذلك فصلت حساباتها عن الحسابات العامة مع خضوعها لها من حيث التفتيش والمراقبة للميزانية، بحيث تقوم بعرضها على الحكومة للموافقة عليها، وعلى ذلك الأساس تقاس الرسوم البلدية وتصرف على البنود المقررة لها، وكان لكل بلدية ميزانيتها واختصاصاتها، إلا إنّ بلدية مكة المكرمة تميزت عن غيرها من البلديات، حيث كانت أكبر وأكثر دخل من غيرها.

نظام دائرة البلدية:

وبعد صدور نظام دائرة البلدية أمر الملك عبد العزيز بحل المجلس البلدي السابق لأمانة العاصمة بجميع هيئاته، وذلك بناء على التحقيقات التي أجرتها لجنة التفتيش والإصلاح، وبناء على ما اقترحه النائب العام وعيم محمد بن يحيى بن عقيل أمين لبلدية مكة المكرمة، وأمين سجيني معاوناً له، كما تم تعيين موظفون جدد بالأمانة، وانتخب أعضاء مجلس أمانة العاصمة،  كما أن لجنة التفتيش والإصلاح قامت بزيارة المدينة في عام 1346/ 1927 ميلادي للنظر في العديد من الأمور، وعندما عادت إلى جدة رفعت تقريرها إلى الملك عبد العزيز، وضمنته توصياتها بإجراء تعديلات في الإدارات وحكامها.

ومن أهم ما جاء بها هو تكوين المجلس البلدي برئاسة محمد حسن السمان، كما تم تكوين مجلس بلدية جدة، ويتألف من رئيس وأعضاء إداريين، برئاسة الشيخ علي سلامة، حيث منح الملك عبد العزيز لأمانة العاصمة جزءً من الاستقلال الذاتي من خلال تشكيلات المجالس البلدية، وهي مجالس تتولى إدارة الشؤون المحلية، وتقوم بتقديم المشورة للملك عبد العزيز، كما جعل لها صفة حكومية متمثلة في إقامة هيكلها الإداري والتنظيمي وما يحكمها من ضوابط.

وجراء ذلك فقد تم تطبيق مبدأ الشورى الإسلامي، والحث على ضرورة المشاركة الشعبية في إدارة الحكومة بما يحقق المصلحة العامة، وهكذا نلاحظ أن ما تم ذكره من المجالس والوزارات والإدارات المختلفة، والتي تأسست بعد ضم الحجاز، كانت قد أسهمت بدور كبير في تطور البلاد في جميع الميادين والمجالات، لم تنحصر في الحجاز فقط بل امتدت لتضم أعمالها وخدماتها جميع مناطق الدولة السعودية.

بالإضافة إلى الدور الكبير والشامل الذي قام به الأمير فيصل من خلال قيامه بعملية الإشراف على تلك المجالس والوزارات، والتي كانت ترجع في جميع قراراتها إلى النيابة العامة، فلم يتباطأ الأمير في بذل كل جهوده واهتمامه وعنايته بها وقيامه بالإشراف على شؤونها، وقد عمل بكل جد وإخلاص لتطويرها وتحديثها، وفي وقت وازن به الأمير فيصل بين اهتماماته بالشؤون الداخلية والخارجية.


شارك المقالة: